دانة غاز: إقليم كوردستان لديه 15 ترليون قدم مكعب من احتياطي الغاز الموثق
يرى كثيرون في هذه الفترة أن على حكومة إقليم كوردستان التركيز أكثر على تطوير حقول الغاز، جنباً إلى جنب اهتمامها بالنفط. تعاقدت مجموعة بيرل بتروليوم المؤلفة من شركة كريسنت بتروليوم (شركة نفط الهلال) ودانة غاز مع حكومة إقليم كوردستان وتعمل منذ أكثر من عشر سنوات على تطوير حقول الغاز في إقليم كوردستان.
للاطلاع أكثر على أعمال هذه الشركة وأحدث التحديثات في مجال عملها، ادناه مقابلة مع مدير عام مجلس مدراء دانة غاز والمدير التنفيذي لشركة الهلال، مجيد جعفر.
مجيد جعفر، يعد من أبرز الشخصيات عالمياً في قطاع الطاقة، ويعرف بأنه أكثر قادة العالم شبابا، وصنفته مجلة ميدل إيست مغازين كواحد من 50 شخصية مؤثرة في الشرق الأوسط.
وهذا نص الحوار:
* كيف تسير أعمالكم في مجال التطوير، وما هي استعداداتكم والتقدم في برامجكم التطويرية، وهل بالإمكان أن تحققوا هدف إنتاج 650 مليون قدم مكعب في اليوم؟
مجيد جعفر: نحن مستمرون في الإنتاج منذ العام 2008 والحمد لله. يبلغ إنتاجنا الحالي 450 مليون قدم مكعب في اليوم مع المكثفات والغز النفطي المسال، لقد قمنا بالإعلان عن خطة للتطوير، وفي المرحلة التالية سيتم إنتاج 250 مليون قدم مكعب إضافي. كان مقرراً تحقيق هذا في مطلع السنة القادمة. لكننا تأخرنا سنة عن الموعد بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث أننا لم نتمكن من تنفيذ الأعمال المرتبطة بالإنشاءات كما ينبغي. رغم ذلك واصنا العمل مع المكاتب ومع المهندسين وكذلك مع قسم المبيعات، لكن الإنشاءات تخلفت، والحمد لله تجاوزنا بحذر ولكن بتفاؤل هذا التوقف في المشروع. حيث اتفقنا مع حكومة إقليم كوردستان ومع متعهدينا. نحن الآن بعون الله في طريقنا لبلوغ هدفنا في نيسان 2023 أي بعد سنتين. اتخذنا كل الإجراءات لاتخذا الخطوات بصورة سريعة. تم تخصيص نحو 600 مليون دولار لتطوير هذه المرحلة الضرورية في مشروع التطوير خاصتنا. صحيح أن فيروس كورونا لا يزال موجوداً، ولا تزال هناك تحديات. ظهرت مشاكل في سلسلة التأمين ليس هنا فحسب، بل في كل العالم. قد يعاني متعهدونا من مشاكل في بعض الأحيان. سواء في الإمارات، أو لبعضهم مؤمّنون في الهند وكل هذا له علاقة بمشاكل فيروس كورونا. نتخذ الآن والحمد لله إجراءات صحية كثيرة، للحفاظ على سلامة طاقمنا وعلى سلامة أعمالنا. تلقى أكثر من 90% من طاقمنا في كوردستان اللقاح، وهذا يساعدنا في سرعة الحركة. لهذا نحن متفائلون بعون الله.
