• Wednesday, 25 December 2024
logo

المؤتمر القومي الأول للكورد مِرأةٌ لطموحاتِ الكورد --- ورسائِلُ سلامٍ حضارية

المؤتمر القومي الأول للكورد  مِرأةٌ لطموحاتِ الكورد --- ورسائِلُ سلامٍ حضارية
في 22 تموز 2013، شَهِدنا حدثاً تأريخياً لطالما أنتظرته شعوبنا المناضلة، عبر سنواتٍ من التضحيات، فقد أحتضنت هولير عاصمة إقليم كوردستان، وبإشرافٍ ورعايةٍ مباشرةٍ من قبل الرئيس مسعود برزاني، الأجتماع التحضيري الأول للمؤتمر القومي للكورد. حيث أجتمع ولأول مرة (39) حزباً سياسياً كوردياً مُمَثلاً لأطياف الشعب الكوردي في أجزاء كوردستان الأربعة، آذِناً ببداية مرحلة جديدة من تأريخ شعبنا الكوردي المناضل، أثلجت فيها صور كل تلك الأحزاب الكوردية مجتمعةً، قلوب شعوبنا العزيزة، وأحييت فيها أمالها بتحقيق أهدافها المشروعة من خلال خطوةٍ حضارية تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ شعوب المنطقة.
لقد تميّز نضال شعبنا الكوردي وعبر التأريخ، بحرصه على الوسائل السلمية، وبرغبته بالتعايش السلمي مع باقي شعوب المنطقة، إسوة بتلك الشعوب، ومُنطَلِقاً من مبدأ المساواة. لذلك فإن المؤتمر القومي الأول للكورد يهدف إلى إيصال صوت الشعب الكوردي و رسالته بإنه شعبٌ له أرضه، ولغته، وتأريخه، وتراثه، وعدد سكانه الواضح، وتعرض الى عمليات الإبادة الجماعية الـــ "Genocide". وإن هذا الشعب - إسوةً بالشعوب الاخرى- له الحق في تقرير مصيره، ويطالبُ بحقوقه المشروعة والقانونية بناءً على مبدأ السلمية والديمقراطية والتعايش السلمي والاحترام المتبادل.
فقد عانى الشعب الكوردي ولسنوات طويلة من تسخير ماكنة إعلامية عدائية ضده، حرصت على تحريف حقيقة تلك المطالب، وعملت على نشر أفكار وتصورات مشوهة عن ماهية النضال الكوردي، وتضحيات شعبه، كما وحاولت تلك الماكنة وبكل الوسائل طمس الهوية الكوردية، لكن وبسبب نضال وتضحيات شعبنا باءت كل تلك الجهود الضالمة بالفشل.
فمن هنا جاءت أهمية عقد المؤتمر، وجمع الأطراف الكوردية المختلفة، للتأكيد على حقوق شعبنا المشروعة، وعلى سلمية وديمقراطية الوسائل التي يريد شعبنا الأخذ بها لتحقيق طموحاته، بناءً على مبدأ التعايش السلمي، والاحترام الكامل لحرية وحقوق كافة المكونات التي تعيش على أرض كوردستان بكل تنوعاتها الدينية واللغوية والفكرية...

لذلك، نود هنا ومن خلال هذا المقال، أن نعرض لقراءنا الإعزاء أهم الأفكار المتعلقة بأهمية وأهداف المؤتمر ... وتأثيره على مستقبل ومصير شعبنا الكوردي ...



فكرة، وأهداف المؤتمر
في خِضم التفاعلات والأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط، وفي خِضم ثورات شعوب المنطقة، وتبلور إرادات الشعوب والمكونات المختلفة، لممارسة حقوقها المشروعة وعلى رأس تلك الحقوق حق تقرير المصير، وحق العيش بحرية وكرامة، والتخلص من السياسات القمعية المُتمثلة بمحاولات طمس الهوية، والإرث الحضاري، وفي خِضم نضال الشعب الكوردي في ارجاء كوردستان المختلفة لنيل حقوقه المشروعة أسوةً بباقي شعوب المنطقة، فقد جرت في السابق مداولات ومناقشات مُعمقة بين كل من الأخوة المناضلين الأربعة الرئيس جلال طالباني – الذي ندعو له بالشفاء العاجل، وسرعة عودته الى أرض كوردستان-، والسيد عبد الله أوجلان – أملين أن يتم إطلاق سراحه خدمةً للقضية الكوردية، ولنجاح سير العملية السلمية-، والشهيد الخالد إدريس برزاني، والرئيس مسعود برزاني، حول فكرة عقد مؤتمر قومي للكورد، لكن وللظروف والتحديات السياسية، والأقليمية، والدولية، التي وقفت عائقاً بوجه تبلور هذه الفكرة، لم ترى هذه الفكرة النور، ولم يعقد هذا المؤتمر حينها. لذلك، ففكرة عقد المؤتمر القومي الأول للكورد، وعلى أرض إقليم كوردستان، وبمشاركة الأحزاب السياسية، والنشطاء السياسيين، والأكاديمين، والعاملين في مجال المجتمع المدني من أرجاء كوردستان الاربعة، جاءت بناءً على فكرة مسبقة تم تداولها والإتفاق عليها بين القادة الأربعة..
