الدكتور عامر حسن الفياض لـ كولان العربي:كل رجل دولة سياسي و لكن ليس كل سياسي رجل دولة
حل ضيفا على (مجلة كولان) و تم بينهما تداول امور عدة تتعلق بالسياسة بشكل عام و العلاقة بين التكنولوجيا و السياسة، الى جانب مسائل اخرى تتعلق برجالات السياسة و الدولة، و حل المشكلات و الازمات المستعصية الان في العراق..
في البداية اجاب عن سؤال يتعلق بالسياسة و هو ما المقصود بأن السياسة هي مشاكل قادمة و ليست قائمة؟ حيث قال: تم التعود تقليديا على ان وظيفة السياسة هي التعامل مع مشاكل قائمة في حين بحكم المتغيرات و دخولنا الاضطراري أو غير الاضطراري في أزمان العولمة الجديدة، ما عادت السياسة تمارس وظيفتها التقليدية و التي هي حل المشاكل التي تحصل ثم يأتي السياسي لكي يوظف خبرته في حل هذه المشاكل، و انما عليه ايضا ان لايكتفي بذلك، بل عليه ان يفكر بأن مشاكل أخرى قادمة، وعليه قبل ان تحصل أن يتوقعها ويضع حلولا و معالجات لمثل هذه المشاكل. وفي مجال آخر أجاب عن سؤال يتعلق بالتنبؤات في السياسة و هو ان اصعب شىء في السياسىة هي التنبؤات، التنبؤ في السياسة صعب جدا، و هل تغير التنبوء السياسي بسبب التقدم التكنولوجي؟ قال في معرض رده عن السؤال قائلا: السياسة ظواهرها مجتمعية، و الظواهر المجتمعية قضية اختبارها ضمن مختبرات صعب جدا، لأنها متغيرة و متحركة و من غير ممكن السيطرة عليها بسهولة، وهذا لايعني استبعاد آليات التنبؤ في التعامل مع هذه المشاكل، و ان كان الاستحضار لآليات جديدة للتنبؤ ضروري، لكن هذا الاستحضار يبقى صعبا، من غير ممكن ان تضع ظاهرة اجتماعية سياسية ضمن اطار آلة أو تقنية حديثة كي تعطيك معالجة أو تفسير لمثل هذه الحالة أو تلك، و بحكم المتغيرات أو بحكم كونها لاتعتمد على قواعد و قوانين علمية كأي ظاهرة طبيعية أو علمية صرفة، نعم انا معك، هل يعني استبعاد المستحضر التقني الحديث عن عمل أو وظائف السياسة؟ الجواب كلا، و لابد من استخدامه.
السياسات في الدول المتقدمة دخلت فيها الرياضيات كعلم، و لاسيما في موضوع الاحصاء مثلا، لايمكن تعليم أو تدريس السياسة دون تدريس الاحصاء و مبادئه، و كذلك ضمن الامور الجديدة في السياسة، تم نحت مصطلح و هو الهندسة السياسية، أو تسمى الهندسة الاجتماعية، و لو ان هذه المسألة فيها محاذير، يوجد كتاب كتبه أحد زملاؤنا و هو الدكتور علي عباس (الهندسة الاجتماعية)، لم يكن منتبها لهذه المسألة، سألته هل لاحظت بأنك عندما تهندس الظاهرة الأجتماعية السياسية هذا يعني تنميطها، و ذكرته بأنه هم افضل من عمل بهندسة السياسة هم الفاشيون و النازيون، هذا هو فرع من التخصصات في التنشئة السياسية، يعني انا اقوم بهندسة عقل المواطن بالتاكيد لخدمة نظام سياسي، و هنا تعتمد اذا كان النظام السياسي منفتحاً و تعددياً و يشتغل هندسة السياسة انه سيخدم فلسفة هذا النظام و العكس صحيح، اذا كان النظام شموليا و يستخدم التقانة و كل المستحدثات الجديدة، سيكون في خدمة فلسفة الشمولية أو التسلطية و الدكتاتورية فيما بعد، وهي سيف ذو حدين، كمثل الطاقة النووية بقدر ما تخدمك لأغراض سلمية و تستطيع خدمتك لأغراض غير سلمية، يعني في صناعة القنبلة أو في توفير الكهرباء بالطاقة الذرة أو النووية، وحول سؤالك الى أي مدي نستطيع الاستفادة من التقانة في السياسة، من حيث تحسين وظيفتها، أو من حيث أهدافها و طبيعتها، تعتمد ذلك على المفتاح الاساسي، و هو فلسفة النظام الذي يستخدم هذه الادوات. مثلا السكينة لو تذبح بها بشر لو تعملها مبضع للطبيب لاجراء العملية.