*بخصوص الغاز الذي تنتجونه والكهرباء الذي يتم إنتاجه، هل تعتقدون أن بالإمكان استخدام الغاز الإضافي في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، وربما لحل جزء من مشكلة الكهرباء في العراق؟
مجيد جعفر: نعم. قصة الكهرباء في العراق هي بصورة عامة قصة الإمكانيات غير المستغلة. في الآونة الأخيرة، أصبح إقليم كوردستان أفضل من العراق بكثير في هذا الجانب. في الحقيقة لدينا تاريخ عائلي. فجدي الدكتور ضياء جعفر الذي كان وزير التنمية في الخمسينيات، هو الذي وضع مشروعي السدين الكهرومائيين في دوكان ودربندخان، هنا في السليمانية في العامين 1956 و1958. بعد ذلك، لم تعمد أي حكومة عراقية على مدى 50 سنة إلى افتتاح محطة جديدة لتوليد الكهرباء في إقليم كوردستان. ثم وبعد سقوط النظام العراقي السابق، وتوفر بيئة جديدة للاستثمار حققتها حكومة إقليم كوردستان عن طريق قانون وعقود. كانت هناك استثمارات أكبر أغلبها في قطاع النفط، لكننا ركزنا على الغاز. كان هذا سبباً دفعنا لاستثمار أكثر من ملياري دولار حتى الآن، ونخطط لإضافة مليار دولار آخر إلى استثماراتنا على مدى السنوات القادمة وهذا تطور كبير. كذلك قمنا بزيادة التزويد بالطاقة الكهربائية من ساعات قليلة في اليوم إلى وضع أفضل. في قطاع الغاز، لا بد أن نشير إلى الشركات المحلية الجيدة من قبيل ماس غلوبال وقيوان وكار غروب التي تنفذ العمل في محطات توليد الطاقة الكهربائية. هذه أيضاً من استثمارات القطاع الخاص التي تسرع من التقدم في العمل. نحن واثقون من أن خطتنا التطويرية الحالية ستكون عاملاً لتزويد الطاقة الكهربائية 24 ساعة في اليوم بإذن الله. المواقع الرئيسة لإنتاج الغاز من قبلنا حالياً هي في السليمانية وأربيل. عندنا دهوك أيضاً، وفيها محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية بانتظار التزود بالغاز. هذا أيضاً سيكون ضمن الخطة المستقبلية. بفضل استثماراتنا استطعنا العثور على كميات من احتياطي الغاز في حقولنا بجمجمال وكورمور يمكنها أن تؤمن الاحتياجات الكاملة لإقليم كوردستان. ليس لإنتاج الطاقة الكهربائية فقط، بل أيضاً لدعم الصناعات المحلية. بعد ذلك، يمكن تصدير الفائض من الغاز إما إلى بقية مناطق العراق أو إلى أسواق التصدير. في الحقيقة، بإمكان كوردستان، إقليم كوردستان، مركزاً كبيراً لتأمين الغاز. هذه هي رؤية حكومة إقليم كوردستان.
* هل تعتقد أن إقليم كوردستان لديه من الاحتياطي ما يؤهله لسد الحاجة المحلية وأيضاً التصدير إلى الأسواق الدولية، إلى قسم من أوروبا على سبيل المثال؟
مجيد جعفر: أجل، لقد أكدنا بأن لدى إقليم كوردستان 15 ترليون قدم مكعب من احتياطي الغاز الموثق، ومن الممكن أيضاً زيادة الاحتياطي من الغاز إلى 75 ترليون قدم مكعب. خمن إقليم كوردستان حجم احتياطيه من الغاز بما مقداره 200 ترليون قدم مكعب من الغاز. هذا يعني أن الاحتياطي والإمكانيات موجودة هناك بإذن الله، لتأمين الحاجة المحلية والاحتياجات الصناعية والأسواق المجاورة. هناك حاجة لإطار صحيح للاستثمار، وهو موجود، أعني أن العقود وأسعار الغاز وكل الأقسام متوفرة هناك. لدينا علاقة جيدة مع وزارة القروات الطبيعية. الوزير الجديد، د. كمال أتروشي يتمتع بخبرات كبيرة. فهو شخصية معروفة ودولية في قطاع النفط ويحظى بتقدير كبير في العراق. في كل العراق، لكن هذا في الواقع هو شراكة مع الحكومة كلها. كوزارة الداخلية ووزارة الصحة. نحن نفخر بما سنعلنه اليوم، وهو حسم أمر التبرع بمائة ألف جرعة من اللقاح المضاد لكورونا لإقليم كوردستان، مع وزارة الصحة.