والأن، أدت التغيرات الأقليمية المتسارعة الى تنامي وعي الشعوب بحقوقها وخاصة حق تقرير المصير، والذي أتى بدوره كتأثير إيجابي على القضية الكوردية، كما بلور حافزاً جديداً للدفع بالعمل النضالي الكوردي الى مراحل متقدمة أكبر. حيث أثبتت لنا سنوات العمل النضالي الطويلة والتجربة السياسية بأن حل القضية الكوردية يأتي من خلال رؤية دقيقة وقراءة شاملة لتداعيات ألاحداث في الشرق الأوسط، فلايمكن فصل القضية الكوردية عن تلك المعطيات الجديدة، شريطة أن لاتَجُرها تلك المعطيات، أو المُتغيرات المتسارعة الى تبني الوسائل العُنفية، بل أن تبقى القضية الكوردية وعبر سنوات نضالها الطويل مُحافِظةً على سماتها السلمية والديمقراطية.
بناء على ذلك، نجد ان شعوب الشرق الاوسط، قد توافرت لديها وسائل التعبير السلمي، واللاعُنفي للقيام بثوراتها، لكن وكما تتجلى لنا الاحداث الحالية، لم تكن كل تلك الثورات سلمية تماما بل أختلطت النشاطات السلمية مع العمليات العسكرية الدموية في بعض تلك النماذج الواضحة للعيان. لذلك، ولكي نؤكد على سلمية نضالنا، وعلى تمسكنا بإتباع كل الوسائل الديمقراطية واللاعُنفية أرتأينا عقد هذا المؤتمر القومي كوسيلة جديدة للتعبير عن أمال وطموحات شعبنا.
لذلك، فالمؤتمر يأتي كوسيلة سلمية، أكثرُ عصريةً وحداثة، للتعبير عن تلك الطموحات، والمُتمثلة بحق شعبنا القانوني المشروع في تقرير مصيره، بالطريقة التي يراها مناسبة لوضعه، كما ويأتي المؤتمر كوسيلة للتداول في السبل السلمية لتحقيق تلك الطموحات.
وهكذا، فإن الشعب الكوردي ضمن شعوب المنطقة التي تُريد نيل حريتها وممارسة حقوقها القانونية والشرعية. فكما يدعم المجتمع الدولي الحِراك الحالي لشعوب الشرق الأوسط لنيل الحرية والديمقراطية، يجب أن يَتَنَبه لصوت الشعب الكوردي أيضاً، ويجب أن توضع قضية الشعب الكوردي على طاولة كل القضايا المتعلقة بتحقيق وترسيخ إرادات الشعوب وتحررها، والتي يدور حولها النقاش والجدل والدعم الدولي.
ورغبة الشعب الكوردي في إسماع صوته للمجتمع الدولي لاتعني بأي حال دعوة التدخل الدولي في المنطقة أو تدويل قضيته، أو تحريضِ أياً من شعوب المنطقة على دولها، بل تدعو الى أن تكون القضية الكوردية ضمن القضايا المهمة التي يتم النظر فيها عندما تُدرس مشكلات الشرق الاوسط. وفي مثال واضح على ذلك، نجد إن المجتمع الدولي الأن مُنهمك في التعامل مع مطالب وحقوق الشعب السوري، وهناك جدل سياسي، وإنساني، وصل في بعض الأحيان الى جدل عسكري، حول كيفية مساعدة الشعب السوري، فالأجدر هنا أن يتم أيضاً العمل على وضع قضية الشعب الكوردي في سوريا، على نفس الطاولة التي يناقش فيها المجتمع الدولي قضية الشعب السوري، وأن يلتفتَ ويدعم بجدية للمساعدة في حل القضية الكوردية في سوريا.