أما فيما يخص توظيف التقانة ايديولوجيا، وعلى سبيل المثال: القنبلة النووية هي تكنولوجيا متطورة استخدمت ايديولوجيا للحفاظ على النظام السياسي، و الاسلحة المتطورة توازن الرعب، و التكنولوجيا المتطورة تستخدم للبشرية لكن تستخدم للمحافظة على النطام السياسي، و النظام السياسي يتعلق بكيفية ادارة المجتمع و توزيع السلطة، لذا فأن السياسة تستفيد من التكنولوجيا، ومدى استفادتها يتوقف على طبيعة النظام السياسي، فأذا كان النظام ديموقراطيا بالأمكان استخدام التكنولةوجيا في تقدم المجتمع، اشار الدكتور الفياض الى انه لدينا التكنولوجيا و السياسة، من الممكن القول ان التكنولوجيا شر لابد منه، اذا استخدمت من قبل نظام شرير، و هي خير لابد منه اذا استخدمت من قبل نظام خير. و استطرد قائلا: اذا رجعنا الى بداية الحديث، فإن السياسة تتكأ على علوم مثل الرياضيات أو الاحصاء، علم الاحياء، ميكانيك، الانتربولوجيا(عادات و تقاليد الشعوب)، حتما ستصبح ضرورة.
اذن التكنولوجيا و مناهجها العلمية اثرت على علم السياسة، ثم الدراسات الاجرائية تعتمد استبيانات فهي بحاجة الى ادوات اتصالات متقدمة، الفضاء الاتصالي واحدة من الفضاءات التي دخلت بها التكنولوجيا، تستطيع الان قياس حدث و ربما أحداث كانت تتعلق بفرد سابقا، ولكنها تموت ضمن اطار زمانها و مكانها، ولكن الان ضمن تكنولوجيا الاتصال المتطورة حتى لو كان حدثا فرديا بسيطا يمكن ان يتحول الى قضية رأي عام عالمي بحكم تكنولوجيا الاتصالات، وهذا ينطبق على كل شىء، مثلا البلد فيه ثروة و ليس لديه تقنية متقدمة و على سبيل المثال النفط، ففي حال عدم وجود تقنية متقدمة سيكون عبئا عليه، و في هذه الحالة يأتي الآخر و يعرف كيف ينتجه و يستخرج منها صناعات نفطية و هو لايعلم ذلك. و الحديث عن العلاقة بين التكنولوجيا و أي فرع معرفي أو أي علم، بأعتقادي ضروري ان ننطلق عن من ما تحدث عنه توفلر، موضوعة سلطة المعرفة، وهو يتحدث بتنبؤ و مستقبليات و تقانة، يقول ان أي بلد و اي مجتمع أو أي دولة حتى يكون لها مكان تحت الشمس في المستقبل، عليه ان يعمل ضمن سياسة الاكتفاء الذاتي النسبي ليس من المطلق، و هذا يكون بالزراعة و الصناعة و عليه العمل بالاكتفاء الذاتي النسبي بالدواء، و نعلم ان جائحة كورونا قلبت كل الموازين، ايضا عليه العمل بالاكتفاء الذاتي النسبي بالمعرفة، و توفلر يدخل على المعرفة عنده السلطة، التأريخ يقول السلطة بدأت قوة، الفارس المنتصر بالحرب يقول شرعيتي كمتسلط متأتية من قوتي، المرحلة الاولى من التأريخ تعتمد على القوة، و المرحلة الثانية اساس السلطة و مصدر شرعيتها هي