• Saturday, 29 June 2024
logo

كيف يؤثر الهواء الملوث على صحة أمعائك؟

كيف يؤثر الهواء الملوث على صحة أمعائك؟
تعيش في أمعائنا مليارات البكتيريا، والتي يستكشف العلماء تأثيرها على صحتنا ودورها في زيادة أو تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية وكيفية تفاعلها مع أجهزة الجسم وأعضائه، مثل الدماغ، بالإضافة إلى مشكلات أخرى كثيرة لا مجال لحصرها.

ورغم أنه ليس من الواضح بعد كيف يبدو التركيب المثالي لهذا المجتمع الميكروبي في الأمعاء، فهناك شبه إجماع على أنه يتأثر بعوامل البيئة، مثل النظام الغذائي. وأضاف البعض إلى هذه العوامل البيئية تلوث الهواء، والذي رأوا أنه يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض طويلة الأمد. وهذا يعني أن الأمعاء أصبحت أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، في ظل تردي جودة الهواء في المدن حول العالم.

تقول ماري بيدرسن، الأستاذ المساعد بجامعة كوبنهاغن، إن "تركيب المجتمعات الميكروبية قد يتغير من وقت لآخر طيلة مراحل حياتنا لأنه يتأثر بالعوامل البيئية، إذ تحدث الكثير من التفاعلات بين الأمعاء وبين العوامل الخارجية التي نتعرض لها".

وقد كشفت دراسات عن دور العوامل البيئية في الإصابة باضطرابات الأمعاء الالتهابية، التي تشمل داء كرون والتهاب القولون التقرحي، وهما مرضان مزمنان ولم يُكتشف لهما علاج بعد. ويصاب المرء باضطرابات الأمعاء الالتهابية عندما يضعف الجهاز المناعي وتقل كفاءته، وعندها يمضي الجسم في مهاجمة نفسه، أي يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم، بدلا من مهاجمة الأجسام الدخيلة، مسببا تقرحات والتهابات في القناة الهضمية.

تقول جاينا شاه، مديرة المعلومات بمؤسسة مكافحة داء كرون والتهاب القولون التقرحي الخيرية بالمملكة المتحدة "تخيل أن لديك جرحا غائرا لا يندمل أبدا، وهذا الجرح ليس ظاهريا بل يوجد داخل أمعائك. وكلما أكلت أو شربت شعرت بألم شديد كأنك وضعت الملح على هذا الجرح".وبينما يصيب التهاب القولون التقرحي الأمعاء الغليظة فقط، فإن داء كرون قد يصيب أي جزء من القناة الهضمية. لكن كلا المرضين يمتد تأثيرهما إلى جميع أعضاء ووظائف الجسم تقريبا، من الهرمونات والهضم ومستويات الطاقة إلى الصحة النفسية. وتقول شاه إن المصاب بهذين المرضين يحتاج إلى علاج طيلة حياته، وإذا تطور المرض، فقد يحتاج إلى جراحة.وتقول شاه "وإلى جانب العامل الوراثي، تزداد احتمالات الإصابة بمرض كرون والتهاب القولون، بسبب استجابة مناعية شاذة تجاه بعض البكتيريا التي تعيش في الأمعاء، وربما يكون سببها مؤثرات بيئية خارجية".

وقد ذكرت بعض الأبحاث أن هذه المؤثرات البيئية قد يكون من بينها الأنظمة الغذائية والضغوط النفسية. لكن ثمة أدلة تشير إلى أن البكتيريا غير المضرة تساعد في تقوية الجهاز المناعي وتدريبه لمحاربة السلالات الأكثر ضررا من البكتيريا، ولهذا فإن البقاء في بيئات خالية من البكتيريا والجراثيم ليس مفيدا للجهاز المناعي.

ويقول جيلاد كابلان، الأستاذ المساعد بجامعة كالغاري والذي أجرى عدة دراسات عن العلاقة بين الأمعاء وتلوث الهواء، إن العوامل الوراثية والعوامل البيئية قد تتسبب في اختلال التوازن بين البكتيريا النافعة والضارة في القناة الهضمية بطرق مشابهة.

ويضيف "اكتشفنا أكثر من 200 طفرة جينية حتى الآن تزيد من خطر الإصابة باضطرابات الأمعاء الالتهابية. وهذه الجينات لها علاقة بالجدار المعوي، وبعضها يؤثر على الطريقة التي تحارب بها الخلايا المناعية، في الجدار المعوي، البكتيريا الضارة".

ويتابع "فكما تؤثر الطفرات الجينية على كفاءة الحاجز المعوي في الوقاية من مسببات الأمراض، كذلك تعوق العوامل البيئية هذه الأنظمة الدفاعية عن القيام بوظائفها. فإذا كنت تحمل طفرة جينية تضعف الجهاز المناعي أو الأمعاء، فهذا يعد مؤشرا على احتمال الإصابة بالمرض".

وهذه النتائج دفعت الباحثين إلى إجراء دراسات عن دور تلوث الهواء في زيادة احتمالات الإصابة باضطرابات الأمعاء الالتهابية، واستدلوا بنتائج دراسات سابقة أثبتت ارتفاع معدلات الإصابة باضطرابات الأمعاء الالتهابية في المدن والبلدان الأكثر تقدما.

وخلص تحليل لدراسات إلى أن أعلى معدلات الإصابة باضطرابات الأمعاء الالتهابية سُجلت في أوروبا وأمريكا الشمالية، بينما يتواصل انتشار المرض في البلدان التي شهدت تطورا صناعيا مؤخرا في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.





بي بي سي
Top