• Saturday, 23 November 2024
logo

هل تغير الولايات المتحدة من سياستها في العراق؟

هل تغير الولايات المتحدة من سياستها في العراق؟

د. نزار خورشيد مامه

 

لا يخفى على المراقب للشأن العراقي التسارع الكبير التي تأخذه الأحداث في الساحة العراقية خلال الفترة الأخيرة، مما يجعلنا نقف أمام تساؤلات عديدة حول المستقبل الذي ينتظر هذا البلد الذي طالما كان مسرحاً لأحداث كبيرة، وغدا مؤخراً ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية.

وإزاء التصعيد الخطير في الصراع بين القوى الشيعية  من جهة والقوات الأمريكية من جهة أخرى، والتغّير النوعي في طبيعة الهجمات التي تشنها تلك القوى على المصالح الأمريكية في العراق، وسواء أكان هذا التصعيد محسوباً ومتوقعاً من قبل الولايات الأمريكية، كما يراه بعض المراقبين الذين يرون أن هذا التصعيد والتأزم في الوضع السياسي والأمني على حد سواء، ما هو إلا جزء من المخطط الأمريكي، لتجاوز الأخطاء التي وقعت فيها الحكومات الأمريكية السابقة، بحيث تجعل هذه الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، تتجاوز الخطوط الحمراء المسموحة لها، وتستخدم تصرفاتها كذريعة لرد حاسم يضع حداً لإستفزازاتها المتكررة،  وهو جزء من محاولة إصلاح الوضع السياسي، وتهيئة الأجواء لإجراء إصلاحات سياسية من شأنها أن تعالج المشاكل الكثيرة التي أوصلت الدولة العراقية الى حافة الهاوية. في حين يرى آخرون أن التصعيد الأخير قد فاجأ جميع الأوساط السياسية ومن بينها الولايات المتحدة، وأن الولايات المتحدة باتت تواجه خطراً حقيقياً يهدد وجودها في المنطقة، وأن عليها أن تراجع حساباتها وتغيّر من خططها إذا ما أرادت لوجودها العسكري في العراق الإستمرار.

كما أن التغيرات الميدانية التي أعقبت الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان، وسيطرة حركة طالبان على مساحات واسعة من الدولة الأفغانية، بلغت حسب تصريحات قادة طالبان 85% من مساحتها، سيشكل منعطفاً خطيراً في السياسة الخارجية الأمريكية، ومع التسليم بأن الوضع في أفغانستان يختلف بشكل جذري عما هو في العراق، إلا أن ذلك لا يعني أن هناك علاقة وطيدة بين ما حدث في أفغانستان وما يحدث في العراق. وقد اتخذت القيادة الأمريكية بعض الخطوات التي تشير بشكل واضح لا لبس فيه، أن هناك تغييرات جذرية في قواعد اللعبة الأساسية فاللعبة ستطفو على السطح، وسنشاهد تداعياتها في القريب العاجل.

وعلى الرغم من تأكيدات البنتاكون المتكررة على أنها لا تفكر في الحل العسكري في العراق، وأنها مستمرة في جهودها في دعم الحكومة العراقية في مواجهة الميليشيات الشيعية المسلحة والمدعومة من إيران، إلا أن إشارات البنتاكون المستمرة الى خطورة الدور الإيراني المزعزع لإستقرار المنطقة ينذر بتحركات عسكرية وسياسية ستتخذها القوات الأمريكية في القريب العاجل في العراق، خاصة مع تأكيد  البنتاكون المتكرر أن زعزعة إيران للوضع لا يقتصر على العراق فحسب بل يشمل اليمن التي أصبحت الميلشيات الحوثية فيها تشكل تهديداً حقيقياً للمصالح الأمريكية الاستراتيجية في السعودية، ناهيك عن دور حزب الله الذي يحول دون تشكيل الحكومة اللبنانية، مع خطورة الوضع هناك، الأمر الذي بات يهدد وجود الدولة اللبنانية، وهو بطبيعة الحال يتضمن إشارات مبطنة الى أن هذا الوضع لا يمكن السكوت عليه، ولا يمكن بأية حال من الأحوال السماح باستمراره.

كل هذه الأحداث تشير إى أن هناك تغييرات كثيرة ستشهدها الساحة العراقية، وأن الأمور تسير نحو تغيير أكيد في المدى المنظور.

 

 

pdk

Top