الثروة، صارت الثورة الصناعية و البرجوازية و الثري هو المتسلط. المرحلة الثالثة التي نتحدث عنها الآن هو الذي يكون ان يتعامل مع المعرفة هو يكون صريح السلطة مستقبلا، لسببين، الاول الذي يمتلك المعرفة تصبح لديها القوة ، القوة الاولية و اصبحت لديه الثروة، وهذه مشروطة، عندما يهتم البلد بالمعرفة، عليه ان يهتم بثلاث مسائل، اولا يجب ان يعرف استخدام المعرفة، ادواتها ونتاجاتها، و هل يكفي ذلك حتى يكون لها مكان تحت شمس المستقبل؟ يقول لا، هو ليس فقط الاستخدام، لكن على الطريقة الخليجية لا ينتجها، ويأتي بمن يستخدمها و تخدمها المعرفة، عندما تزور دبي تجد التقنية عالية، في الابنية و الشوارع و الاجهزة في كل الامور، هؤلاء يعرفون استخدام المعرفة، وهذه كمرحلة أولى ويقول هذه لاتكفي، فالذي يتعامل مع المعرفة و يستخدمها عليه انتاجها، و هل يكفي الاستخدام و الانتاج؟ يقول لا، يجب احتكارها، عنده قدرة على الاحتكار انتاج المعرفة، مثلا تتعامل مع اليابان فهو يأتي بمعمل الى كوردستان ولكن يشتغل بعقل، ولا يعطيك سر هذا العقل. نحن نتحدث الان عن حلم، خارج اطار العراق، فالعراق في مرحلة لم يجتزعتبة الباب، بأعتقادي كمرحلة أولى، أتذكر عندما صارت الانتخابات، بعض المرشحين يقولون ماذا نكتب ضمن شعاراتنا و برنامجنا الانتخابي حتى ننزل بها الى الشارع، قسم منهم لم يقبلوا بها، قلت لهم اكتبوا نحن أو انا كمرشح(لست مع التطور بل مع ايقاف التدهور)، و هذا واقعي، هي وعود، عندما تأتي و تقول انا جئت مع التقدم و التطور يضحك عليك الناس، لأنهم عايشين في ذلك، وفي الحديث عن هذا، تستطيع بايقاف التدهور استخدام التكنولوجيا، الخليجيون كانت حياتهم الاجتماعية تقليدية صرفة، ثم مباشرة استنبتوا ما هو حديث، استنبات اصطناعي، فمثلا عندما تأتي انت و تفتتح مدرسة ابتدائية في قرية، ثم ثانوية و بعدها الجامعة، سوف تحوّل القرية الى مدينة، و عندما نقول في المجتمع العراقي مدى الاستفادة كسياسة و ما العمل، يجب ان نستحضر هذا المفهوم للسياسة انه ليس حلا لمشاكل قائمة و انما حل لمشاكل قادمة ايضاً، وهذا ليس معناه ان نمسك السياسة التي نستخدمها الآن فقط حلا للمشاكل القادمة، مهمة السياسي مضاعفة، عليه ايقاف التدهور و يعمل تطور، مهمته صعبة، الاجيال التي تأتي في المانيا حالياً ليس أمامه جيلا كسولا و غير منتج و لم يترك منجز، و يأتي جيل يكمّل، وحتى على مستوى الساسة الموجودين، الذي يتولى منصب عام ثقافته تصفيرية، يصفّر و لا يكمّل، يقول الوزير الذي جاء قبلي لا اهتم بما عمله و أنسف كله، و سأبدأ من الصفر، عندذلك تتراكم المشكلات.
