• Monday, 06 May 2024
logo

نص كلمة ممثل رئيس اقليم كوردستان في مؤتمر تقييم الوضع الراهن في منطقة الشرق الاسط وشمال افريقيا

نص كلمة ممثل رئيس اقليم كوردستان في مؤتمر تقييم الوضع الراهن في منطقة الشرق الاسط وشمال افريقيا
بدأت في مقاطعة سردينيا الإيطالية امس الاول أعمال مؤتمر (تقييم الأوضاع الراهنة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) الذي نظمه مجلس برلمان حلف الشمال الأطلسي (الناتو) واستمر لمدة يومين حضره زعماء ومندوبو عدد من الدول والمنظمات الدولية… ونيابة عن السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان القى السيد نيجيرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني كلمة في المؤتمر إستعرض فيها المآسي التي تعرض لها شعب كوردستان سيما إبان حكم حزب البعث البائد من أنفال وقصف كيمياوي وتغيير عنصري للتكوين القومي التأريخي، وتطرق نيجيرفان بارزاني الى نظام الحكم القائم اليوم في العراق على أساس الفدرالية كما نص عليه الدستور العراقي وأن معالجة القضية الكوردية هي الضمان لأستتباب الآمن في العراق والتعايش القومي والديني والمذهبي القائم في أقليم كوردستان بأبدع صوره وتجلى بالذات في ايواء آلاف العوائل المسيحية وغير المسيحية التي غادرت مناطقها في وسط العراق وجنوبه هرباً من الأرهاب والقتل والدمار.
وفيما يأتي نص الكلمة:

ايها السادة
كان بود الرئيس البارزاني أن يحضر مؤتمركم إلا أن ظروفاً خاصة قد حالت دون ذلك فأسمحوا لي أن أعتذر نيابة عنه.. يسعدني جداً أن أحضر هنا مع عدد من الشخصيات الموقرة وأحييكم وقد تسنى لي الحضور كشخص من الشرق الأوسط وتقبلوا تقديرنا على مساندتكم وصداقتكم لشعب أقليم كوردستان العراق… لقد توصلنا عبر نضالنا لعقود من الزمن الى قناعة تامة بأنه ليس هناك بديل عن مساندة الدول الأوروبية الكبرى مادفعنا لأن نستغل كل فرصة لبناء علاقات راسخة مع الدول الأوروبية في المجالات السياسية والأقتصادية والأجتماعية ومع البرلمان الأوروبي كقناة علاقات رئيسة.

أنا على يقين تام بأننا جميعاً مصممون على عدم نسيان ماتعرض له أقليم كوردستان في الماضي: فقد أرسل، وخلال فترة زمنية قصيرة (عام 1988) أكثر من (182) ألف مدني كوردي غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال الى مصير مجهول وسويت أكثر من 4500 قرية كوردية مع الأرض.. وقد أستهدف نظام صدام المدنيين وبصورة مباشرة بالسلاح الكيمياوي في مدينة حلبجة ومناطق أخرى من كوردستان العراق وقد سرنا جداً أن عرفت المحكمة الجنائية العليا في العراق ومجلس النواب العراقي تلك الجريمة الأنسانية كجريمة إبادة جماعية (جينو سايد).. إلا ان ذلك لايكفى بل يجب أتخاذ خطوات أشمل والعمل بشكل أعم لتعريفها.. وفي ذات الوقت بودي أن أعبر عن تقديري للأطراف التي تعمل من أجل رفع هذه المسألة الى المجلس التشريعي وأدعو سائر الأطراف للعمل الجدي على أعتبار الجرائم التي أرتكبت ضد الشعب الكوردي جرائم إبادة جماعية على المستوى الدولي.

لقد كان ماحدث في اقليم كوردستان جريمة بشعة ضد العالم أجمع، وضد الإنسانية لذا فأن مساندتكم لنا هي موضع أمتناننا لكي تبقى هذه الذكرى الأليمة حية في الضمائر كمسعى شريف لقطع الطريق أمام من يحاولون تكرار تلك الجرائم اللاأنسانية..
إن هذا الأجتماع المهم يعقد اليوم في ظروف تشهد تحولاً كبيراً في بعض دول المنطقة والشرق الأوسط فنحن نشهد اليوم احداثاً لم تكن بالحسبان في الماضي وقد حدثت بعضها بصورة سلمية وبعضها الآخر بمواجهات مسلحة وعنف وتطرف نجمت عنها حالات عديدة من القمع والقهر.

