• Thursday, 16 January 2025
logo

بعد فوات الأوان ....... عبير ربيع الجامع

بعد فوات الأوان .......              عبير ربيع الجامع
حدث اللقاء الأول بينهما في زحمة المراجعين والموظفين في الدائرة الرسمية ،المكان صاخب بالضجيج، التقت به أول مرة موظف في الدائرة دقق أوراقها ومن خلالهم عرف عائلتها، رحب بها واهتم لأمرها وعرض عليها المساعدة في أي شيء يستطيع القيام به، بعث السلام إلى والدها، فرحت بمعرفته، أصبح عندها شخص يعرفها ويقدرها في فوضى المكان.
رجعت إلى منزلها وأخبرت والدها عنهُ وعن مساعدته واهتمامه بأمرها، أخبرها والدها أنة إنسان ذو خلق ومن عائلة محترمة. بعد أسبوعين من اللقاء الأول ذهبت إلى الدائرة تتابع أمرها، لم تضع إي اهتمام لرؤيته واعتبرته شخص عابر قدم إليها المساعدة من باب احترام عائلتها لكنهُ ينتظر بلهفة وشوق للقائها ,كان يعتقد سوف تزوره عندما تأتي لمراجعة الدائرة، كانت تشغلها أمور كثيرة مرت من أمام غرفته ولم تلق نظرة عليها, كان يترقب الممر، رآها عندما مرت ولم تلق التحية علية بقي في حيرة من أمره بأن يخرج يكلمها أو ينتظرها تكمل عملها وتزوره، بقي في مكانة توقع إن تزوره وتلقي التحية علية و لكنها خرجت من المكان ولم تلق إي نظرة علية، ربما خشيت أن تشغله عن عمله، كان الجو حاراً في ظهر الصيف، جلست في محل خاص بالدائرة ومعها صديقتها تستريحان بعض الوقت ترتويان العصير البارد، خرج هو أيضا واتجه لنفس المكان الذي اعتاد إن يستريح به يوميا، ولم يعلم سوف يلتقي بها هناك كانت صدفة جميلة تخفف عنه التوتر والحزن ، جلس قبالتها ولم يلق التحية علها خشي إن يحرجها، لكن نظراته الوالهة كانت تبعث بسحر شفي وابتسامة رقيقة رسمت على وجهه، كان معجبا بجمالها ورقتها وبريق عينيها، لم تنتبه لهُ لكنهٌ لفت انتباه صديقتها، قالت لها أنظري إلى ذالك الموظف الجالس أمامنا يلاحقك بنظرات أعجاب، بدأ يشغل حيزا من تفكيرها وحاولت إن تفسر نظراته هل هي نظرات أعجاب أو مجرد أوهام، لم تضع أي احتمال إن يرتبط أو يعجب بها بسبب فارق العمر، هي كانت تعتقد أنة متزوج ولدية عائله، لأنهُ عمره قد تجاوز الخامسة والثلاثين وظهرت علامات التعب والإرهاق على شكله.
مع مرور الأيام جمعتهم صدف كثيرة ، كانت فرصة لم تعوض بالنسبة لهُ، أن يتقرب منها أكثر، جرت بينهم أحاديث عامة لا تحتوي على أي خصوصية، لم يقل إي شيء يخص حياته، أنه كتوم بطبعه ولا يملك الجرأة الكافية للتكلم عن خصوصياته، والبوح بالمشاعر المرهفة التي يكنها نحوها،
هو يعتقد لم تكن هناك حاجة لتبادل عبارات الحب والغزل لان الحب أحساس متبادل وشفافية تكشف ما في القلب من مشاعر صادقة وتنطق بها العيون وتفضح مكنون القلب.
لم تعرف كل شيء عنة، لكنهٌ عرف عنها الكثير، طلب منها إن تأخذ رقم هاتفة عندما تحتاج إلى مساعدة لا تتردد بالاتصال، رحبت بالفكرة وأعطتهُ رقم هاتفها لأنها قد شغفت به حباً، كانت تتوقع أن يواصلها على الهاتف لكن لم يحدث الذي توقعته، انه غريب بطبعه ولا يشبه احد من الرجال.
كانت تنتظر اتصاله، مرت الأيام ولم يتصل, تسأل نفسها لماذا كان متلهف لأخذ رقم هاتفه ولم يتصل, وضعت احتمالات لسؤالها ، ربما لا يملك الجرأة الكافية للتحدث معها ويبوح بمشاعره، أو يخشى من ردها وعدم قبولها، اتسعت دائرة حيرتها وبدأت دقات قلبها تنبض بالقلق والشكوك تقتحم تفكيرها .
لم تقنع بالاحتمالات التي وضعتها لتبرر تصرفاته، لان الحب لا يعرف معنى الخوف والتردد
قررت إن تتصل ولا تتردد، حبست الخوف والقلق في داخلها واتصلت به، رحب بها أجمل ترحيب فهمت من الاتصال لم يحدث شيء لهُ، ولم تتغير مشاعره نحوها من خلال نبرة صوته ولهفته وشوقه للقاء.