و بالنسبة لحل المشكلات في مجتمعنا، علينا مغادرة مشكلات قائمة و عندها نبدأ بالبناء، هناك بركة من الساسة و السياسيين، و لكن لاتوجد بركة من رجالات الدولة، و البناة هم رجالات الدولة، وعندما تريد بناء الدولة تأتي بالاسطاوات، و الاسطاوات هم رجالات الدولة و ليسوا السياسيين، لذا نأخذها من الاخر كل رجل دولة هو سياسي و لكن ليس كل سياسي هو رجل دولة، وعندما تجد لديك سياسيون كثيرون، ولكن كم منهم اصبحوا رجالات دولة، حتما قليلون، لنفكر من اين نبدأ لأخراج المجتمع؟ دائما اقول لطلابي عندما تبدأون بالبناء عليكم احضار (الكرستة) ولكن المشكلة عندما لاتجد الاسطا(رجل الدولة)، كيف يتم بناء رجل دولة، هناك مواصفات متعددة، حتى ان ارسطو في كتابه (السياسة)، وجدت طالب عجبني كثيرا يشتغل على رجل الدولة و لديه افكار لطيفة، يتحدث عن رجل دولة، قلت له يوجد كتاب صغير طبع قبل كم شهر(رجل الدولة)، فيه مواضيع عن رجل الدولة ، الفكر القديم و الحديث، و عن العراق يقول في الخلاصة ، رجل الدولة يتفاعل مع الحدث و لاينفعل معه، الموجودون لدينا عندما يحدث حدث ينفعلون و لايتفاعلون، النقطة الثانية: يجب ان تكون لدى رجل الدولة ثقافة تكميلية و ليست ثقافة تصفيرية( هذا من عندي)، و عندما تأتي للواقع العراقي ،مثل ما قلته سابقا عندما يأتي أحد مكان شخص آخر يصفّر كل ما عنده و لايكمل الايجابيات التي تركها، حتى لاتنحسب له، ثالثاً: رجل الدولة عليه ان لايتشفى بنجاح شريكه و لايتشفى بفشل الذي يعمل معه، ولا يتطير بنجاحهم، لأنهم شركاء، الآن في العراق الحكومة و مجلس النواب تشاركية ولكن واحد يتصيد للآخر، عندما يرى فلان يفشل فغيره يتشفى، و متى ينجح حتى يتطير بالنجاح، لذا التطير و التصفير هما التقليد الساري لدينا، هو المفروض يكون عكس ذلك، تتطير من فشل شريكك و تنقهر اذا فشل و ليس من نجاحه، ولا تتشفي بفشله، تشاركه حزنه، أي تتضامن معه لأنه حليفك. من بين مواصفات رجل الدولة عنده ثقافة استقالة، لابد منه عندما يفشل أو يراد له ان يفشل، عليه أن يستقيل.
بالنسبة لثقافة الاستقالة لدينا و (انا سميتها ثقافة الاستطالة) فهي ليست ثقافة الاستقالة، لديهم ثقافة الاستطالة يلازمون بمناصبهم، لايهمهم حتى لو فشلوا، كما قال نوري المالكي(ماننطيها)!، المناصب ليست(طابو) وهي تداول، يتداولها اجيال، عندما يفشل شخص يأتي بعده شخص لآخر يتسنم المنصب، عندما يريد سياسي ان يكون رجل دولة يمنحوه منصب فيفشل، عندما يستقيل فهو يتمرن ان يكون رجل دولة، مثلا انا استلمت منصب عام و ادّعي بأني رجل دولة ثم فشلت، اذا لم اقدم الاستقالة فلن اصبح رجل دولة، و اذا قدمت الاستقالة يعني انه اتمرن ان اكون رجل دولة، اذن ثقافة الاستقالة مهمة للذي يريد ان يكون رجل دولة، لنختصر الموضوع فالمواصفات كثيرة للذي يريد ان يكون رجل دولة عليه ان يتمتع بثقافة الاستقالة و ليست ثقافة الاستطالة، و يجب ان تكون لديه ثقافة التفاعل و ليست ثقافة الانفعال، ينبغي ان يكون في تفكيرو و سلوكه تكميلي و ليس تصفيري، وهذه هي المواصفات الاربعة و هناك الكثير من المواصفات الاخرى، و هناك مسائل شخصية كمسألة الذكاء، وهناك مواصفات اخرى للذي يريد ان يكون رجل