* هذا مهم جداً...
مجيد جعفر: عملنا على الاهتمام بالمناطق التي تعرض لحملة الأنفال، وهي مناطق عملنا، وكذلك كل المناطق الأخرى في إقليم كوردستان. نحن نعتقد أن توزيع اللقاح هو أفضل طريقة لتطبيع الأوضاع ولكي نتمكن من إنجاز المشروع بسرعة. هذا ما كنا نركز عليه. كذلك فإننا شركاء جيدون مع محافظ السليمانية وقائممقام جمجمال. نحن فخورون بكون المحافظ معنا، وكذلك وكيل وزارة الثروات الطبيعية أحمد مفتي معنا اليوم (يوم الأحد) عند افتتاح هذا المكتب. هذه في الحقيقة شراكة طويلة الأمد. هذا هو المطلوب كما تعلم. في نفس الوقت، من المهم جداً أن نتحرك بسرعة، فالأسواق الإقليمية والدولية تشهد تغيرات سريعة. هذا يعني أن الأوان هو أوان التطور.
* تحث الولايات المتحدة الأميركية باستمرار، وخاصة في السنتين الأخيرتين، الحكومة العراقية على الإفادة من مصادر الغاز في إقليم كوردستان، كما حثت على المستوى الدولي على تطوير مصادر الغاز في إقليم كوردستان. إلى أي مدى تشارك شركة الهلال أو دانة غاز في هذه المبادرة؟ وهل نعنقد أن الرأية بإمكانية استخدام مصادر الغاز في إقليم كوردستان كبديل عن المصادر التي تستورد منها الحكومة العراقية الغاز رؤية واقعية؟
مجيد جعفر: في الأساس، لن يكون العراق بحاجة إلى استيراد الغاز أو الكهرباء. هذه الحالة موقتة كما أعلنت حكومة بغداد، لكن تزامناً مع ذلك، فإن الأمر بحاجة إلى قيام العراق بتطوير مصادره. بادرت وزارة الطاقة الأميركية إلى إجراء دراسة للإمكانيات الغازية في كوردستان. كانت لهم لقاءات معنا وأبلغناهم بوجهات نظرنا حول الدراسة. كانت لهم لقاءات مع شركات أخرى أيضاً. الأولوية يجب أن تكون للإنتاج المستمر للكهرباء، لأن هذا من أعلى القيم لكل بلد، ويجب أن يكون ذلك عن طريق استخدام الغاز خاصة. خصوصاً وأنه يحل محل زيت الغاز، فزيت الغاز عالي الكلفة ويسبب تلوثاً أكبر للبيئة. لهذا تركز الحكومة الأميركية بصورة أكبر على بلوغ العراق حد الاستقلال من حيث استخدام الطاقة، فلا معنى لأن تكون عندك مصادر كثيرة للطاقة وتعزف عن استغلالها. ربما كان البعض في الحكومة الأميركية يركزون على الأبعاد السياسية والجيوسياسية. أما الآخرون فيها كما هو الآن، يركزون على البيئة، فعندما يستخدم الغاز عوضاً عن زيت الغاز، سيكون لذلك فوائد كبيرة بيئياً. استطعنا تقليل انبعاث 40 مليون طن من ثنائي أوكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، فقط من خلال استبدال زيت الغاز بالغاز لإنتاج الكهرباء. هذا يعادل تأثير استبعاد كل السيارات التي في محافظة السليمانية على مدى سنوات عن المحافظة. أنظر إلى الآثار البيئية، لكننا في الحقيقة نركز على ما ينفع الاقتصاد المحلي، اقتصاد إقليم كوردستان واقتصاد العراق وكل من هو جزء من هذا الهدف. هذا الشيء مهم.
