شابة من الديوانية تجسد معاناة المرأة في مجتمعها بأعمال فنية مصنوعة من القماش
جاءت الفنانة سرى مؤيد من محافظة الديوانية إلى أربيل، وبجعبتها العديد من المصنوعات الفنية من بقايا قطع القماش، التي عرضتها في معرض جسَّد معاناة المرأة في مجتمعها وما تعانيه من تضييق على الحريات.
وأقيم اليوم السبت الماضي، في مركز فريمينك التعليمي للتصوير بمدينة أربيل معرض فني للشابة سرى مؤيد وهي فنانة من مواليد 1996 من قضاء الشامية في محافظة الديوانية، وخريجة بكالوريوس فنون جميلة/جامعة القادسية عرضت فيه 23 عملاً، مصنوعاً من القماش.
المعرض افتتح من قبل منظمة (غوتة) الألمانية ومنظمة (سيف غاليري) ومركز (فريمينك) التعليمي للتصوير.
وتقول سرى لشبكة رووداو الإعلامية: "جئت من محافظة الديوانية إلى أربيل بعدما أرسلت أعمالي لمنظمة غوته والتي قررت أن أكون ضمن مجموعة هيلان وعن طريق هذا المشروع قدمت إلى أربيل لعرض أعمالي في مدرسة فريمينك".
وبدأت "سرى" باستخدام القماش في صناعة أعمال فنية عام 2016، وتوضح لرووداو: "أعمالي مصنوعة من قطع القماش وهذه المادة معروفة لي كون والدتي تمارس مهنة الخياطة، حيث أقوم بجمع بقايا الأقمشة لأصنع منها أعمالاً طفولية تعبر عن تهميش المرأة والوضع السائد في مناطقنا والعراق بصورة عامة".
وترى أن أعمالها تمثل دعماً للمرأة "كونها عنصراً مهمشاً ومنسياً في المجتمع العراقي وخاصة في محافظة الديوانية حيث تسود أجواء صعبة تحد من حرية المرأة وطموحها، ولا يمكن للمرأة القيام بالكثير من الأشياء وحريتها محدودة ودورهخا يقتصر على الزواج والإنجاب وخدمة الرجل".
وتوجه رسالة للمرأة بحثها على النهوض "لتقول كلمتها فهي قادرة على فعل كل شيء وتحقيق طموحها ولها قوتها التي يمكن أن تضاهي الرجل بها".
وعن معرضها الذي أقيم في أربيل، أشارت إلى أن "أغلب الأعمال المعروضة تعبر عن المرأة والباقي عن الواقع الحكومي"، وتقول: "جئت إلى أربيل لأن مساحة الحرية فيها أكبر من باقي المحافظات وكنت أتوقع أن تنتج المرأة فيها الكثير من الأعمال الفنية الجرئية الحقيقية، لكن الفن قليل في أربيل وفي العراق بصورة عامة".
واختتمت قائلة: "المعرض كان ناجحاً وسط تغطية إعلامية جيدة وهناك تشجيع من الزوار على الفن وأتوقع أن يصل صوتي في الأيام القادمة إلى أماكن بعيدة ممكن تكرار المعارض في أربيل".
وورد في ديباجة الدستور العراقي لعام 2005 : "نَحنُ شَعْب العراقِ الناهضِ تَوَّاً من كبْوَتهِ، والمتَطلعِّ بثقةٍ إلى مستقبلهِ من خِلالِ نِظاَمٍ جُمهورِيٍ إتحاديٍ ديمقْراطيٍ تَعْددُّيٍ، عَقَدَنا العزمَ برجالنا ونِسائنا، وشُيوخنا وشبابنا، على احْتِرامِ قَوَاعدِ القَانُون، وَتحقيقِ العَدْلِ وَالمساواة، وَنبْذِ سِياسَةِ العُدوان، والاهْتِمَام بِالمَرْأةِ وحُقُوقِهَا، والشَيْخِ وهُمُومهِ، والطِفْلِ وشُؤُونه، وإشَاعَةِ ثَقَافةِ التَنَوعِ، ونَزْعِ فَتِيلِ الإرهاب"، فيما نصت الفقرة الأولى من المادة 30 من الدستور على أنه "تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم".
ويظهر مسح صحة الأسرة العراقية أن واحدة من كل خمس نساء عراقيات تتعرض للعنف الأسري الجسدي. كما وجدت دراسة أجرتها وزارة التخطيط أن 36%على الأقل من النساء المتزوجات تحدثن عن تعرضهن للأذى النفسي من أزواجهن، و23% للإساءة اللفظية، و6% للعنف الجسدي، و9% للعنف الجنسي.
وخلال مشاركته في فعاليات المؤتمر الدولي 12 لمناهضة العنف ضد المرأة في العراق، شدد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي في كانون الأول الماضي على أن مصطلح "العنف ضد المرأة" هو مصطلح مخجل لكل مسؤول أو رجل في البلاد، معترفاً أن حماية النساء المعنَّفات في العراق على كل المستويات مهمة غير مكتملة، وأن بلاده بحاجة الى المزيد من الإنصاف وأن الحكومة داعمة لهذا المسعى، وستكون مع أي جهد في هذا الاتجاه.