دولة ، يجب ان يكون عاقلا و لديه شهادة و خبرة، وهذه اساسيات لرجل الدولة، وهذه مواصفات حتى انها تكون موجودة في موظف بسيط، قد ينفعل موظف في عمله، لكن هذا السياسي بقرار واحد يمكن يتحكم بمصائر مجموع الشعب على سبيل المثال قرار حرب، و اذا توفرت هذه المواصفات الاربعة الاساسية في العراق لدى الساسة فإنهم يعملون بها باستمرار، هاك مدارس من الممكن تحديد ذوي الاختصاصات فيها من مرحلة مبكرة بدءا من الابتدائية، مثلا يقال ان هذا الطالب يمكن ان يصبح عالم رياضيات اذا كان يتقدم على زملائه، وهناك الحاجة الى معهد او وسائل اعلامية للتركيز على الساسة، لأن الانفعال لديهم غالب على التفاعل، و التصفير غالب على التكميل، من الممكن تشكيل مجموعة تقوم برسم السياسات و البرامج و تقدم مشاريع.. الخ،
و قد طرح سؤال و هو نحن بحاجة الى أي نوع من رجالات الدولة في العراق في التصنيفات، مغامر، عقلاني، انفعالي، بطىء القرارات.. الخ، مثلا في العراق الامور تختلف رجل دولة يتسلم المنصب و مهمته صعبة و هذه المهمة ليست في النظام، و يأتي على دولة ماكنة الحكم معطلة لذا بحاجة الى رجل دولة استثنائي؟ رد قائلا: المجتمعات مختلفة، مثلا في العراق نحن أمام ناس مستوياتهم الثقافية العامة هابطة، اذا رأوا صاحب القرار متردد لا يحترمون قراراته، هنا في هذا النوع من المجتمع يحتاج الى رجل دولة يمتلك شجاعة و لايتردد، أو السلاح ليس بيد الدولة لايستطيع رجل الدولة حل هذه المشكلة عبر الثقافة، بل يجب أن تكون له قوة، لذا تنفيذ القرار الصادر يحتاج الى ارادة قوية، و اذا فكر بالقول ان كل الناس لديه اسلحة فى بيوتهم و يتردد فلا يستطيع تنفيذ قراره، لذا ان هذه المواصفات ليست ستاندارد لكل المجتمعات، لكن مواصفات موجودة، علينا ان نعرف مجتمعنا جيدا، من حيث الطبيعة و الثقافة و النضوج، اذن بحاجة الى شخص يحمل مواصفات يستطيع من خلالها التعامل مع هذا الواقع، ويكون هذا الواقع بالنسبة لمجتمعك وليس لواقع مجتمع اخر كالمجتمع الأمريكي مثلا أو الألماني، لذا اقول يجب ان يكون رجل الدولة واقعياً، الواقعية مطلوبة في كل المجتمعات و هي مبدأ عام، و عنما اقول واقعي، اولا لايكون وقعي، و عندما تقول ان واقعنا هو ان مجتمعنا فيه شيعي و سني و كوردي و تركماني و مسيحي و انا واقعي اتعامل معهم وفق هذا الواقع، و اذا انا رجل دولة آتي ببديل، وهذا البديل لا يلغيهم، و لايسيد الاغلبية عليهم، سيعتمد مبدأ، و هذا المبدأ اذ اهو امتياز فهو لهم جميعاً، سأتعامل على اساس المواطنة، ايها الكوردي و الشيعي و السني أنتم مواطنون، ويأخذون الامتيازات بالتساوي، انت لم تقل سآتي الثقافة الشيعية وبها عدالة الامام علي و بها كفاح الحسين ضد المظلومية، يبقى غير الشيعي يقول هذا من مذهبه، ولكن عندما تقول المواطنة والكل متساوون، لايفهم المذهب حتى يتسيد على المذهب الآخر، وهو ليس ببخيل حتى يعطي هذا الامتياز و حق المواطنة الى جهة و يمنعه من جهة اخرى، هذه واقعية و ليست وقعية، انا لدي مبدأ و هو انه لايمكن للاغلبية أن تكون قوية الاّ بتقوية الاقليات، الذي أقوى الاقليات بقى أغلبية و محترم، و الذي أضعف الاقليات أو غيرالاغلبيات انه خسر حتى