آرام نيركوزيان في مركز CSIS ل(كولان): الاوضاع في سوريا تستمرعلى حالها ولايمكن حلها قريباً و بهذه البساطة
August 7, 2012
مقابلات خاصة
البروفسور آرام نيركوزيان أحد الباحثين المعروفين في معهد مركزالدراسات الستراتيجية والدولية (CSIS) و المتخصص في شؤون الشرق الأوسط و شمال افريقيا حول مسائل الأمن وستراتيجية الصراعات بين اميركا وايران وتحديات الحرب الأهلية في تقسيم المجتمع،ويعتبر نيركوزيان في الوقت الحاضر أحد المحللين السياسيين على مستوى العالم حيث يتصلون به بأستمرار للحديث حول الأوضاع في سوريا وهوصاحب التقرير الذي أعدّه لمعهد(CSIS)حول تدهور الأوضاع في حال جرى التدخل الدولي فيها،وللوقوف على المزيد من التحليل حول الأوضاع الراهنة في سوريا والجهود المبذولة لتغيير نظام الأسد،اجرت (كولان)الحديث الآتي مع البروفيسور آرام نيركوزيان،هذا نصه:
* يبدو أنّ الأوضاع في سوريا على نوع من عدم الأستقرارو هناك احتمال في أنْ تؤدي الى وقوع كارثة انسانية في أي وقت،برأيكم الى أين تتجه سوريا في حين أنّ الأسد لايزال متمسكاً بالسلطة، وهل كان من المتوقع أنْ تصل الأوضاع الى ماعليه الآن؟
- يجب أنْ نكون واقعيين في الأجابة،لأنه هناك ضغوط سياسية و اجتماعية واقتصاية في هذا البلد،والآن قد زاد ضغط آخر وهوالضغط الطائفي،كالمشكلة بين المسيحيين و العلويين و السنّة، و بالتأكيد الأقلية الكوردية ايضاً،كل هذه الضغوط تعرقل أي محاولة تُبذل لأيجاد مخرج من الأزمة،وحتى اذا ترك الأسد السلطة غداً أو يتم تشكيل حكومة جديدة على أساس اتفاق تقسيم السلطة،وتكون حكومة فعالة،وفي هذه الحالة يجب عليها مواجهة تداعيات تلك الضغوط، تقييمي لتدهورالأوضاع بعد 17 تموز حيث الأنتفاضة هوأننا نجد عقداً من هذه الحالة في سوريا و ما نعتقده هو اشارة الى أنه من الصعب معالجتها في المستقبل القريب،الشىء الوحيد الذي يطمأننا على الصعيد المحلي هو أنه لايزل هناك دافع قليل سواء من جانب نظام الأسد ومساندته أو من جانب المسلحين و المعارضة من جهة أخرى،أي لاتوجد أي محاولة حقيقية للوصول الى مساومة سياسية أو اجراء حوار وصولاً الى حل،وهذا يعكس التقسيم العميق والحاسم بين الشيعة و السنة في المنطقة،وبين دول الخليج وايران وكذلك القطبية التي تفرزها تلك الصراعات،مع عدم استقرار أي طرف للمساومة،كما أنّ الأوضاع تعقدت بسبب عامل آخر وهو وجود انقسام كبير بين الأطراف الدولية،كأميركا وروسيا والأمم المتحدة حول الستراتيجية الناجحة واتخاذ خطوة مناسبة أو دعم أي جهد يُبذل في هذا المجال،لذا فإنّ كل هذه العوامل لاتجعلني متفائلاً بأنتهاء الأزمة قريباُ،لوتحدثنا بصراحة كاملة سوف نجد أنّ الكثير من التقييمات حول قوات نظام الأسد و قوة المعارضة سوف تظهر فيها اختلافات كبيرة،لذا اعتقد أن تلك الأوضاع لايتم حلها قريباَ وبهذه السهولة، اذا لن تَحدّد الضغوط التي هي مصدرها الحكم و السياسة،سواء ذلك يتعلق بالأقلية العلوية أو الأغلبية السنيّة أوالمجموعات الأقلية الخرى التي لها مشكلة الهوية كالكورد.
