ناجي جاسم معاون مدير مدرسة هندرين في كركوك: الدراسة الكوردية في تطور مستمرّ
December 6, 2019
مقابلات خاصة
سقوط نظام صدام عام 2003 شكل بداية عهد جديد بالنسبة للدراسة باللغة الام لجميع قوميات كركوك، وبذلك شهدت المحافظة افتتاح المئات من مدارس الدراسة الكوردية كرَة اخرى. نستعرض البعض منها من خلال لقاء مع الاستاذ ناجي جاسم معاون مدير مدرسة هندرين الابتدائية للبنين ...حاوره: طارق كاريزي
شهدت الدراسة الكوردية طوال نصف قرن مضى في كركوك حالة من المد والجزر تبعا للظروف السياسية التي مرّت على المدينة. بعد اعلان اتفاقية آذار عام 1970 سمحت السلطات العراقية لسكان كركوك الدراسة بلغاتهم الام، وبذلك فقد شهدت المحافظة خلال هذا العام افتتاح المئات من مدارس الدراسة الكوردية في مركز المحافظة والاقضية والنواحي والقرى التابعة لها. مع تراجع السلطات العراقية عام 1974 عن تنفيذ بنود الاتفاقية المذكورة واعلان منطقة الحكم الذاتي من قبل الحكومة العراقية من طرف واحد ومن دون موافقة قيادة الثورة الكوردية، هذا التنصل الذي عزل مناطق كوردستانية واسعة (بضمنها كركوك) عن منطقة كوردستان للحكم الذاتي، تبعه سياسة التضيّق على الدراسة الكوردية حتى اضمحلت بالتمام مع مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
سقوط نظام صدام عام 2003 شكل بداية عهد جديد بالنسبة للدراسة باللغة الام لجميع قوميات كركوك، وبذلك شهدت المحافظة افتتاح المئات من مدارس الدراسة الكوردية كرَة اخرى. وحققت هذه الدراسة خلال ستة عشر عاما من مشوارها الجديد نجاحات باهرة في كركوك، نستعرض البعض منها من خلال لقاء مع الاستاذ ناجي جاسم معاون مدير مدرسة هندرين الابتدائية للبنين (تم استبدال اسمها اخيرا باسم احد شهداء كوردستان في الحرب ضد الارهاب):
*البعض يقدم صورة متشائمة عن واقع الدراسة الكوردية في كركوك، والبعض يقدم صورة متفائلة، اي من الصورتين تعبر عن الواقع؟
-من المؤكد ان الدراسة الكوردية بخير في كركوك، وللتدليل اشير الى بعض المعطيات حول هذه الدراسة. طوال السنين الدراسية الماضية حقق طلبة الدراسة الكوردية في محافظة كركوك نتائج باهرة، طلبة هذه الدراسة كانوا من الاوائل على مستوى العراق في اغلب السنين الدراسية، بل ان عددا من طلبة الدراسة الكوردية في كركوك حصدوا مرتبة الاول على مستوى العراق، والعشرات من خريجي الدراسة الكوردية يتم قبولهم في الكليات الطبية والهندسية في جامعة كركوك، علاوة على ان نسب النجاح في مدارس الدراسة الكوردية هي دوما الاعلى.
*وهل هناك معوقات امام تواصل نموّ هذه الدراسة؟
-نعم هناك معوقات وهي ليست صغيرة امام الدراسة الكوردية في محافظة كركوك. المعوق الاكبر هو النقص في الملاكات التدريسية، وهذا الامر يثقل كاهل المؤسسات التربوية ويؤثر على مستوى ادائها التعليمي والتربوي. نحن نتطلع بان تتولى حكومة اقليم كوردستان برفد مدارس الدراسة الكوردية بكوادر تعليمية في مختلف الاختصاصات من اجل سد ثغرات الملاك. وهناك نقص في المختبرات والوسائل التعليمية بشكل كبير. مقارنة مع مدارس الاقليم، فان مدارس الدراسة الكوردية في كركوك تعاني من نقص كبير في الوسائل التعليمية، جميع مدارس الاقليم مزوّدة بما فيه الكفاية من الوسائل التعليمية بينما مدارس محافظة كركوك تعاني من نقص كبير في هذا المجال، وهناك نقص كبير في المكتبات المدرسية ايضا.