اغلبيته، على رجل الدولة ان ينظر الى الوضع العراقي بثلاثة ابعاد، سايكولوجي، اجتماعي، سياسي، البعد السايكولوجي على ان هناك شعوب مريضة بحاجة الى معالجة والشعب العراقي مريض يحتاج المعالجة، البعد الاجتماعي استنادا الى البعد السايكولوجي تهيمن عليه العنف الذي صار جزءا من سايكولوجيته، وهذا ينعكس على البعد السياسي، لذا اصبح العنف أحدى سمات السياسة العراقية وعبر التأريخ الاّ في أوقات قليلة و محددة لا يظهر فيها العنف، لذا يجب على رجل الدولة ان يتصف بالمواصفات المذكورة لكي يهيمن على الابعاد الثلاثة، ثقافة الجميع رعوية ، حيث يحب الفرد ان يكون تحت رعاية، أي لايشعر بأنه حر و سيد موقفه أو عند حرية الاختيار، ويكون هو واحد من رعايا شخص أو مذهب أو عقيدة محددة، عندما نأتي الى المجاميع الاجتماعية اضافة الى التقسيمات القومية أو غيرها، ان هذه التقسيمات الدينية و القومية طبيعية و موجودة، هم تخلصوا من الرعوية و اصبحت المواطنة مظلتهم، مواطنون متساوون، اما في العراق كيف يمكن الخلاص من الرعوية؟ انه صعب جدا، بحاجة الى حفر و حرث و زرع جيد، مع التكنولوجيا يمكن القضاء على ماهو تقليدي، الرعويات و التبعيات التقليدية، و لكنها لاتتمكن القضاء على الزبائنية، نظام سياسي يخلق مجموعة خاصة به، يربط مصير هذه المجموعة بالنظام، هؤلاء لا هم مواطنون و لا أتباع و لا رعايا، هذا هو(لافوسيه) الفرنسي الذي يتحدث في كتابه عن (الأستعباد الأرادي)، أي يكون بأرادته مستعبد، بحكم طلبه ان يكون واحدا من الرعايا و ليس من المواطنين، ويضيف في كتابه، المستبد كيف يصبح مستبداً؟ ويقول المستبد من يغلّف أموره بأنه هو مقدس و ممثل عن المقدس هذه كلها قشور، وأي مستبد عبر التأريخ هو بشر ايضا، ولكن الذي يصنعه هم القابلين بضاعته، الاخرون يخلقونه، و يضيف ان المستبد حاله حال كأي تمثال ضخم شامخ و مهما يكبر التمثال يكون وضعه خطرا، يحتاج الى من يوقفه كى لايسقط، و يحتاج الى قاعدة، هؤلاء هم القاعدة، يمارس سياسات فيأتي بثلاث سياسات رئيسية، الاولى رعوية أبوية، لافوسيه كتبه في 1527 اي في القرن السادس عشر، و يمارس السياسة الابوية، يعطي ايحاء، ممارساته، يتفقد الرعية و يقبّل الاطفال و يزور المدارس و البيوت و يشعرهم بأنه الأب، بالثقافة الشرقية و حتى بالغربية، لأن الأب حتى لو مخطئا يطاع لأنه الأب، يجلب انتباه الاتباع كي يطاع كأب، السياسة الثانية التي سماها الملهاة أو الألهاء، يعمل مهرجانات المصارعة و يوزع نياشين، و بهذا يزيد من استبداده، مثل النطام السابق أتى بعدنان القيسي و نظّم المصارعة بزمن جرائم ابو طبر، يصرف مبالغ على مهرجانات رياضية، السياسة الثالثة يقول انه يحاول أن يركزهذه القاعدة التي خلقته، يعمل رياضيات يبدأ ب(6) و يغدق عليهم الأمتيازات، و يطلب من الستة ان يغدق كل واحد منهم جزء من امتيازاتهم على (10) أصبحوا ستة وستين، و كل واحد من الستين يغدق بعض امتيازاته المحسوبة الى مائة، 60×100 المجموع ستة آلاف، و يقول تصبح القاعدة من ستة آلاف و ستمائة الى ستة آلاف و ستمائة و ستة ستين، هؤلاء يكون مصيرهم و حياتهم بيد هذا الرجل، يدافعون عنه بالغالي و النفيس لأن وجودهم مرتبط بهذا الشخص.