وتكمن أهمية عقد هذا المؤتمر التأريخي في إنه يسعى الى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تُعتبر مرأةً لروح نضال الشعب الكوردي، وطموحاته في تحقيق تلك الاهداف بكافة الوسائل الديمقراطية والسلمية، ومن هنا فإن المؤتمر يهدف إلى:
تهيئة الأطار الجمعي للأحزاب السياسية الكوردية المختلفة من كافة أرجاء كوردستان، ومن مختلف الأيدلوجيات، للتداول والتحاور وتبادل الخبرات، ومناقشة الأفكار المختلفة حول سُبل الحِراك والنضال السلمي في جوٍ ديمقراطيٍ، وعلى أرض إقليم كوردستان، والذي يُمثل أول تجربة كوردية ناجحة في العصر الحديث.
التوصل الى إتفاق وميثاق عمل بين الاحزاب الكوردية المختلفة، ينص على تحريم وتجريم إقتتال الأحزاب الكوردية فيما بينها، وتجنيب الشعوب الكوردية ويلات الإقتتال الداخلي.
بلورة صوت الشعب الكوردي في خِضم الأصوات والأجندات المختلفة التي ظهرت الى سطح الحِراك السياسي، والثقافي في الشرق الاوسط لمختلف القوميات، والمكونات، والطوائف.
التوصل الى سياسة عمل مشتركة وموسعة للتعريف دولياً، وعلى مختلف المستويات، بما في ذلك مؤسسات العالم الديمقراطي، بعمليات القمع القسري، والمقابر الجماعية، وعمليات الإبادة الجماعية الــــ"Genocide"، وإستخدام الاسلحة الكيميائية والاسلحة المحضورة، وحملات الأنفال المُنظمة، التي شُنَتْ وبشكل متكررٍ ضد المدنيّن، والنساء، والاطفال، والشيوخ العزل من شعبنا التواق للسلم والديمقراطية، وللعيش على أرضه بأمان.
تعريف المجتمع الدولي بواقع الشعوب الكوردية، وبأهدافها، ونضالها، وبمسار القضية الكوردية في كافة أرجاء كوردستان.
إبراز، وإدراج ملف القضية الكوردية ضمن الملفات الأقليمية المهمة، وضمن نطاق النقاش الدائر حول حقوق القوميات المختلفة على المستوى الأقليمي "العالم العربي، تركيا، وإيران".
تهيئة الأجواء اللازمة لتنسيق عمل الأحزاب الكوردية من مختلف أرجاء كوردستان، لغرض التوصل إلى إستراتيجية، يتم فيها الأتفاق على ألإطار العام للعمل النضالي السلمي، البعيد عن أي مرتكزات عُنْفية، وتتبنى السُبل السياسية والديمقراطية والسلمية المعاصرة في سعيها لتحقيق أهدافها المشروعة.
مساعدة الأقطاب الكوردية المختلفة للتوصل الى مُقتربات فكرية وعملية للتواصل فيما بينها، مستفيدةً من التعرف عن قرب على التجربة الناجحة لإقليم كوردستان.
التعريف بالدور المهم والأصيل للمرأة الكوردية، سواء كان ذلك في ساحات النضال، أو في العمل السياسي، أو في الدور الأجتماعي والاقتصادي. والعمل على بلورة وثيقة عمل إستراتيجية تتوافق عليها الاحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني في كافة أرجاء كوردستان، لتمكين المرأة الكوردية، والعمل على مساعدتها من أجل تحريرها إقتصادياً، وتطوير دورها الفعال في كافة قطاعات المجتمع ومجالات العمل.
التركيز على التعريف بدور الشباب الكوردي في تفعيل المفاهيم السياسية، والديمقراطية، والثقافية المعاصرة ضمن نضال شعبنا، والعمل على إصدار وثيقة عمل مشتركة بين الشباب الكوردي في مناطق كوردستان المختلفة.
التعريف بالدور المهم والبناء لمنظمات المجتمع المدني، كونها من وسائل النضال السلمي، والديمقراطي المهمة، لأن المجتمع المدني كقطاع مُجتمعي فعال يُمثل حلقة الوصل بين الحكومات والشعوب، وعملها بجد يخدم تطور العملية الديمقراطية وترسيخ الياتها في المجتمع.
تعريف المجتمع الدولي والشعوب الإقليمية بحقيقة أرض، وأهل كوردستان، بشكلٍ يعكسُ الصورة الأصيلة والحقيقية لتأريخ، وسمات، وتراث الشعب الكوردي.
