• Friday, 17 May 2024
logo

التعايش ولا بد!

التعايش ولا بد!
فاروق الحجي




من الواضح أن مصير الكورد، والعشائر العربية في شرق سوريا أصبح مشتركاً، على خلاف الماضي؛ فإذا كان التعايش في الماضي مرتكز على التلاصق الجغرافي والإداري، فإن الأمر الآن صار سياسياً، وأخذ بعد أكثر تعمقاً.

عادة فإن للعيش معاً مناخات وبيئات، فإذا كان القرار من المركز، نقصد القرار بعيداً، فيبقى هذا التعايش سلس وغير مجبر على الالتزمات تجاه بعضهم البعض، لأن لكل طرف طريقه الخاص في التعامل مع مركز القرار، وهنا مأخذين:

الأول: إنّ هذه المكونات اللصيقة لا تجمعهم مصلحة مشتركة، وبالتالي لا تساهم في إنتاج هويّة مجتمعيّة غنية للجغرافية، وتاليّاً فإن فقدان الأمان، والحساسيات سيبقى سيد الموقف.

الثاني: إن هذا النوع من التعايش يعتبر تعايش قسري، تماماً مثلما ساهم النظام في عملية دمج الهويات تحت شعار "صهر كل الأقليات في بوتقة الأمة العربية"، ما يعني أن الشعور بالمظلومية يبقى قائم، ويمهد للاحتقان المجتمعي، وقابل لأي انفجار أهلي، وقد يؤدي إلى حرب.

منذ أن انطلقت الثورة السورية، فإن الحديث عن العشائر لم ينته، وكذلك عن الكورد، وكون أن المكونين يعيشان معاً على جغرافيّات متاخمة لبعضها البعض، وفي مساحات كبيرة متداخلة فإنّ التكهن في رسم مصير مشترك بات حقيقة.

ولا نستغرب أن الكورد والعشائر يعيشون معاً سياسياً وادارياً منذ أكثر من خمس سنوات، وهم بذلك انتجو معاً واقعاً سياسياً يشكل اليوم نواة للحكم المحلي، والسؤال الذي يطرح نفسه، هو، هل يدوم هذا الفعل المشترك؟

في الحقيقة أنّ المسألة من حيث الشكل، نعم، ثمّة معطيات وحجج كثيرة تدعم مقولة (أجوبة): نعم، بيد أنّ لهذه الاستدامة شروط ودواعم، وأبسط شرط هو رؤية الجميع بأن المصلحة مشتركة، وأنّ الطرفان أكثر احتياجاً لبعضهما البعض، وأنّ سمات التهميش كانت متشابهة في وقت نظام الاستبداد.

والحال، فإن ما يهدد "العيش المشترك" بين الكورد والعشائر أكثر مما يجمع الطرفين.

فمن يعرف المنطقة والطبيعة أو نمط العيش، وكذلك لعبة الاقتصاد، والمصالح فإنه يدرك حجم التحديات.

المشهد القائم الآن يواجه مخاطر عديدة، تابعية العشائر إلى عشائر في جهة أخرى من الحدود ما يمهد لاختراق الواقع العشائري من قبل أنظمة الدول المجاورة.

وكذلك وجود النظام، وعلاقة بعض الشيوخ به، فضلاً عن حيّل المعارضة وجلب تركيا للتدخل وأيضاً تحريض المجتمعي على بعضه البعض.

بقي القول، إنّ "العيش المشترك" هو القدر المحتوم اليوم، ويبدو أنّ بسط سيطرة قوات قسد على كل هذه المنطقة، منبج غرباً، ودير الزور جنوب شرقًا، وديريك شمال شرقًا، لم يأت من عبث، فهو تطور تاريخي جمع المكونين على رسم مصير مشترك متكئاً على المظلومية التاريخية.








باسنيوز
Top