وتنطلق العمليّة الدستوريّة بكوردي واحد!
وأخيراً... انطلقت العمليّة الدستوريّة السوريّة بعد أكثر من ثمانية أشهر من الجمود، ولعل سبب جمود العمليّة في كل هذه الفترة يعود إلى عاملين:
الأول: بسبب الخلاف بين المعارضة والنظام حول أولويات عمل (أجندة) اللجنة، إذ أنّ النظام أصرّ على خوض مسائل مثل محاربة الارهاب بحجة "المبادئ الوطنيّة"، والمعارضة أصرّت على الخوض في "المبادئ الدستوريّة" وبين الموقفين عزا الكثير من المتابعين أنّ سبب التعطل يعود إلى غياب إرادة الطرفين للخوض في مسألة باتت هي الأهم من بين كل المسارات التفاوضيّة، وتكاد تكون هذه المسألة هي الأولى، والأخيرة.
الثاني: بسبب كورونا، حيث وما أن انتزع المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسون موافقة الطرفين لعقد جلسات اللجنة الدستوريّة حتى طغى فايروس كورونا وجه العالم، وتجمّدت حركة المطارات، والاجتماعات الفيزيائية الأمر الذي تلكئ فيه سير العمليّة الدستوريّة، وتجمّدت في مكانها.
ومن المعلوم أنّ العمليّة الدستوريّة تقتصر على عقد اللجنة الدستوريّة السوريّة المصغرة، والتي فيها كوردي واحد فقط في حين أنّ نسبة الكورد في العمليّة ككل أربعة أعضاء من أصل مائة وخمسون عضواً؛ وعلّل الكثير عند انطلاق العملية سبب تدني نسبة الكورد إلى عدم رضا الاتراك بالنسبة المستحقّة، وقِيل إنّه ومع سير العمليّة سيجد الكورد أنفسهم فيها، وسيضاف عضوين آخرين (على الأقل) بحيث تشمل كل التيارات الكورديّة.
وتحدث الاعلام بكثافة عن انخراط ممثلي الإدارة الذاتية في العمليّة الدستوريّة حتى خمّن البعض بأنه ربما ينضم ممثلو الإدارة الذاتية بأقرب فرصة، ومصدر هذا التوقّع يعود إلى سببين:
١- اختيار جيمس جيفري لتكون زيارة انقرة وجنيف متزامنة مع انعقاد الجلسات الدستوريّة.
٢-احاديث اعلاميّة ظهرت على السطح وتركزت على الوضع الكوردي في العمليّة، وحتى جيمس جيفري نفسه تحدَّث أكثر من مرة على أن ما يهمّ الامريكان أن تعبّر اللجنة عن جميع السوريين، ولهذا ثمّة تكهنات بأنّ مسألة ضم الكورد الباقيين يناقشها جيفري مع الأتراك في ٢٨ آب الجاري، وأيضاً أثناء تواجد المبعوث الأمريكي جيفري في جنيف، وأثناء لقائه مع ممثلي المعارضة، والمجتمع المدني.
ولا نستغرب أنّ وضع اللجنة الهشّ لا يقتصر على التمثيل الخجول للكورد في اللجنة فقط، إنّما هناك أسباب جديّة أخرى، مثل تمّسك ممثلي النظام برؤاهم، وعدم القبول بدستور جديد للبلاد؛ وانطلاقاً من مقولة "المقدمة الخاطئة تعطي نتيجة خاطئة"، فإنّ العملية انطلقت بشكل خاطئ منذ البداية، حيث العاملان الاقليمي والدولي لم يتركا للأمم المتحدة لتكون حرّة حتى في اختيار أعضاء اللجنة!
بقي القول، إنّ هناك رهان رابح على الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة الأمريكيّة في العملية الدستورية، خاصةً، وأنّ وجود جيفري في جنيف بالتزامن مع عقد الجلسات الدستورية إشارة مهمة على أنّ موازين القوى لن تبقى كما كانت، فهي ستتغير نحو خلق آليات عمل جديدة وتكون ممهدة لإصلاح اللجنة الدستورية، وإعادة النظر في المهمات والوظائف والأدوار على مستوى اللجنة نفسها والأمم المتحدة! لننتظر ونرى!
باسنيوز