إقليم كوردستان بين أمواج الصراعات .. رسالة من القلب
ان القراءة المتأنية لما يجرى من حولنا على المستوى الدولي والاقليمي من أحداث ومواقف بحجمها وسرعتها بحيث يصعب تفكيكها وتحليلها من أجل فهمها، لا تبشر بالخير للمنطقة إن سارت على هذا المنوال، بل سيدخلها نفقا مظلما ونارا محترقا للأخضر واليابس.
الدول وخاصة العظمى منها تتعامل على أساس تأمين مصالحها وحمايتها من الخطر وتحاول الوقوف على قدميها وكسب الصراعات القائمة بينها وبين الآخرين وتسجل الأهداف عليهم سياسيا وأقتصاديا وعسكريا وغالا ما تحاول إدارة أزماتها الداخلية بمكاسب وسياسات خارجية وباتت هذه السياسة سمة عصرنا وإن كان على حساب الشعوب الأخرى التى لا حول لها ولا قوة سوى الرضوخ والانقياد لهم.
شاءت الأقدار أن يكون أرض كوردستان منذ القدم ساحة المبارزة والصراع وعرض القوة بين أصحاب القوى والشعب هو الضحية سواء كان مع جهة او طرف من الأطراف أم أتخذ موقفا حياديا لأن المعارك كانت تجري على أكتافهم بل كانوا وقودا لتلك الحروب والصراعات، وكان القتل والدمار والتخريب والتهجير من نصيبهم.
في الآونة الأخيرة أشتدت حدة هذه الصراعات بين الدول وكادت أن تبلغ ذروتها مثل أمريكا وإيران وتركيا وروسيا ودول وأتحادات أخرى متعددة وتحاول كل منها بسط نفوذه على أكبر قدر ممكن مستغلا ثرواته البشرية والاقتصادية والعسكرية، وتلعب بشعوبها كيفما تشاء ويدفعهم الى القتال مع بعضها البعض تحت عناوين ومسميات متعددة ومختلفة وتزرع في نفوسهم الحقد والكراهية للآخرين وأنهم على الحق والصراط المستقيم هذا التمزيق والتشتيت يصب في صالح الدول.
إقليم كوردستان /العراق تجربة ديمقراطية رائدة في المنطقة برمتها من خلال مؤسساتها الادارية والاعلامية والحزبية وممارساتها الانتخابية وأمنها وتمثيلها الدبلوماسي وثقلها السياسي والعسكرى ودورها في إدارة دفة الحكم في العراق الاتحادي الفيدرالي ومواقفها المتوازنة وسياستها الحكيمة.
هذه المرة ليست كسابقاتها بل بدأ شرارة النيران تظهر ورياح الحرب تهب وأعمدة دخانها تعانق السماء ناهيك عن الازمة المالية والصحية التي زادت من حدة الصراع و ولدت منها صراعات اخرى ليدفع بنا الى الهاوية.
ومن أجل ان يكون موقف حكومة الإقليم متوازنا وسليما وتحاول ان تستفيد من هذه الصراعات القائمة القديمة والجديدة لصالح شعب كوردستان فهى تحتاج الى سياسة حكيمة ومتوازنة تجعل من مصالح الاقليم وأمنه أساسا في التعامل مع الأحداث وتحافظ على أستقلاليتها وحياديتها وفق القوانين الاتحادية المرعية ولا ينجر الى تأييد طرف على حساب الاخر ولا يكون أداة بيد احد الاطراف لتنفيذ سياساتها ضد الاخر.
مهما يكن من الأمر، فإن صلابة الجبهة الداخلية يؤدي الى سياسة خارجية ناجحة لذا على حكومة الاقليم ان تعمل بجد في سبيل رص الصف الوطني المشتت والمختلف في مواقفه ونظرته الى الاحداث خاصة بين الاحزاب المشاركة فيها والمعارضة وان تحاول معالجة الازمة المالية الخانقة وخاصة دفع رواتب الموظفين.
باسنيوز