• Monday, 23 December 2024
logo

كركوك والعلم الكوردستاني

كركوك والعلم الكوردستاني
سربست بامرني*

كركوك التي يعود تأريخها الى بداية العصر البرونزي (3000عام قبل الميلاد) والتي وصفتها الموسوعة الفرنسية بانها تعد من اقدم واهم مدن كوردستان الجنوبية، تعرضت منذ تأسيس الدولة العراقية 1921 وحتى سقوط النظام الدكتاتوري الى اخطر واوسع حملات الاستعمار الاستيطاني والتطهير العرقي المنظم، وعلى سبيل المثال فان تعداد السكان لعام 1957 يشير الى وجود حوالي (200) الف مواطن كوردي و(80) الف مواطن تركماني وحوالي (100) الف مواطن عربي تحول في تعداد السكان لعام 1997 الى ان تعداد الكورد تراجع الى حوالي (150) الفا والتركمان الى حوالي(50) الفا واصبح تعداد العرب حوالي (544) الفا !!!.
ما سبق وحده كافٍ كدليل، لكل من يملك ضميرا حيا وقدرا من الشعور الإنساني، على همجية حملات الاستعمار الاستيطاني والتطهير العرقي ضد الكورد والتركمان والتي لا تزال بعض مراكز القرار في بغداد تأمل وتعمل على احيائها من خلال تفاخرها بعرقلة تطبيق المادة 140 من الدستور(لمدة عشر سنوات) لمعالجة مشاكل المناطق الكوردستانية المغتصبة !
الضجة الحالية المفتعلة ضد قرار محافظ كركوك برفع العلم الكوردستاني على مؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية في التحليل الأخير جزء من المحاولات العنصرية المقيتة والحاقدة لإلغاء كوردستانية كركوك ومواصلة لنفس النهج الاستعماري الاستيطاني المقبور لاستقطاع أجزاء من كوردستان كمثل محافظة كركوك التي وصفها الزعيم الوطني الراحل مصطفى البارزاني بانها (قلب كوردستان) كما وصفها القائد الوطني المعروف جلال طالباني بانها (قدس كوردستان) والتي تم تقطيع اوصالها عام 1979 عند استحداث محافظة صلاح الدين والتي من الواضح ان رفض هذه الحقيقة هي التي أدت الى تنازل العراق عن أراضيه ومياهه الدولية لصالح نظام الشاهنشاه وهي التي أدت الى حرب الثماني سنوات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأيضا السبب في احتلال الجارة الكويت والى النهاية المعروفة.
الشعب الكوردي المؤمن بالتعايش السلمي واحترام الاخر وحقوقه لا يحمل اية ضغينة او اية روح عدائية لا ضد المواطنين العرب ولا ضد المواطنين التركمان ولكنه بالتأكيد لن يتنازل قطعا عن كوردستانية كركوك وكونها مدينة التعددية والتعايش السلمي، وفي الوقت الذي يتطلع فيه الى شراكة حقيقية بين كل المكونات القومية والدينية في المحافظة يرفض المحاولات المحمومة والمشبوهة لبعض اطراف العملية السياسية في العراق لدق اسفين بين هذه المكونات وخلق حالة من القطيعة والعداء تنفيذا لأجندات خطرة لا تهتم أصلا لا بالعرب ولا بالكورد ولا بالتركمان وانما لتحقيق مأرب ومصالح اسيادها وراء الحدود، ولذلك تحاول ان تجعل من قضية رفع العلم الكوردستاني (قميص عثمان) لخلق وتأجيج حالة من الاحتقان والصراع القومي والديني والطائفي في كركوك التي يشكل الكورد فيها الأغلبية ومن حقهم رفع علمهم الوطني الذي ترفعه دول العالم عند استقبال ممثلي الإقليم وحضورهم في المؤتمرات والمحافل الدولية.
الضجة المفتعلة حول العلم الكوردستاني (الذي هو قانونا علم اقليم كوردستان الذي لايزال جزء من العراق الاتحادي) جزء لا يتجزأ من العقلية المتخلفة التي نظمت الهجمات العنصرية وحملات التطهير العرقي المقبورة وبالتأكيد ستلحق بها الى مزبلة التأريخ وستبقى المكونات القومية والدينية تعيش بسلام في كركوك مدينة السلام والتعايش الاخوي.

[email protected]
Top