قرار الاتحادية برفع الحصانة .. بين المهم والرائع وغير القانوني أو الدستوري
قررت المحكمة الاتحادية العليا الجديدة، العدول عن قرار المحكمة السابق برفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب المتهمين بالفساد وبالجرائم المشهودة. وبهذا القرار تستطيع المحاكم حسم دعاوى الفساد بشكل أسرع من السابق، لأن معظم جرائم الفساد ينطبق عليها وصف جرائم الجنح وكان حسمها يتوقف على رفع الحصانة عن المتهم بها إن كان عضو مجلس نواب.
وتضاربت الآراء حول قانونية ودستورية القرار من عدمه.
قرار المحكمة «غير دستوري»
وقال الأمين العام للجمعية العربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الدكتور في القانون الدولي، سفيان عباس، ، إن قرار المحكمة الاتحادية السابقة بخصوص استحصال موافقة مجلس النواب في جميع الجرائم كان «قانونياً ودستورياً لأنه كان باتاً».
وأضاف «إلا أن قرار المحكمة الاتحادية بتشكيلها الجديد هو قرار سياسي أكثر من كونه قانونياً»، معتبراً أن «القرار السابق هو الصائب من الناحيتين الشكلية والموضوعية، وجاء متوافقاً مع مشروع قانون مكافحة الفساد الذي قدمته رئاسة الجمهورية للموافقة عليه من قبل برلمان العراق».
ورأى عباس، أن هذا التوجه من قبل المحكمة الاتحادية الجديدة عبر إلغاء قرار سابقتها «لا يستند إلى أية قاعدة قانونية أو دستورية، ويعد حجر عثرة في طريق الجهود الحكومية لمكافحة الفساد»، مشيراً إلى أن «قرارات المحكمة الاتحادية باتة لا تخضع إلى طرق الطعن»، متسائلاً «على أي سند قانوني ودستوري استندت المحكمة الجديدة في إلغاء القرار السابق البات؟».
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا بياناً ، ذكرت فيه أن المحكمة «قررت العدول عن قرارات المحكمة السابقة بخصوص استحصال موافقة مجلس النواب في جميع الجرائم التي يُتهم بها أعضاء مجلس النواب سواءً كانت جرائم جنايات أم جنح أم مخالفات»، وقررت المحكمة «اقتصار الحصول على موافقة مجلس النواب في حالة واحدة فقط هي صدور مذكرة قبض في جريمة من نوع الجنايات غير المشهودة، وفيما عدا ذلك لاحصانة لأعضاء مجلس النواب وبالإمكان اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم مباشرة في حال اتهام أي منهم بجريمة جناية مشهودة أو جريمة جنحة أومخالفة».
قرار المحكمة السابق «مقيد وغير مطلق»
من جانبه، أوضح الخبير القانوني طارق حرب في تصريح له، أن المادة (63) من الدستور تتكلم عن إلقاء القبض، وبالتالي الحصانة محددة بإلقاء القبض عند الجناية المشهودة (الجريمة المعاقب عليها المجرم بأكثر من خمس سنوات)، مؤكدا أن «هذه الحصانة الموجودة في الدستور مقيدة وغير مطلقة».
كما وصف القاضي السابق وعضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان مشرق ناجي في تغريدة على تويتر، قرار المحكمة بـ «المهم والرائع» من حيث التسبيب والحكم، والذي يتعلق بمفهوم الحصانة البرلمانية وكذلك مفهوم الأغلبية المطلقة، ورأى أنه «رجوع عن قرارات المحكمة السابقة، وهذا يؤيد ما طرحناه سابقاً، في صلاحية المحكمة الجديدة عدم التقيد بقرارات المحكمة السابقة وإمكانية إعادة النظر بقرارتها».
نواب متهمون بالفساد والابتزاز وغيره
ويحظى أعضاء مجلس النواب منذ تأسيس النظام السياسي الجديد بحصانة برلمانية تمنع محاكمة أو اعتقال أحدهم من دون موافقة مجلس النواب والتي غالباً ما يتم تسويفها ضمن تسويات سياسية.
ويبلغ عدد النواب المرفوع ضدهم قضايا بتهم فساد مالي، وأخرى بتهم ابتزاز وغيرها، ما يقارب 20 نائباً، لكن البرلمان لا يرفع الحصانة عنهم، ما يجعل محاكمتهم وفق القانون أمراً شبه مستحيل.
وفي السابق، صدرت المئات من مذكرات القبض بحق عدد كبير من النواب. وطالب مجلس القضاء الأعلى مرات عديدة، رئاسة مجلس النواب رفع الحصانة عن النواب المتهمين بعمليات سرقة المال العام.
ويرى مراقبون، أن الحصانة التي كانت موجودة للنواب تعني عدم المساواة بين أبناء الشعب العراقي أمام القضاء، وأن الحصانة يجب أن لا يكون الهدف منها حماية الفاسدين واللصوص.
باسنیوز