تسليط الضوء على أهم المحطات التأريخية المهمة في مسيرة النضال الكوردي، والأحتفاء برموز الحركة الكوردية في الأرجاء الأربعة، من خلال تحضير وثائقيات عن أهم الشخصيات الكوردية المعاصرة .
التعريف بالواقع الثقافي والادبي والفني في أجزاء كوردستان الاربعة، ودوره في تعزيز الحس القومي للشعب الكوردي، وسبل الارتقاء بوسائل التعريف بالثقافة والادب والفن الكوردي على المستوى الاقليمي والدولي.
التعريف بالدور الحقيقي والمهم لقطاع الإعلام، وماهية العمل الإعلامي الرصين، الذي يعمل بمهنية، ويوظف كل إمكانياته خدمةً لقضية شعبه، في التحرر والديمقراطية، وليس خدمة لتحزُبيةٍ معينة في اتجاهاتٍ مُشَتِتَة لوحدة المجتمع والصف الكوردي، وكذلك، التعريف بأهمية دور الاعلام كعاملٍ إيجابيٍ جامعٍ لشمل القطاعات المختلفة والمتنوعة من المجتمع الكوردستاني، وليس عامل تفرقة وتمزيق للمجتمع.
الشخصيات والجهات المؤمل مشاركتها:
أما بالنسبة لضيوف المؤتمر والمشاركين في فعالياته، فنأمل أن تتمخض المداولات والمشاورات الجارية حول التفاصيل التنظيمية للمؤتمر بين الاحزاب السياسية من مختلف أرجاء كوردستان، والمشاركة في تنظيم المؤتمر عن توجيه دعوات رسمية الى شخصيات وجهات عديدة، محلية على مستوى العراق، وأقليمية على مستوى الشرق الأوسط، ودولية. وذلك بناءً على مقترحات الأحزاب السياسية الكوردية من كافة أرجاء كوردستان، والأهداف المؤمل التوصل اليها في المؤتمر.
ومن أهم الامثلة على الفئات التي من المؤمل مشاركتها في المؤتمر بناءً على الألية المذكورة في أعلاه، هي الاحزاب السياسية الكوردية في أرجاء كوردستان الاربعة، والأكاديمين، والقانونيين، والمختصين (الكورد)، من أجزاء كوردستان الأربعة، إضافة الى القنصليات والبعثات الدبلوماسية الدولية والعربية في إقليم كوردستان، ووفد من الحكومة العراقية وكذلك وفد يمثل الأحزاب العراقية المختلفة. إضافة الى مشاركة المنظمات الاقليمية والدولية المختلفة مثل جامعة العربية، مجلس التعاون الخليجي، منظمة التعاون الأسلامي، الأتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، وإضافة الى وفود حكومات الدول المجاورة، بما فيها سوريا مُتمثلةً بالمعارضة السورية ومحددةً بتلك التي يعترف بها المجتمع الدولي ومؤسساته الديمقراطية بما فيها الامم المتحدة، هذا إضافةً الى الاحزاب السياسية وممثلي الشعب الكوردي في سوريا. كما ونأمل أن تشمل الدعوات، دعوة ومشاركة شخصيات سياسية وأكاديمية دولية، فاعلة في المجتمع الدولي، ومن المختصين والمهتمين بحقوق الأنسان، والقضية الكوردية.
من خلال هذه الرؤية الشاملة لماهية المؤتمر القومي الكوردي الأول، وأهدافه، وتطلعاته، والنتائج التي المؤمل أن يضطلع بها خدمة لشعوبنا المناضلة، والتي بذلت التضحيات الجِسام، في سبيل حريتها، فإننا نأمل، وسنعمل بكل جهدنا، على إكتمال الحلم الذي بقي لسنواتٍ طويلة رهن التحديات الأقليمية والدولية، وعانى ظلم السياسات القمعية التي أزحقت أرواح العديد والعديد من شبابنا، ونسائنا، وأطفالنا ...
فلن ندخر جهداً في سبيل إكمال حلم شعبنا الذي تكللت خطوته الأولى بالنجاح يوم 22 تموز، وستنبثق عن مؤتمرنا رسائلُ سلامٍ، وتعايشٌ سلمي مع كل شعوب المنطقة، وتعبيرٍ عن وحدةِ صفٍ، وتكاتفٍ بين أبناء الشعب الكوردي، وألاحزاب السياسية الكوردية، وسيكون المؤتمر مرأةً تعكس للقاصي والداني السمة الحقيقية لشعبنا، وروحية نضاله ...
Top