لقد تم توزيع هذا الكتاب سراً و طبعته احدى الكنائس و عنوانه(خطب حول الاستعباد الارادي) لـ (لافوسيه)، الحكام الجدد في العراق بعد 2003 حاولوا تغيير الرعوية و العشائرية عبر الانتخابات، نحن نعلم انهت نظم متعددة في الانتخابات، هناك نظام عندما يتم استخدامه يساعد على بقاء ما هو تقليدي، ويوجد نظام آخر يقلل منه، نظام القائمة للمجتمعات المتقدمة، أما النظام الفردي ذو الدوائر الصغيرة يكرس نظام تقليدي، لذا هناك خطورة في هذا النظام الجديد، لا يُخرج ابن مدينة، و حتى لو كان في المدينة، فإن مدننا مسيطر عليها خارجها، التقليدي، الملاك، رجل دين أو عشيرة مسيطر عليها، هؤلاء لهم قابلية على السيطرة على الدائرة الصغيرة، بغداد كانت دائرة واحدة ستصبح 17 دائرة، و عندما كانت دائرة واحدة طلع مدنيين اثنين واحد من الشيوعي و الثاني من التيار مدني، كان الناخب البغدادي موجودا، أما الآن لايوجد الناخب البغدادي، الان يوجد ناخب منطقة ضمن بغداد، و لايوجد ناخب اربيللي يوجد ناخب دائرة انتخابية ضمن اربيل، و لو تم استخدام القائمة لا يمكن حل الامر حلا جذرياً، لكن افضل من الفردي، الفردي يكرس لك، القائمة يقلق التقليدية، بينما الفردي يفرّح التقليدية.
الاحتجاجات و المظاهرات من حق الناس و شرعية و مطلوبة، و و واقع الحال متعب و الناس يجب ان يغضب، لكن هؤلاء الغضبانين وحيهم ليس بمستوى، حيث ان المظاهرات التي حدثت في بغداد و المحافظات، المتظاهرون هم اول من طالبوا بالفردي، الكثير منهم شباب مندفعين لايعرفون مصالحهم، و في المقابل الاسلاميين من الشيعة و السنة سكتوا، بل وافقوا على النظام الفردي، النظام الفردي عبارة عن دوائر متعددة، أما التعدد من ثلاثة فمافوق، لماذا عملوا دوائر صغيرة، هو نظام فردي و تطبيقه على دوائر العراق ال(18)وحدة، تعتبر بغداد دائرة و كذلك اربيل دائرة و السليمانية دائرة، و عملوها لصالحهم، النظام الفردي يقوم على دوائر متعددة، اصبحت 83 دائرة بعدما كانت 18، و بهذا تسهل السيطرة على الدئرة الانتخابية، اخطر شىء على الديمقراطية ان تمارس بغير ديمقراطية، وهذه الكلمات للتحول الديمقراطي تخيل لايوجد تحول، التحول للديمقراطية ليس بالانتخابات بل بالثقافة و الممارسة، وهذا الذي يقول(ماننطيها) ليست ديمقراطية بل هو استبداد، فالمبدأ الأساس فيها التداول، أو تقسيم المناطق الانتخابية لهذه الدوائر، هذه الطريقة استخدموها في امريكا حيث قسموا المناطق في ولاية ماساتشوستس بحيث منعوا الطبقة العاملة من ارسال ممثليهم و بالتالي حرمانهم، و طبقوا في العراق على مستوى الاقضية، و كذلك عملوا تقطيع اصطناعي، مثلا الصدريون مع العصائب في بغداد، يقول واحد للأخر لو تعطيني الشعلة و اعطيك مدينة الصدر لو بالعكس، و نتفق انه بالشعلة تطلع نائبين فقط، بالصدر ثلاثة و فيها اكثر من ثلاثة ملايين نسمة، مجتمعنا معقد جدا، و هذا لايعني ان هذا المجتمع الصعب لم يكن له مثيل في مناطق اخرى.