• Saturday, 29 June 2024
logo

وثائق سرية من عالم التنس: اخسر المباراة لتربح آلاف الدولارات

وثائق سرية من عالم التنس: اخسر المباراة لتربح آلاف الدولارات
كان كريم حسام واحدا من أفضل لاعبي التنس العالميين في يوم من الأيام. وكان يتمنى المشاركة في أكبر المسابقات العالمية إلى جانب أبرز أبطال هذه اللعبة، ولكنه بدل ذلك شارك في واحدة من أكبر شبكات الغش المكتشفة إلى حدود الآن في رياضة ينخرها الفساد من كل جانب. في هذا التحقيق، يستخدم مراسل بي بي سي، سايمون كوكس، تسجيلات ووثائق سرية للكشف عن مسيرة كريم وانهياره.

بدأت قصة انهيار مشوار كريم الرياضي في غرفة في فندق بسيط في تونس في شهر حزيران / يونيو 2017، إذ كان الرياضي، البالغ من العمر آنذاك 24 عاما، يجلس قبالة اثنين من محققي الشرطة البريطانية السابقين.

كان المحققان يعملان لصالح وحدة النزاهة في لعبة التنس (TUI)، المكلفة بالبحث في استشراء الفساد في اللعبة، واعتراهما شك بأن كريم كان يتلاعب في نتائج المباريات.

وفي سلسة من جلسات التحقيق التي امتدت ستة شهور، كشف كريم أنه أصبح قبل أربع سنوات جزءا من أكبر شبكات التلاعب بالمباريات في عالم التنس.

وقد لا يختلف اثنان في أن دورة المستقبل للاتحاد الدولي للتنس التي تقام في منتجع شرم الشيخ المصري لا ترقى إلى مستوى بطولات مثل ويمبلدون أو رولان غاروس من ناحية عدد الحاضرين أو قيمة الجوائز.فبطولة شرم الشيخ، التي تجرى إلى جانب مجمع للتسوق، لا تجتذب إلا عددا صغيرا من المشاهدين، كما أن الجوائز المخصصة للفائزين لا تتجاوز 15 ألف دولار، أي ربع المبلغ الذي يحصل عليه الخاسر في الجولة الأولى في ويمبلدون.

وفاز كريم حسام بهذه البطولة أربع مرات عندما شارك فيها لمرة أخرى في عام 2013.كان كريم المصري يبلغ من العمر آنذاك 20 عاما، وكانت تعقد عليه الآمال في شمال افريقيا لأنه كان واحدا من أفضل لاعبي التنس الناشئين في العالم، إذ كان تصنيفه يقترب من أفضل عشرة ناشئين على المستوى العالمي. وكان قد بدأ في المشاركة في دورات اتحاد محترفي التنس الكبيرة جنبا الى جنب مع أفضل اللاعبين في العالم.

شارك كريم في بطولتي أستراليا المفتوحة وبطولة رولان غاروس، ولكن الدورة المقامة في شرم الشيخ كانت واحدة من دورات عديدة تقام حول العالم ويحاول من خلالها الآلاف من اللاعبين الناشئين الحصول على ما يسد رمقهم.

كان كريم حسام يستعد لخوض مباراة في شرم الشيخ عندما بادره لاعب آخر بالقول، "أتريد أن تخسر المباراة لقاء ألف دولار؟"

وكان اللاعب ذاته قد اتصل به قبل عدة شهور من ذلك في بطولة قطر المفتوحة سائلا إن كان على استعداد لخسارة المجموعة الأولى في مباراة كان يشارك فيها لقاء ألف دولار.

وكان كريم في تلك المباراة يواجه واحدا من أفضل لاعبي العالم، وهو ريشار غاسكيه، الذي كان تصنيفه التاسع عالميا (أي حوالي 300 مرتبة قبل كريم). إلا أن كريم رد عليه بالقول: "أنا ألعب مع غاسكيه، ولست هنا لبيع المباراة."

ولكن الموقف في شرم الشيخ كان مختلفا. فلم يكن من المهم بالنسبة لكريم إن كان سيفوز أو يخسر، ولكن بعد التفكير في الأمر قرر أن يمضي قدما في موضوع التلاعب. قال كريم للمحققين، "أردت أن أجرب الخوض في الموضوع لأني لم أجرب ذلك من قبل. اعتقدت بأن ذلك الشخص إنما كان يكذب عليّ، فلم أكن أعلم بأن المقامرة (على مباريات التنس) موجودة أصلا."

ولكن الشخص لم يكن يكذب. "وبعد خسارته المباراة، ذهب كريم صحبة الشخص المذكور الى مكتب لويستيرن يونيون من أجل تقاضي المال الذي تعهد به."

كان بإمكان المقامرين المساهمين في هذه الشبكة أن يحصلوا على أكثر بكثير من الألف دولار، وكان بإمكانهم المقامرة على مباريات أخرى كذلك.

يقول فريد لورد، مدير دائرة محاربة الفساد في المركز الدولي للأمن الرياضي في قطر، "عندما تكون لك معرفة من الداخل بأولئك المتورطين في التلاعب بنتائج المباريات في رياضات بعينها وخصوصا رياضة التنس، يمكنك الحصول على مبالغ لا بأس بها، فنحن نتكلم عن مبالغ قد تبلغ نصف مليون يورو."

الا أن الأمر الذي لم يستوعبه كريم حسام هو أنه باع مستقبله الرياضي مقابل ألف دولار، فبالنسبة للسلطات المشرفة على لعبة التنس، عقوبة مخالفة واحدة من هذا النوع تصل للحظر الكلي من ممارسة اللعبة مدى الحياة.لم يتمكن كريم من كتم الموضوع، فأخبر أباه الذي كان ساعده في تمويل سعيه الرياضي. وقال كريم للمحققين إن والده "غضب غضبا شديدا، وقال له إنه يدمر حياته بهذه الصفقات".

بعد تلك المخالفة الأولى، قال كريم إنه حاول لفترة أن يتجنب تكرارها، ولكنه اعتقد أيضا أنه لو كان لديه المزيد من المال سيكون من الأسهل عليه أن يطور مسيرته الرياضية. قال، "أردت أن اشارك في دورات كبيرة ومهمة كدورات في الولايات المتحدة أو غيرها، وكل ذلك كان يتطلب المال."

وهكذا واصل كريم ما بدأ به، وواصل تقاضي الأموال مقابل خسارة المباريات. ولم يمض وقت طويل حتى أصبح هو الآخر وسيطا لشبكات القمار. كان ذلك يتطلب بين الفينة والأخرى خسارة مباراة، وفي حالات أخرى خسارة مجموعة واحدة في احدى المباريات. كان ذلك يعتمد على ما يريده المقامر.

وقضى كريم السنوات الأربع التالية في المساعدة في التلاعب بنتائج المباريات في مصر وتونس ونيجيريا، وكان يتقاضى لقاء كل عملية من مائتي إلى ألف دولار.








بي بي سي
Top