• Friday, 22 November 2024
logo

هل يشكل المثقفون طبقة؟

هل يشكل المثقفون طبقة؟
- كثيرا ما يتداول المثقفون و الدارسون و عموم المتعلمين و سائر الناس مفهوم المثقف على أساس مغلوط، و مجانب للفهم الصحيح، و العلمي و على أساس السيرورة التاريخية لمختلف التشكيلات الاقتصادية و الاجتماعية.


فمنهم من يتعامل مع المثقف على انه المتعلم الحامل لدرجة علمية-دراسية معينة. و منهم من يتعامل معه على انه هو الذي يفهم و يعرف، و منهم من ينظر إليه على انه هو المنتج للفكر … الخ.
و نحن هنا سوف لا نركز على دلالات المفهوم حسب ما ذهب إليه الدارسون، لأن ذلك قائم فعلا في العديد من الدراسات التي تفرغ أصحابها لدراسة الموضوع دراسة علمية دقيقة. و هذه الدراسة ، حتى وإن أعطت للمفهوم ما يجب من تمحيص، إلا أنها تبقى سجينة الواقع الأكاديمي، و العقلية الأكاديمية و رفوف المكتبات بدل أن تتحول إلى واقع ملموس يتطور، و يتحول بفعل الثقافة و المثقفين. بل إن ما نذهب إليه ببساطة هو أن المثقف هو الذي امتلك القدرة على إنتاج وسائل إنتاج القيم الاجتماعية و الإنسانية التي تلتصق بالحياة العامة، و بالحياة الفردية، فتعمل على تطويرهم على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية بما يتناسب مع التحولات الاقتصادية الاجتماعية نحو المرحلة الأرقى.
و مثقف هذه هويته لابد أن يسعى بثقافته إلى نشر قيم الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و الإنسانية.
و لبسط الموضوع و توضيحه حسب الفهم الذي نذهب إليه سنتناول في هذه العجالة مفهوم المثقف، و مفهوم الطبقة، و علاقة الطبقة بوسائل الإنتاج، و موقع المثقف من تلك الوسائل، و دور الطبقة، و دور المثقف، و علاقة الالتقاء و الاختلاف بين التسلق و الانتحار في شخصية المثقف، و هلامية الفهم، و ضرورة التحديد. حتى نصل إلى خلاصة تجعلنا نحدد من هو المثقف، حتى يتبين لنا : هل يشكل المثقفون طبقة أم لا؟ و حتى نضع التداول المغلوط عن المثقفين في مكانه الصحيح، و من اجل أن لا يستمر الدارسون و المثقفون أنفسهم في ترويج المغالطات.
المثقف
فماذا نعني بالمثقف ؟ و هل المثقف هو المتعلم ؟ هل هو الحامل لشهادة علمية معينة ؟ هل هو المنتج للمعرفة الأكاديمية ؟ هل هو الموظف السامي ؟ هل هو رجل السلطة ؟ هل هو رجل الأعمال ؟ هل هو الأديب أو الفنان أو المسرحي السينمائي ؟
إننا عندما نقف على الحقيقة العلمية لهذه المفاهيم موضوع الأسئلة سوف نجد أنفسنا أمام حقيقة مهولة عندما نقوم بالتفريق بين المتعلم و المثقف، و بناء على ذلك فالمتعلم قد يكون مثقفا، و قد يكون غير مثقف، و المثقف قد يكون متعلما أو غير متعلم. و نفس الشيء نقوله بالنسبة لحاملي الشهادات العلمية مهما كانت درجتها كما نقوله في الموظفين مهما كان سلم ترتيبهم، و في رجال السلطة مهما كانت مسؤوليتهم، و في رجال الأعمال مهما كانت استثماراتهم. و نعتبر أن كل ذلك قد يخدم الثقافة من وجهة نظر معينة إذا كان هؤلاء مثقفون فعلا، و كون الإنسان من عامة الناس أو من الكادحين لا يمنع صيرورته مثقفا إذا كان منتجا للقيم الثقافية.
Top