لقد بذلنا نحن في العراق مساعينا لمنع بعض الضغوطات التي تسمى اليوم بـ (ربيع العرب) والأساس في ذلك يعود الى أن العراق الجديد أكثر ديمقراطية من أكثر دول المنطقة وفي ذات الوقت نتعرض في ترسيخ الديمقراطية الى العديد من التأزم والعقبات، فلم ينج شعب العراق من نير النظام البعثي إلا منذ وقت قصير وبالتالي فأن العملية السياسية ونظام الحكم القائم في عراق اليوم هو قريب والى حد بعيد من طموحات العراقيين… نحن في العراق نتعرض الى الكثير من المواجهات والصراعات فمشكلة وجود وترسيخ الديمقراطية في بلادنا هي أقل بكثير من مشكلة ترسيخ النظام الجديد والفدرالية فيه.لاسيما أن العراق يواجه اليوم ثلاثة معضلات رئيسة يجب معالجتها لكي يزدهر بلدنا وينجح وينتصر وهي:

العراق بأمس الحاجة لبناء الثقة بين القادة والأطراف السياسية لأن ثقافة وأساليب النظام السابق قد ضربت عميقاً في أفكار بعض القادة العراقيين وتصوراتهم السياسية والمطلوب منهم أن يعرفوا جيداً بأن على السياسيين أن يعملوا معاً ويتعاملوا بسلام وتعاون ووئام.

على العراق أن يعتمد المؤسساتية في تطبيق النظام الفدرالي وكما هو وارد في الدستور الذي يمنح الأقاليم الفدرالية سلطات مهمة، ولكن بحدود في الأدارة الذاتية. لقد صمم كورد العراق ويبقون هكذا، على بناء عراق يكون نظامه الأساس الفدرالية والتعددية الحزبية والديمقراطية ويصون حقوق مختلف القوميات والجماعات والأطراف من تهديدات الحكومة المركزية المتوقعة.
إن النظام الفدرالي ومنح الصلاحيات السياسية للأقاليم هو طريق حكم متبع في معظم دول أوروبا وشمال أمريكا وآسيا وعموم العالم ماينفي وجود أي أدعاء أو مبرر للقول بأن هذا النظام سوف يفشل في الشرق الأوسط.

النقطة الثالثة والأخيرة: على العراق أن يعالج بشكل جدي مسألة المناطق (المتنازع عليها) وأتباع نهج عصري وحضاري لتصحيح السياسات الخاطئة التي أتبعها النظام البعثي وآثارها ونتائجها.. ويقيني أنه لايمكن أن تستقر أوضاع السلام والأستقرار في العراق بشكلها الأمثل مالم يمنح أبناء المناطق (المتنازع عليها) حق إقرار مصيرهم بأنفسهم وبالشكل الذي وضع له الدستور العراقي خريطة الطريق والتنفيذ.

أيها السادة.. بودي أيضاً أن أبدي بعض الملاحظات وأضعكم في صورة الأوضاع العامة في أقليم كوردستان.. إن قوة ومتانة نظامنا الديمقراطي، ورغم وجود العديد من المواجهات أمامنا من سياسية وأقتصادية، إنما تمنحنا الثقة بأن بأمكاننا أن نواجه المستجدات ونحقق أهدافنا وطموحاتنا.
ولأننا ومنذ فترة جيدة، نحكم أنفسنا بأنفسنا وقد تمكنا من تحقيق الأزدهار والتطور، هذا في وقت عانت فيه مناطق أخرى من العراق الآلام والمآسي وباستمرار.. نحن نعيش في أقليم ذي تعددية قومية ودينية ويسوده تراث وثقافة ثرة في قبول بعضنا البعض والأحترام المتبادل كما أننا مستمرون بأستقبال الآلاف من النازحين من مسيحيين وغيرهم القادمين من أجزاء العراق الأخرى ونقدم لهم وبكل رحابة صدر المآوى والمساعدات وكذلك فرص العمل إن توفرت لدينا.. نحن في الأقليم نطور مصادر الطاقة وهو حق مشروع لنا ونص عليه الدستور العراقي فضلاً عن أن أقليم كوردستان يتمتع بمصادر واسعة للطاقة والطاقة الطبيعية في مقدمتها وهو الآن حاضر ومشارك في السوق الدولي أو العالمي للطاقة.. إن نظامنا السياسي وإن كان حديث العهد ويافعاً، إلا أنه يعيش حالة متقدمة من التطور والنماء ونحن الآن أيها السادة، في مرحلة ترسيخ أسس الديمقراطية وأمامنا مهمات صعبة لتحقيق المسؤوليات الملقاة على عاتق القادة الديمقراطيين في هذا العالم.

