اجرى الحوار/ خليل بله يي
الفنانة أميرة ونداوي، فنانة تشكيلية عراقية مقيمة في ألمانيا منذ عام 2000، ولدت في بغداد لعائلة كردية، تهوى الرسم والخط من صغرها، درست الفن التشكيلي والرسم فيالمانيا، ولها العديد من المشاركات في المعارض الفنية في المانيا واوربا ومصر والمغرب، تعرض لوحاتها في اروقة بعض من ابرز الشركات في المانيا مثل IBM و AOKو دويتشه بانك.
تميزت باسلوبها التجريدي الغني بالالوان الحيوية، مع توظيف الخط العربي في أعمالها الفنية باسلوب مبتكر، أثار اعجاب النقاد وكثير من الفنانين البارزين. تخطط لاقامةمعرض فني في أربيل، لاعمال فنية مستمدة من التراث والادب الكردي.
• الخطاب البصري للفن التشكيلي يراوغ بين البوح والتستر، أيهما الأكثر ملائمة لطبيعة هذا الخطاب من حيث العلاقة مع المتلقي؟
- قيمة العمل الفني تتمثل في جماليته البنيوية من جهة وما يحمله من معنى ورسالة من جهة أخرى، وللفنانين في تغليب أحد الطرفين على الاخر في ذلك مذاهب، كذلك متذوقي الفن. وكل هذا يتأثر بشكل كبير بالمستوى الثقافي والخلفية المعرفية للفنان وللمتلقي على حد سواء.
* هل يمكن للفن التشكيلي تجاوز مؤثرات البيئة الطبيعية والبيئة البشرية التي يتبلور فيهما؟
- في لوحاتي، الموضوع الرئيسي موجود دائما، أحاول ان لا ابالغ في اخفاءه، لأترك للمتلقي متعة ايجاده بنفسه. لكني أكره في نفس الوقت التبسيط، وإقحام العناصر غير الضرورية في العمل الفني بما يشبه السرد. فالمقارنة بين اسلوب التستر والبوح في هذه الحالة عندي هو أشبه بالفرق بين الاستماع الى أغنية لفيروز، ومتابعة نشرة الاخبار مثلا.
* هل يمكن اعتبار التشكيل هروبا من التداعيات القاسية للواقع، ام انه نداء اعتراضضد مظاهر الزوغان في الحياة الاجتماعية؟
- الفن التشكيلي حاله كحال الفنون الاخرى وليد بيئته، وتعبيرا عنها، لكن الفنان بطبيعته كائن غير منضبط، يهوى التمرد، وهو مجبر في الوقت ذاته على الانصياع للسياقات العامة التي يفرضها عليه مجتمعه، والذي يشكل جمهوره جزءا منه. هذه الاشكالية انتجت عبر العصور بعضا من أروع الاعمال الفنية التي لا تزال تفاجيء نقاد الفن الحديث بمعانيها والغازها التي لا تنتهي.
• "الصدق" شكلت المفردة الاكثر اثارة في احدى لوحاتك، طيب هل هذا يعني اننا نعيش زمن اللاصدق؟
- لايوجد زمان للصدق أو للاصدق، فالصدق والكذب هما جزءان من الطبيعة البشرية، متأصلان فيه، يرافقانه سوية منذ بدء الخليقة، وهما كباقي النقائض في العالم يكملان بعضها البعض، كما النور والظلام. وفي حين ان اشكالية الصدق والكذب تدور غالبا حول ما يصرح به المرء وما يصدر عنه من قول، فإن جانبا آخر للحقيقة يبقى مخفيا ومستترا في أعماق النفس البشرية، وهي الحقائق المسكوت عنها، التي لايصرح بها للاخرين، نفاقا أو تجملا أو حتى حبا.
نحن نجتهد احيانا في اخفاء الصدق الذي بدواخلنا واسدال الستائر الثقيلة عليه، كي نحمي من نحبهم، أو لكي نستطيع الاستمرار بالعيش بين الاخرين بسلام وراحة بال. أعتقد أن كثيرا من مشاكلنا سوف يتم حلها، لو حاولنا تفهم الاخرين بدل محاكمتهم.
* القراءة الآنية للفنان التشكيلي العراقي لواقع بلده ومجتمعه لا يخلو من استحضار الماضي ورموزه، ما المبرر لذلك؟
- لا جدال بأن العراق يملك تاريخا وحضارة هي الاقدم والاغنى بين حضارات الشعوب والامم. فاستحضار رموزه في الاعمال التشكيلة برأيي يحقق التوازن النفسي والروحي للفنان الذي يريد تعزيز صلته بتراث بلده من جانب، والاحتفاظ بعزلته عن الواقع المرير الذي يعيشه البلد حاليا للأسف من جانب آخر.
* الكثير من التشكيليين العرب وتشكيليي الشعوب التي تكتب بالابجدية (الآرمية- العربية) تستخدم حروف هذه الابجدية كمفردات تشكيلية. الى اي مدى يمكن الارتهان لجمالياتفن الخط والحروفية في الخطاب الجمالي؟
- الخط العربي يتميز في أن جماله في ذاته، بانحناءات حروفه وخطوطه الرشيقة التي تعتبر من أرقى الأمثلة للفن التجريدي. وهذا الفن بلغ ذروته وشكله الحالي على يد شيخ الخطاطين حامد الأمدي الكردي 1891 - 1982 م.
يعتبر استخدام الخط في اللوحات التشكيلة أو مايسمى بالحروفيات حديثا نسبيا، ورغم كثرة المحاولين في هذا المجال، إلا أن من برع منهم يعدون على اصابع الايدي. فعلى عكس المتوقع، يضيف استخدام الحروفيات عبئا جديدا على الفنان التشكيلي، يتمثل في القواعد الصارمة والهندسية للخط العربي، التي ان لم يستوعبها، ويحسن التعامل معها جيدا أثناء انجاز عمل فني ما، فسينتهي به الامر الى خسارة القيمتين الجمالية والتعبيرية لعمله الفني في آن واحد معا.
في النهاية اشكر مجلة كولان على اتاحة هذه الفرصة لي للتواصل مع احبائي في كردستان.