*هناك بأستمرار قلق من دور المجتمع الدولي الذي يخشى التدخل الدولي لوضع حد للقتل الذي يواجه المدنيين من جانب الأسد،أو لم يبذل جهداَ يُذكرلأسقاط نظام الأسد،السؤال هو الى متى يبقى المجتمع الدولي متفرجاً على المذابح اليومية التي يتعرض لها ابناء الشعب السوري؟
- بدية أود القول فيما يتعلق بسوريا أنه لايوجد هناك شيء اسمه االمجتمع الدولي،لأن الكل مقسّم من هذه الناحية،النقطة الأخرى هي عدم استعداد اللاعبين الدوليين كروسيا و الصين والدول الأوروبية و كذلك دول الناتو و حتى دول الخليج لكي تتدخل بصورة مباشرة،لآنّه ليس بأمكان أي من تلك الدول وضع حل لتدهور الأوضاع في سوريا،أومن المحتمل أن تقع في صراعات ومنافسات حول المصالح القومية،ولكن تلك الصراعات لاتستوجب التدخل العسكري لأنه يعقّد الأوضاع اكثر حتى مع استمرار دائرة العنف وازدياد عدد الضحايا،وامامنا التجربة العراقية من هذا القبيل،من دون الأشارة الى ليبيا،وذلك لأن في العراق هناك تقسيم طائفي وعلى صعيد المناطق يوجد صراع بين الشيعة و السنة ،كل هذا يحدث في بلد الذي يمتلك ترسانة الأسلحة الكيميائية ونظام الدفاع الجوي، وما جعل الوضع اكثر تعقيداً هو انتشار تلك الأسلحة لو لم يتم التدخل في سوريا، وفي الوقت ذاته اذا ما تم التدخل حينها من الصعب السيطرة على تلك الأسلحة،و يجري الحديث حول نية الغرب أودول الخليج التدخل لحماية أرواح المدنيين،وهذا ليس لب المسألة، بل أنها تتعلق اكثر بمسألة الأستقرار ونشر الأسلحة وبقاء سوريا موحدة،المسألة الأخيرة هي انسانية،كما تجري في اميركا الأنتخابات وهذه جعلت الأمور صعبة بالنسبة الى أي قادة سواء منهم الجمهوريين أم الديمقراطيين،داخل البيت الأبيض أم خارجه تصدر منهم توصيات بشأن سوريا،في حين أنّ غالبية الأميركان يسعون الى معرفة مايدور في سوريا ،اذاَ هذه بحاجة الى وقت وجهد اضافيين.
* اذاَ الأمل الوحيد هو المعارضة و الحرب المسلحة،لم يبق أي بصيص أمل في الحل السلمي للأوضاع،كما لم يبق لدى المعارضة أي ايمان بالحوارمع الأسد وبالمقابل فإنّ الأخير لن يُقدم على اجراء أي اصلاح،اذاَ الخيار هو دعم المعارضة السورية، السؤال هو: هل بالأمكان اسقاط نظام الأسد من خلال المعارضة السورية؟
- التحدي أمام المعارضة يكمن في أنَ هذا النظام يحكم البلد لفترة طويلة وقد زاد من القساوة من اجل اجتثاث المعارضة،كونها معارضة غير مركزية و لا تمتلك قاعدة أومنطقة معينة حتى تتحول الى هدف،كما أنّ المعارضة لاتستطيع تغيير الحقيقة وهي أنها لم تتمكن حتى الآن من اختراق القدرة العسكرية لنظام الأسد الذي بقي الى حد كبير على قدرته الحالية،وكذلك فإنّ الجزء الكبيرمن الشعب السوري لا يتفق مع النظام،ولكنه ليس مع الأتجاه السياسي الذي تتبناه المعارضة،الكثير من اصدقائي يسألونني هل أنَ المعارضة هي الحل؟جوابي هو هل انها الحل ولماذا؟