لقد تمكنا بفضل التعاون القائم بين قوى الأمن في إقليم كوردستان والمواطنين الواعين لمسؤولياتهم، تمكنا من أرساء وضع آمن ومستقر ونواصل السير على النهج الذي أتبعناه حتى الآن في محاربة الأرهاب والعنف اللذان يشكلان تهديداً جدياً وكبيراً على مسار العلاقات بين المجتمعات الديمقراطية في عالمنا اليوم وهي بعمومها مكتسبات حققناها بنضالنا وإيماننا الراسخ بالديمقراطية والتعاون الخير.. فقد أدت بنا مسيرة العمل الجاد والمخلص من قرى مدمرة وأرض محروقة الى بناء المراكز التجارية والأسواق العصرية والمتنزهات (الباركات) العائلية والعامة ومن أقتصاد متخلف مسيطر على أرباحه وإيراداته من قبل ثلة من السياسيين الى بناء قطاع خاص نشط وتطوير الأستثمار الخارجي.. في منطقة أو أقليم نادراً ماكنت تجد فيه مدرسة وتسودها برامج دراسية حافلة بالدعاية للسلطة بل و خلت من الحياة والأمان.الى أقليم يزخر بالعديد من المؤسسات التربوية ويشارك فيها القطاعان العام (الحكومي) والخاص في تأمين فرص الدراسة بمستوياتها العالمية، إن مواطنينا هم الآن في حالة متقدمة من دخول شبكة المعلومات العالمية.. هذه كلها أنتقالة لقوى الحرية والديمقراطية وبشكل لم يحصل في أية منطقة أخرى ولن تجد في عالمنا الجديد قصة نجاح كبرى كما هي في أقليم كوردستان وهي تخرج من بين أنقاض المآسي والآلام وتقف على قدميها بثبات في أرض كان الكورد يناضلون فيها فقط من أجل حماية أنفسهم من سياسات الأبادة الجماعية والقهر القومي التي كان يتبعها أعتى نظام دكتاتوري، فقد كنا محاصرين ومضطهدين، من قبل دولة كان المفروض بها أن تدافع عنا، فيما نشارك اليوم وفي ظل الديمقراطية والفدرالية، في بناء دولة حديثة وحقيقية وقوية تساعد مواطنيها لتحقيق أمانيهم وتطلعاتهم.
إن نجاحنا إنما هو نجاح مسيرة طويلة من النضال، نحن نعتز بمكتسباتنا التي كافحنا بأخلاص من أجل تحقيقها وبناء هذا اليوم السامي في حياتنا وتطلعات عموم العراقيين سواء أيام كنا جزءاً من الحركة التحررية الوطنية أم في وقتنا الحاضر حيث نشارك بفاعلية ومسؤولية في الحكومة الأتحادية ببغداد.

في الختام علينا أيها السيدات والسادة ألا ننسى أن المجتمع الدولي وهو يرحب بـ (الربيع العربي) ، هو الآن أمام أسئلة غامضة وباهتة أزاء ذلك الربيع فما زال مصير الملايين من البشر في الشرق الأوسط متعلقاً بتوازن القرارات السياسية التي تتخذ بهذا التوجه يومياً.. نحن في العراق كنا بحاجة الى ثلاثة عقود من الزمن لنتخلص من معاناتنا ومآسينا، غير أننا نجحنا في حماية أنفسنا ونواصل اليوم تقدمنا في مختلف مجالات الحياة والأمل كل الأمل أن يأخذ الأخرون في أقليم كوردستان هذا الأمر نموذجاً حياً ودليلاً أكيداً على أن بأمكان المد الديمقراطي أن يبني ويؤمن حياة أفضل لعموم البشر.

ختاماً أهنئكم أيها السادة وأعضاء المجلس البرلماني لحلف الناتو على مساعيكم النبيلة لترسيخ السلام والديمقراطية وقبول الآخر والعيش بأمان ووئام وسلام ويساند أقليم كوردستان جهودكم تلك وينتظرنا معاً مستقبل مشرق ونتطلع الى تواصل تعاوننا المشترك في منع الظلم والأستبداد على طريق الأطمئنان الأمثل للتطورات التي يشهدها العالم على وفق الأسس التي تجمعنا معاً.

أشكركم وأتمنى لكم دوام الموفقية وتقبلوا تقديرنا على أتاحتكم هذه الفرصة لنكون معكم اليوم ونحضر مؤتمركم الموقر
Top