• Friday, 22 November 2024
logo

اﻷنفال جرح ﻻ يلتئم إﻻ بتعريفها كهولوكوست العصر

اﻷنفال جرح ﻻ يلتئم إﻻ بتعريفها كهولوكوست العصر
إن عملية اﻷنفال هي من أبشع الجرائم الجماعية اﻹنسانية على اﻹطلا في الربع اﻷخير من القرن العشرين. وهذه العملية جرت ضد أبرأ قوم في العالم اﻹنساني وأيتم قوم في العالم اﻹسلامي. وهذا القول ﻻ يختلف معي كثير من ذوي الضمائر الحية في ربوع العالم وحتى العالم العربي إن اعترفوا بذاك... هذه العملية جرثمت عمليتها أكثر حينما شوه النظام البعثي الدكتاتوري هذه الممارسة القذرة باسم سورة من سور القرآن.
ومن البديهي أن اﻷنفال مختصره يقوم بين الجيشين، فحينما يغلب الجيش اﻹسلامي على جيش المشركين المقاتلين في ساحة الحرب، حينها يحل للمحاربين المسلمين اغتنام أموااهم كغنيمة لهؤﻻء المشاركين في الحرب ضد المسلمين وليس أموال القاعدين والكهلة والعجزة وحتى الشباب من المشركين غير المشاركين في الحرب، بل يجب عدم التماس بهم بل حمايتهم وعدم سبهم والعمل على أسلمتهم بالحكمة والموعظة الحسنة حسب المنطق الرباني...
فالنظام البائد بهذه العملية البشعة صور الكورد في العالم العربي واﻹسﻻمي على أنهم من المجوس والمشركين، ولكأنه في ساحة القتال ضد أحفاد صﻻح الدين اﻷيوبي، وهم المجوس والكفرة...ﻻ أدري أتناسى النظام البائد وصاحب هذه العقلية في العالم العربي أن صﻻح الدين الكوردي هو الذي أعزهم ورفع شوكتهم وهيبتهم. فبزوال قمر اﻷيوبي نرى حالهم اﻵن إلى اﻷرذل واﻷرذل في خارطة اﻷقوام العالمية، ﻷن هذا النظام الفاشي أزال اﻹسﻻم في خارطة منهجه واستبدله بالعروبة واﻻشتراكية، وما أعظم عروبتهم! ...تلك العروبة التي أضحت اسطوانة مشروخة في أفواه الكثيرين من القومجيين العرب، ولم يجنوا إﻻ الهوان، فكلما سمعنا نظاما رفع شعار العروبة والدفاع عن فلسطين في اﻷقطار العربية كلما فرغت جعبته من كل المعاني اﻹنسانية والوطنية و تقنين النظام، ودلت على إفلاسية مشاريعه؛ ولربما هؤﻻء اﻷنظمة يبدعون في فن هذا الطراز....ولعل هذا الذي أيقظ كبار كتابهم بالنهوض والتيقظ من السبات العميق، والتغني بالعروبة الجوفاءة بل العمل والمشروع... وهذا ما يقر كبار كاتبيهم كفيصل قاسم، إذ يقول:"ألسنا اﻵن عالة على العالم...فقط نبدع في طبخ أكبر كبسة في العالم ولكن ذلك بطبّاخين هنود...وهكذا دواليك". النظام الصدامي قتل أكثر من مائة وثمانين ألفا من القومية الكوردية البريئة شيوخا ونساء وأطفالا...ذنبهم الوحيد أنهم من الطينة الكورية لا أكثر من ذلك...فقط هذه العملية تساوي أضعاف اﻷضعاف لما يفعله بشار الدكتور ضد الشعب السوري الجريح...ولكن الفرق بين اﻷثنين أن الثاني يحظى اﻵن بدعم دولي عالمي وإسﻻمي، لكن اﻷول لم يكن محظوظا مثله بالتكنلوجية اﻹعﻻمية المتطورة والحشد العالمي واﻹسلامي، بل مع اﻷسف الشديد أن الكثير من اﻷنظمة العربية وقتها شجعت النظام البعثي على قتل هذه اﻷبرياء في وضح النهار.
فحسب معلومات الكاتب بعد تقصي ماورائيات هذه الكارثة، تبيّنت للكورد أن دولة اليمن أرسلت كتيبة اليرموك، والسودان أرسلت فرق ميدانية للقيام بهذه العملية، وحتى فلسطين التي حرر من قبل الحفيد اﻷكبر لهذه القومية لم تبخل في المساهمة الفعلية بالمتطوعين؛ ظنا أنهم يناصرون العروبة ويعيدون أمجادهم...فكم أعادوه! أما مصر العربية فقط أخذت بعض الفتيات الكوردية الطاهرة ووظفوهن في ملاهيها....والدول الخليجية قاطبة ساهمن النظام في الدعم المادي والسياسي...!...وحتى بعض الجماعات اﻹسلامية العربية فاقت عروبتهم على إسﻻميتهم -ولهذا ﻻ نثق حتى بإسﻻمجييهم!- ووقفوا بإصدار الفتاوى ضد الكورد...فالوﻻيات المتحدة والدول العظمى وقتها لم يتحركوا ﻷن مصالحم كان مع النظام ولكن مع ذلك كما يقول العرب هؤﻻء نصارى...! ولكنكم أكنتم نصارى وكفرة ساهمتم مع النظام...! هذه المواقف العربية، الغريبة من كرم العرب وشيمتهم أضحت جرحا عميقا ﻻ يلتئم الشخصية الكوردية مسرات الدهور إلى أبد اﻵبدين؛ ﻷنه كما يقول الشاعر: "وظلم ذوي القربى أشد على المرء من وقع الحسام المهند".... ومع هؤﻻء الدول يحب أن يقال: أن هناك من المنصفين العرب وقعوا ضد النظام وقتها ضد النظام ولكن ما يؤسفنا أن هؤﻻء يعدون بأصابع اليد...
هذا، وأن الذي يحزننا أكثر أن الكثير من إخوة العرب يعاينون اﻵن هذه الجرائم بأم أعينهم وﻻ يعترفون بها كهولوكوست واﻹبادة الجماعة؛ بل يعتبرون صدام بطل العروبة...! وبشار مجرم الحرب...لا أدري لماذا يمجدون صدام ويجرمون بشار، والكيل بمكيالين...!
وفي اﻷخير نقول: إن عملية اﻷنفال رغم كبرها ووقاحتها تعد غيضا من فيض تلك الجرائم التي ارتكبها صدام بحق الكورد...أليس أحفاد هذه المؤنفلين إلى يومنا، يؤنفلون مرارا على مر حياتهم....! إذ أضحت هذه الكارثة مصيبة عظيمة بحيث ﻻ ترى في الكثير من المناطق الكوردية فردا إﻻ ولديه عشرات من المؤنفلين.... نتمنى من تلك الدول العربية؛ فضلا عن كل الدول العظمى الذين ساعدوا النظام أن يلتمسوا العذر للشعب الكوردي، وأن يعرفوا هذه الجريمة كهولوكوست العصر واﻹبادة الجماعية....فإن لم يفعلوا ويقوموا بإقل شيء من إعادة ماء وجههم، فالتاريخ ﻻ يرحمهم...!
Top