استقلال كوردستان اليوم وليس غدا
تلتزم دول العالم وشعوبها في علاقاتها مع الاخرين بالعمل من اجل تحقيق اكبر قدر ممكن من المصالح الوطنية بالإضافة الى ان الأغلبية الساحقة منها وفي مقدمتها الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الامن تلتزم أيضا بجملة من القرارات والأعراف الدبلوماسية نادرا ما تتجاوزها، ومنها الاعتراف والاقرار بالخرائط والحدود الدولية المتعارف عليها مالم يكن هناك مبررات جدية لتغيير هذا الموقف كما حصل عند تفكك الاتحاد السوفيتي السابق ودول مثل بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، ولذا فان كل ما يقال بخصوص الدولة العراقية الاتحادية خاصة تصريحات المسؤولين الامريكان والروس ودول التحالف الدولي المناهض للإرهاب حول وحدة العراق لا يخرج عن هذا السياق الدبلوماسي مع معرفتهم الكاملة بالتقسيم الواقع على الأرض ولا تعني تلك التصريحات بالضرورة استمرار هذا الموقف فيما لو اعلن الشعب الكوردي عن الاستقلال والخروج من العراق الفيدرالي، خاصة وان هذا الخروج لن يلحق الضرر بالآخرين وانما يعيد حقا مغتصبا ويزيل غبنا تاريخيا تسبب في الكثير من الماسي والالام واهدار للكرامة الإنسانية، وليس هناك من مبرر ولا أي سبب منطقي مرتبط بمصالح دول العالم وشعوبها للوقوف بوجه استقلال كوردستان وفقا لحق الشعوب في تقرير مصيرها واغلبية القوانين والأعراف الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان.
العلاقات الدبلوماسية القوية والمتشعبة مع الشعب الكوردستاني وقياداته الوطنية باعتباره الشريك الأساسي المتصدي للإرهاب العالمي، ولكون كوردستان واحة للسلام والتعايش القومي والديني وقبول الاخر، كلها تصب في صالح اعلان الاستقلال والحصول على التأييد والاعتراف الدولي ومن المؤكد ان أصدقاء الشعب الكوردي ينتظرون مثل هكذا خطوة تحقيق العدالة والسلام والمصالح المشتركة.
ان تهويل وتضخيم المخاطر المزعومة الناجمة عن اعلان الاستقلال تحت أي شعار ومبرر لا يخرج عن كونه محاولة يائسة بائسة للوقوف بوجه حركة التحرر الوطني الكوردستاني ولعرقلة مسيرة التاريخ الإنساني وتطور المجتمعات البشرية والتقدم الحاصل في احترام حقوق الانسان وكرامته وهي محاولة لا يقدم عليها الا أعداء شعب كوردستان ومحتلي بلاده وناهبي ثرواته الوطنية وأيضا بعض الذين اعمى الله بصرهم وبصيرتهم فانحرفوا مع التيار المعادي لتطلعات شعب كوردستان العادلة، تحقيقا لمكاسب انية ومصالح فاسدة عفنة، هؤلاء الذين يواصلون الاجترار الممل والترديد الببغاوي لأسباب مانعة للاستقلال لا توجد الا في مخيلتهم المريضة الحاقدة.
صحيح ان بعض المحاولات العقيمة قد بدأت هنا وهناك مع التحركات المشبوهة المعروفة للطابور الخامس ولكن الصحيح ايضا ان اعلان استقلال كوردستان لن يكلف الشعب الكوردي أكثر مما كلفه طيلة المائة عام المنصرمة من الظلم والتعسف وحروب الإبادة، وهو بهذا الإعلان لن يفقد الا القيود والاغلال التي تكبل حريته وانسانيته وثقافته الوطنية ومشروعه الديموقراطي، ومن لا يحاول ويحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر.
اليوم وليس غدا ليكن موعد شعب كوردستان مع الاستقلال والحرية والتقدم والسلام وحسن الجوار والمشاركة في بناء شرق أوسط جديد ينعم بالأمن والاستقرار متصالح مع نفسه ومع الاخرين، فلن يأتِ أي طرف دولي او إقليمي ليهديه ويمنحه الحرية وانما وفق مقاييس العالم المتحضر سيؤيدها الكثيرون بمجرد الإعلان عنها وهو ما سيحدث.
نعم لاستقلال كوردستان اليوم وليس غدا
[email protected]