* بشأن دور الولايات المتحدة الأميركية، هل استطعتم ضمان أي دعم مالي من أي منظمة أميركية؟
مجيد جعفر: هناك منظمة DFC الأميركية والتي تعرف بمنظمة التنمية المالية، وهي جزء من الحكومة الأميركية وبإمكانها تمويل المشاريع طويلة الأمد. تحدثنا إليهم، وعندهم الاستعداد لإقراضنا. لم يبلغ أي من هذا المراحل النهائية، لكن يمكن أن يكون هذا واحداً من الخيارات. كذلك توجد عندنا المصارف المحلية. المصارف الإماراتية، وأيضاً عندنا متعهدون هم بمثابة شركاء لنا، ونستطيع أن نتعاقد معهم. لهذا فإن أمامنا الكثير من الخيارات. بما أنه يجب أن تكون هناك استثمارات كثيرة، يتحتم علينا أن نبحث عن خيارات كثيرة. فلا يمكن أن يكون عندك خيار واحد فقط.
رووداو: تحدثتم عن التأثيرات البيئية. نحن نعلم أنكم شخصية دولية وتتحدثون دائماً عن المواضيع المرتبطة بالبيئة، وأود أن أسألكم عن سياسة (انبعاث صفر من الغازات الضارة) والتي تتطرقون إليها كثيراً. أريد أن أعرف كيف تصدت شركتكم لهذه السياسة وما هي خططكم الدقيقة لخفض مستوى انبعاث الغازات الضارة؟
مجيد جعفر: في الواقع، قمنا بتخفيض انبعاث غازات الكربون جراء أعمالنا إلى حد بعيد. النسبة التي بلغناها حالياً هي أقل بكثير من نصف المعايير الصناعية. في نفس الوقت قمنا بتخفيض الغاز الذي نحرقه لدرجة كبيرة حتى بلغت النسبة 0.5%، ونعمل الآن على دراسة كيفية خفض نسبة الغاز التي نطلقها في الجو إلى الصفر، ونأمل أن نتمكن من إعلان هذا مستقبلاً، لكن بما أننا ننتج الغاز وكذلك المكثفات التي تشبه هذا الماء وهي نواتج خفيفة ونظيفة، لهذا فإن كثافة الكربون في عملياتنا الإنتاجية منخفضة جداً، لكن وكما أسلفت فإن الأهم هو الغاز الذي يصبح البديل عن زيت الغاز، فبدون هذا الغاز تجد نفسك مضطراً لحرق زيت الغاز. إن قمنا بجمع كل هذا إلى بعضه البعض فإننا في الحقيقة لا نخلف أثراً سلبياً من الناحية البيئية وإلى جانب ذلك لدينا تأثير إيجابي على الاقتصاد. هذه نقطة مهمة، فمثلاً في دول كالولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة اللتين حققتا مكاسب كبرى من حيث خفض انبعاث الغازات الضارة، إنما حققتا ذلك من خلال استبدال الفحم بالغاز في بلادهما، لكن هنا في الشرق الأوسط، ليس الفحم شائع الاستخدام، بل الوقود الشائع هو المازوت والنفط الأسود وزيت الغاز. بهذا بإمكانك استخدام الغاز عوضاً عن أنواع الوقود هذه، وهذا يخفض التكاليف بصورة سريعة. ربما أدى استثمارنا ملياري دولار إلى خفض نفقات حكومة إقليم كوردستان عشر مرات في مجال الإنفاق على توفير الوقود. نحن نعمل على الانتاج منذ العام 2008. كذلك هي الحال مع انبعاث غاز ثنائي أكسيد الكربون وأثره على التغير المناخي.
حاوره: عمر أحمد/ شبكة روداو الأعلامية