مشروع كاثوليكي للتعليم يعزز مكانة كوردستان وصمود المسيحيين
ذكرت وكالة الاخبار الكاثوليكية، يوم السبت، أن التعليم الكاثوليكي يخطو خطوة اخرى إلى الامام في اقليم كوردستان، الأمر الذي يؤكد دوره الريادي تاريخياً في الاوساط الاكاديمية.
وأوضحت الوكالة الامريكية، في تقرير لها أن مدرسة مار قرداخ، وهي روضة اطفال كاثوليكية حتى الصف التاسع، ستفتح في الخريف المقبل مدرسة ثانوية واكاديمية هي تشيسترتون للقديس توماس الرسول، في مدينة اربيل.
وتحمل المدرسة اسم "جي. كي تشيسترتون"، نسبة الى الكاتب والفيلسوف واللاهوتي الانكليزي الشهير في اوائل القرن العشرين والذي اصبح كاثوليكيا، وتستخدم مدارس تشيسترتون النهج الكلاسيكي للتعليم، مع التركيز على التاريخ ودراسات اللغة والادب.
واوضحت الوكالة أن الاكاديمية هي واحدة من عدة مبادرات تم تأسيسها تحت قيادة رئيس أساقفة الكلدان بشار وردة في اربيل، وذلك لمساعدة المسيحيين على البقاء في العراق.
ويعود الحضور المسيحي الى الازمنة الرسولية. وفي العام 2003، كان هناك 1.5 مليون مسيحي في العراق، لكن تقديرات المراقبين تشير الى بقاء حوالي 250 الف مسيحي.
وفي صيف العام 2014، اقتلع مسلحو تنظيم "داعش" أكثر من 120 الف مسيحي عراقي من منازلهم في الموصل وسهل نينوى، ولجأوا الى ابرشية اربيل. وقد قامت الابرشية بتنسيق المساعدات الطارئة والاسكان والتعليم والرعاية الرعوية للعائلات النازحة.
وبالإضافة الى مدرسة "مار قرداخ" التي تحظى باعتراف اكاديمي عالمياً، انشأ المطران وردة ثلاث مدارس اخرى.
وفي العام 2015 اسس الجامعة الكاثوليكية في اربيل، كما أسس مؤخراً مستشفى ماريامانا في اربيل أيضاً، وهي مؤسسات تخدم المواطنين من جميع المكونات والثقافات الدينية.
وقال رئيس الأساقفة وردة لوكالة الاخبار الكاثوليكية، إن "التعليم هو المفتاح لبناء جسور السلام والتعايش، لا سيما في الشرق الاوسط".
وكان المطران وردة دعا وفداً من جمعية جيلبرت كيث تشيسترتون ومقرها الولايات المتحدة، إلى اربيل للاطلاع على العمل التعليمي الجاري، وتتمثل مهمة الجمعية في تعزيز التعليم الكاثوليكي ونشر التعاليم الاجتماعية للكنيسة.
وكانت الزيارة مقررة في الاصل في فبراير/شباط العام 2020، لكنها تأجلت لتتزامن مع زيارة البابا فرنسيس الرعوية الى العراق في مارس/اذار الماضي.
وقال مدير المناهج في شبكة مدارس تشيسترتون اندرو يونغبلود ان المطران وردة رحب بفريق الجمعية في العراق قبل ثلاثة ايام من وصول البابا في الخامس من اذار.
ونقلت الوكالة الكاثوليكية عن يونغبلود قوله: إنه في الايام التي تلت ذلك، "قمنا بجولة على المدارس والمستشفى والجامعة التي انشأها رئيس الاساقفة.. واستمعنا الى قصص عن النازحين الذين وصلوا الى اربيل في العام 2014 ، والذين ساعدهم في تنظيم وجودهم في المخيمات ثم انتقلوا سريعا الى المساكن حتى يتمتعوا بقدر اكبر من الامان والكرامة".
وتابع يونغبلود "رأينا العالم المستدام الذي يقوم بانشائه لتوفير الرعاية الصحية والتعليم والوظائف لهؤلاء الاشخاص".
ووافق المسؤولون الكورد على الترخيص لاكاديمية تشيسترتون في غضون 24 ساعة، وهو ما اثار دهشة الوفد الكاثوليكي.
وإلى جانب تقدير الناس للمطران وردة والحماسة التي اثارتها زيارة البابا، قال يونغبلود انه شعر ايضا بقدر كبير من النعمة الالهية التي ساهمت في انشاء الاكاديمية، وهي الاولى للشبكة في الشرق الأوسط.
وكانت اول اكاديمية تشيسترتون اقيمت في العام 2007 في منطقة Twin تويت سيتيز في ولاية مينيسوتا الاميركية. وصارت الشبكة تضم الان 30 مدرسة. ويهدف المسؤولون الى انشاء 150 مدرسة خلال عقد من الزمن.
وقالت مديرة مدرسة مار قرداخ هالة وردة (التي لا تمت بصلة قربى بالمطران) رؤيتها تتمثل في خلق بيئة يتم فيها تعزيز قدرة الطلاب على اكتساب وتقييم المعرفة والمهارات لدعمهم من خلال جوانب مختلفة من حياتهم". واضافت انه تأمل ان "في تربية الطلاب الذين يتعلمون مدى الحياة، والذين يمكنهم المساهمة في مجتمعاتهم المحلية والعالمية".
واشارت الوكالة الى علاقة قوية للولايات المتحدة بالاسقفية، وكذلك بين هالة وردة وجامعة الفرنسيسكان في ولاية اوهايو.
وفي 15 مايو/ايار، حصلت هالة وردة على درجتي ماجستير من جامعة الفرنسيسكان في ستوبنفيل الاميركية، احداهما في ادارة الاعمال والاخرى في علوم ادارة التعليم. وكان رئيس الاساقفة وردة حاضرا في الجامعة في اليوم ذاته لتلقي درجة الدكتوراه الفخرية لخدمته المتميزة للعراقيين الذين يعانون من الاضطهاد والارهاب والاضطرابات خلال الماضي المضطرب الذي شهدته البلاد مؤخرا.
وبالنسبة الى رئيس الاساقفة، كانت العلاقة مع الجامعة قد اقيمت في وقت سابق. ففي العام 2019 وقع مع رئيس الجامعة الاب الفرنسيسكاني ديفيد بيفونكا، مذكرة تفاهم تتضمن التبادل الثقافي وتطوير البرامج بين الجامعة الكاثوليكية في اربيل وجامعة الفرنسيسكان في ستوبنفيل.
ونقلت الوكالة عن هالة وردة قولها ان "المطران يدرك اهمية احراز تقدم في التعليم. وبفضل جهوده، صارت العائلات المسيحية تمتلك املا اكبر في مستقبل مشرق لاطفالهم"، مضيفة ان زيارة البابا ايضا "جلبت الكثير من الاهتمام لمجتمعاتنا المسيحية في العراق".
واختصرت هالة وردة ما يجري قائلة انه من المؤثر "ان يدرك شعبنا ان اخوانهم واخواتهم المسيحيين لم ينسوهم. تعاون اكاديمية تشيسترتون مع مدرسة مار قرداخ سيكون بمثابة مثال اخر على اننا لم ننسى، وهناك جهود لمساعدتنا على الوقوف على اقدامنا مرة اخرى".
وذكرت الوكالة الكاثوليكية ان غالبية طلاب مار قرداخ يتحدرون من عائلات محدودة الدخل، والعديد منهم يلتحقون بالمدرسة مجانا.
شفق نيوز