لآنه لواستجد الوضع وترك الأسد السلطة،فإنَ ظروفاَ أخرى سوف تنشأ و بالتالي فإنّ القوى المعارضة تتناحر فيما بينها،هناك طرف علماني داخل الجيش المنشق،الى جانب وجود الأسلاميين أو أصحاب أفكار، هم الأن موحدون لأنهم يحاربون الأسد،ولكن بزوال هذا التهديد سوف تعود تلك القوى الى الصراع فيما بينها،وهذا هوالسبب في أنّ الكثير من السوريين غير راضين على بقاء الأسد،كما أنهم غير موافقين على الأتجاه السياسي للمعارضة، وفيما يتعلق بالمعارضة السورية ليس هناك منْ يطمأن على بقاء دور للمجلس الوطني،لأنه ما يتم ملاحظته أن القوى التي تحارب نظام الأسد على أرض الواقع الآن اصبحت مثار الملاحظة والأهتمام، توقعاتي هي ليست كالمؤتمر الوطني العراقي وانما المجلس الوطني السوري لايلعب دوره في صياغة مستقبل سوريا أو لا يجري الحوارعلى طاولة المفاوضات،ولكن الذين يلعبون الدور هم الذين يقاتلون وما سوف يتبقى من نظام الأسد أومن الأقلية العلوية،لذا فأنني لاأرى أي حل،بل أنه عدد من السيناريوات أحدها هو الأتفاق بين المجموعات المختلفة،وفي احسن الحالات هوالأتفاق على تطبيق الفدرالية وفي اسوئها تقسيم البلاد و انفصال تلك المجموعات،واننا نجد هذا الضغط بين الكورد و العلويين ، السيناريو الآخر هو استمرار سلطة الأسد ودائرة العنف ،وليعرف أحد الى متى سيستمر و كيف ينتهي،أما الآخر عبارة عن الحل السياسي،واعتقد أنّ هذا بعيد جداَ .
* يتطلع الغرب كثيراَ الى اسقاط نظام الأسد،ولكن بسبب أنه غير متأكد من القوة التي سوف تتسلم السلطة من بعده،لذا فإنه يخشى من القيام بتقديم دعم كبير لأسقاط الأسد، السؤال هو:الى أي حد تعقّد تلك المخاوف الأوضاع في سوريا؟
- بالتأكيد إنّ هذا يؤدي الى تعقيد عملية الأقرار في الغرب،ولكن دول الخليج لها تكتيك آخر،فهي لاتهتم بمستقبل بعيد للمجموعات الأقلية أوالأستقرار الأجتماعي والأقتصادي،بل أنها تركّزعلى اسقاط الأسد وتؤيد القوات السنية والمتعاونة مع دول الخليج،الولايات المتحدة تولي جل اهتمامها بسوريا 2020 أو2025،وهل هناك بلد تستطيع تحقيق الأستقرار الأجتماعي والأقتصادي و في الوقت ذاته يحافظ على اقلياته،حيث يوجد مليونا مواطن مسيحي ومليونا علوي و اقلية معروفة من الكورد،هل أنّ كل هذه المجموعات ستبقى بحيث تحصل على ضمانات بمنحها حكم ذاتي أو تمارس سياساتها،ولهذا السبب يعتقد الكثيرفي الغرب أنّ سوريا لاتمتلك الثقافة الديمقراطية والحكومية وسياسة تمثيل الشعب بأعتبار أنّ المرحلة الأنتقالية في الدول الأخرى تسير بشكل غير صحيح،كاليمن ومصر وبمراعاة الضغوط الموجودة على الأقليات، لقد تولّدتْ هذه النظرة بأنّ أي من هذه الدول لاتدير المرحلة الأنتقالية بشكلها الحقيقي وتواجه مشكلات مستعصية في هذا الجانب،ومشكلة سوريا تدور في ذات الحلقة وذلك لأنّ الأسد ارتكب جملة من الأخطاء وهورئيس يفرض نفسه بقوة ويستمر في جرائمه الحالية،الى جانب أنّ المعارضة السورية ليس لها من يقودها بين وجود مجلس وطني و اطراف مختلفة،هذه هي الأوضاع في سوريا و الشرق الأوسط،لذا تدعوالحاجة الى وجود قائد يتصف بمصداقية ويستطيع فعلاَ القيادة المثلى ،في الحقيقة شئنا أم أبينا لايوجد في الوقت الحاضر الشخصية التي لها موقعاَ منظماَ غير الأسد،المعارضة لاتملك شخصية محنكة تؤيده جميع الأطراف.