عن الثورة والحب!
"خيبة أمل" كان عنوان تلك المسرحية، تعرض في اليوم ألف مرة وفي كل ثانية تمضي يزداد الخوف من تقمص الدور أكثر. سحقاً للمسرح وسحقاً لعقلي الذي غدا خشبة المسرح.
يبكي القلب في كل يوم وتتحجر مقلة العين، يوم يغرس في قلبي الحنين إلى دمشق الحب والذكريات، ما الذي حل بك أيتها الجميلة، كيف فاض الألم في كل شارع وحيّ من شوارعك الجميلة البرّاقة، كيف أصبح الجميع نازحاً يحمل جروحه وأحلامه وآماله ويرحل بعيداً استجابةً لتعنتٍ أحمقٍ، طويلَ الرقبةِ وغبيّ الطباع.
كالطلقة أصابت موطن الأحلام، كانت الممارسات الدموية لمن نهبنا أربعين عاماً، قذائفٌ ورصاصٌ وبارودٌ ونار وشعبٌ ينهض في كل مرة من تحت الرماد ليكسر قيود الحصار.
في كل ليلِ أعيش مشاعر الحنين المختلفة، تفاصيل منمّقة وأخرى عكرة، أحلامٌ كبيرة تكسرت على حاجز تركيبة سلطوية شمولية جعلت منا عبيداً في مزرعة الأسد. واليوم يقصف الأسد المزرعة بمزارعيها.
هزمني في الشام حبٌ لن يعود ولن يتكرر، وهزمني مرةً أخرى في عمان وكسحني أرضاً في الرياض، هاجمتني بصواريخها اللامرئية، أطاحت بأجمل أحلامي الوردية، أين هي تلك الفتاة الثورية، التي تدرسني قواعد وفنون الحب الثورجية، وتلقنني الفروقات ما بين مقدرات الستينجر وإمكانيات السام التدميرية. وتمنحني إحصائيات يومية حول ما تبقى من مدرعات البطة النازية.
أنّى الطريق للسيطرة على المعابر الحدودية، المؤدية إلى قلب البيضاء الجميلة، تلك التي اشتقت إليها شوقاً حفر في القلب بئراً ارتوازية، اليوم أعلن انشقاقي عن ساديتك المجحفة وسلطتك الديكتاتورية، فأنا إنسانٌ حرٌ لم ولن أرضى بعبودية جميلة الوجه وثنية.
فقاعةٌ فكرية، وأناشيد الثورة الأبية، وسهراتٌ يوميةٌ مضنية تكتسحني فيها أمواجٌ عاتية تتكسر على شاطئ القلب مؤذية ومدوية، تقتلني ملوحة مياه البحر، بين كثبان رملية.
ألمٌ وألمٌ وألم كان العنوان الأبرز والمشترك، ما بين نشرات الأخبار وصحيفة "الأنا" أنا من أخوض المعترك، حزن كثقب أسود ابتلع ما تبقى من فرح أو ابتسامة أو أمل، شكراً لكل من زرع الحزن والأسى وأدار ظهره ومشى.
مللت قرقعات السياسة وأزيز الرصاص ومنعكساتها الانهزامية، أحن إلى شام الحب والجمال في كل لحظة وكل ثانية. كي ألتقي فيها بحسناء "ما" مخملية صبغت شعرها بلون أحمر النبيذ طوعاً لا كراهية.