ويُجرم قانون العقوبات العراقي الاعتداء الجسدي، لكنه لا يذكر العنف الأسري صراحة. بل تمنح المادة 41 (1) للزوج حقا قانونيا في "تأديب زوجته"، وحق للوالدين في "تأديب أبنائهم في حدود ما هو مقرر ... قانونا أو عرفا".
كما ينص القانون على عقوبات مخففة على الأفعال العنيفة، بما في ذلك القتل، بسبب "بواعث شريفة"، أو إذا ما وجد الرجل زوجته أو إحدى قريباته متلبسة بالزنا في علاقة جنسية خارج إطار الزواج.
وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولي في تشرين الأول 2020 فإن هناك أقل من 15% من النساء يشاركن في سوق العمل في كل من العراق والأردن، و 26% فقط في لبنان. وتُعدّ هذه النسب من بين أدنى معدلات مشاركة المرأة في العمل على مستوى العالم، ويشير التقرير إلى أن خلال مرحلة "الاستعداد لدخول سوق العمل"، تحتاج النساء والفتيات إلى المهارات المناسبة للاستعداد للانتقال بنجاح من الدراسة إلى العمل. وتبرز فجوة كبيرة بين الجنسين في هذا الصدد في العراق، حيث لا تتجاوز نسبة الفتيات اللائي يكملن تعليمهن الابتدائي سوى النصف بقليل، مقارنة بثلاثة أرباع الفتيان. ومن بين الأطفال في سن 13 عاماً، يواظب 80% من الفتيان على الذهاب إلى المدرسة، مقارنة بنسبة لا تتجاوز 40% من الفتيات.
وخلال مرحلة "دخول سوق العمل والاستمرار فيه"، فإن النساء يواجهن حواجز قد تمنعهن من الدخول أو تؤدي إلى انسحابهن. ومن بين هذه الحواجز: القيود القانونية، والتوقعات الاجتماعية المقيّدة، والتمييز من جانب أرباب العمل، والتحرش في مكان العمل، والقيود في التنقّل. على سبيل المثال، تعرضت واحدة من بين كل ثلاث نساء في البلدان الثلاثة لتحرش لفظي في الأماكن العامة، وتعرضت واحدة من بين كل خمس نساء في العراق ولبنان وواحدة من كل 10 نساء في الأردن لتحرش جسدي، أما مرحلة "الزواج" فتقترن بمجموعة أخرى من القيود على عمل المرأة في القطاع الرسمي نظرا للقيود الاجتماعية والقانونية المتعلقة بدورها كزوجة. فعلى سبيل المثال، تظهر البيانات الخاصة بالأردن وإقليم كوردستان العراق أن فرص قبول عمل المرأة خارج المنزل تتراجع كثيراً بمجرد زواجها، بحسب تقرير البنك الدولي.
وكان مجلس القضاء الأعلى قد وجه بموجب البيان رقم 9 في 10-1-2021 بتشكيل محكمة تحقيق ومحكمة جنح مختصة بالعنف الأسري في مركز كل منطقة استئنافية، كما قرر في 24 كانون الثاني الماضي أن يكون التحقق والمحاكمة في شكاوى العنف الاسري حسب الاختصاص المكاني لمواجهة العنف الاسري والحد من حالات انتشاره "بما يمكن المتضرر من مراجعة المحكمة المختصة بسهولة ويسر تبعا للمكان الذي وقع فيه العنف الخاضع لولاية المحكمة المختصة مكانيا ونوعيا تحقيقيا للمصلحة العامة".
وفي آب الماضي، أعلنت الحكومة العراقية، إقرار مجلس الوزراء، مشروع قانون "العنف الأسري" الذي من شأنه حماية الشرائح الضعيفة في المجتمع، وخاصة الأطفال والنساء وإرساله إلى البرلمان لمناقشته وتمريره ليصبح نافذاً.
ويأتي إقرار القانون بعد مناشدات من منظمات محلية ودولية واسعة النطاق لسن القانون، عقب تزايد وتيرة حوادث العنف الأسري خلال فترة الحجر المنزلي، ضمن إجراءات احترازية للحد من تفشي فيروس كورونا في الأشهر الماضية.
وكانت أربع منظمات تابعة للأمم المتحدة (صندوق الأمم المتحدة للسكان، ومفوضية حقوق الإنسان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة) قالت في بيان مشترك في نيسان الماضي عن قلقها من ارتفاع وتيرة العنف الأسري بالعراق في ظل جائحة كورونا.
وقالت تلك المنظمات في بيانها، إن "من شأن إقرار قانون مناهضة العنف الأسري ضمان محاسبة مرتكبي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق".
روداو