*طيب وكيف حال الابنية المدرسية؟
- كان لابد من التأكيد على مسألة الابنية المدرسية، انها مشكلة تتفاقم عاما بعد آخر. الغالبية العظمى من ابنية مدارس المحافظة بجميع اللغات هي ابنية قديمة مرّ على انشاءها عقودا وباتت لا تصلح كابنية لمؤسسات تربوية فيها الكثير من النواقص وهي ابنية قديمة تعاني الكثير من آثار السنين. حكومة اقليم كوردستان قامت من جهتها ببناء عدد من المدارس في احياء مدينة كركوك، والحكومة الاتحادية من جهتها اعاد اعمار عددا من المدارس القديمة، لكن الحاجة للابنية المدرسية يفوق كل هذه الخطوات بكثير، خصوصا اننا امام توسع مستمر وزيادة متواصلة في عدد سكان المدينة. وهنا اود الاشارة الى ان طبيعة الابنية المدرسية في كركوك هي دون المستوى المطلوب ولا تتماشى مع اسس الدراسة الحديثة.
*وما هي المعوقات الدراسية بالنسبة لكم؟
-احدى المشكلات التي تتكرر كل عام هو اشكالية التفاوت في النظام التربوي بين بغداد واربيل، المناهج التعليمية في وزارة التربية في اقليم كوردستان قد طرأت عليها الكثير من التغيير والاصلاحات، فيما المناهج التعليمية في وزارة التربية الاتحادية لم يطرأ عليها المزيد من التغيير والتطوير، وهذا بحد ذاته يعد معوقا كبيرا، المناهج الدراسية المعتمدة في مدارس الدراسة الكوردية في كركوك هي المناهج المعتمدة من قبل وزارة التربية في حكومة الاقليم، وتزود الوزارة كل عام دراسي جديد مدارس الدراسة الكوردية في كركوك بما تحتاجها من كتب المناهج الدراسية. ومن المهم هنا الاشارة الى مشكلة عرضية تتكرر احيانا وهي الخطأ في وضع الاسئلة الامتحانية والتي تؤثر بشكل سلبي على واقع الدراسة الكوردية، خصوصا بالنسبة للصفوف المنتهية.
*وماذا تقول لذوي الطلبة خصوصا وان هناك شكوى حول تراجع المستوى الدراسي للطلبة؟
-من الطبيعي ان نمط الحياة قد طرأ عليها الكثير من التغيير، وهذا بالطبع ينعكس على حياة الانسان عموما والاجيال الجديدة بشكل كبير. ان التقنيات الحديثة باتت الشغل الشاغل لكل انسان في عصرنا الحالي، الطلبة في هذا الزمان يعيشون عهدا يختلف تماما عن العهد الذي عاشته الاجيال الغابرة. ان الثقافة الالكترونية باتت طاغية بشكل كبير حيث يأخذ الكثير من اوقات الطلبة ويعزلهم بشكل كبير عن التحصيل والدرس. من هنا فان التربويين وذوي الطلبة يشكون من قلة المام طلبة هذه الايام بمفردات التعليم التقليدية، فهم يشكون من العديد من المعوقات كصعوبة الالمام باحرف الابجدية واتقان رسمها الاملائي وتراجع القدرة على الكتابة. ومن اجل تلافي هذه الاشكالات التربوية، من الضروري التنسيق والتعاون بين ادارات المدارس وذوي الطلبة، ما يعني تسليح الطلبة بمختلف اطوار التعليم والتربية بالشكل الذي يخلق منهم افرادا كفوئين يستطيعون تولي المهام في السمتقبل.