قفلت الهاتف وهي مشتت الأفكار لا تستطيع فهم الذي يحدث هل هو حُب ألم وهم؟
تكلم نفسها ما هذا الحب الصامت الذي لا يعرف معنى الكلام والبوح بالمشاعر المخفية التي لا تظهر إلا على العيون ولا يستطيع أن ينطقها اللسان.
أحيانا تكون الجرأة والصراحة صفتان تلازمان استمرار العلاقات الناجحة ودوام الحب ، وإيجاد الحلول للكثير من الأمور العالقة والأسئلة المهمة، وتصبح القرارات صائبة تسعى لتحقيق المراد، عند وضوح الأمور، لكن هو لم يملك الجرأة الكافية للتكلم عن ما في قلبه من مشاعر صادقة، يكتم أمور كثيرة ولم يتحدث عن حياته الشخصية، كان غامضا وغريب الأطوار ولا يعرف طرق التواصل نحو تحقيق أهدافه المطلوبة.
عانت من انتظار المجهول وربما تنتظر شيء غير موجود ألا في خيالها، تفكر أن تجد حل يريح رأسها من الأوهام والهواجس ويخرجها من حالة القلق والتوتر.
اتخذت قرار سريع أن تزوره في مكان عمله بحجة أمر ما، ربما تسمع شيء يعيد أليها هدوءها الهارب ذهبت إليه وأستقبلها بترحابه المعهود، جلست قبالته تلتزم الصمت وتنتظر منه أن يتكلم لكنهُ أيضا التزم الصمت لم يقل شيء جديد أو يلمح عن مصير علاقتهما، وجدت من الأفضل إن تنهي العلاقة التي أصبحت هما كبيرا عليها، وتقطع الأواصر التي تربطها، وجدت كذبه بيضاء تخرجها من الوهم الذي تعيشه مع إنسان غامض لا تعرف ماذا يخبئ في داخله، لأنها شعرت بالتردد والقلق يسري في عروقه، توقعت أن يكون متزوج وهذا السبب الذي يبرر تصرفاته، أخبرته سوف تسافر إلى خارج الوطن تكمل دراستها. لم تظهر عليه علامات الدهشة والحزن أحتفظ بهدوئه المعتاد، ربما كان على قناعه ورضا إن تنتهي العلاقة المتأرجحة التي لم يستطيع إن يضع الأسس المتينة لثباتها.
بعد انقطاع دام شهرين التقت بإحدى الموظفات التي تعمل معهٌ بنفس المكان، كانت بينهم معرفه سابقه، انتهزت ألفرصه وسألتها عنه ،ُ سمعت ما لم تكن تتوقع أن تسمعهُ، قالت لها انه ألان مسافر، سيعود قريبا ولم يتزوج بعد، اهتز كيانها وتملكها أسى قاهر، لأنها لم تستطيع نسيانه كانت تعتبره نموذج للرجل المثالي الذي تجتمع فيه أغلب الصفات الجميلة من خلق ووجدان، و قلبه المضيء الذي لا يعرف معنى الكراهية يشع بالنور والعطاء على الجميع يساعدهم دون مقابل.
فكرت إن تنتهز ألفرصه قبل فوات الأوان وتتصل به لعله رجع من السفر، لتخبره بوجودها وعدم سفرها حاولت الاتصال به، لكن لم يرد عليها. قررت إن تزوره كانت مشتاقة لرؤيته، توقعت إن تعيد كل شيء كما كان ، ذهبت وفي عينها بريق الأمل وعلى وجهها رسمت ابتسامه التفاؤل، استقبلها بتحية والسؤال عن عائلتها وعن سفرها ودراستها ، أوضحت لهٌ الأمور، بعدها التزم الصمت، كانت نظراته اعتيادية خاليه من أي مشاعر، شعرت بتغير الذي حدث لهٌ،جلست نصف ساعة ولم تفهم ما الذي حصل، لماذا تغير وأصبح جامدا في مكانه لا يتحرك بقي يعمل وغير مهتم لوجودها، اندهشت من تصرفه وشعرت بعدم ارتياحه لوجودها، خرجت من غرفته وذهبت لغرفة الموظفات جلست تنتظر صديقتها التي أتت معها في أمر ما، بدأت الأسئلة تدق ثنايا تفكيرها والاستغراب يأخذها إلى طرق غير منتهية من الأوهام ، لكنها وجدت الأجوبة والأسباب التي تخرجها من دائرة حيرتها، سمعت الموظفات يتكلمن عنه ُ، عرفت من كلامهن انه تزوج قبل أسبوع وكان هذا السبب الذي غير تصرفاته، عرفت أنها أتت متأخرة، بعد فوات الأوان. على الرغم من الألم والحزن الذي سببهُ لها، لم تغير نظرته نحوه، بقيت تحترمه و تعتبره مثالا للوفاء والإخلاص.
Top