• Monday, 23 December 2024
logo

حكومة السيد العبادي والخيار الصعب

حكومة السيد العبادي والخيار الصعب
سربست بامرني*
اغلب الدلائل تشير الى ان الإدارة الجديدة في البيت الأبيض تعيد صياغة سياساتها في الشرق الأوسط بما يضمن عودة قوية فاعلة للنسر الأمريكي تلغي الضبابية والتردد الذي شاب موقف الولايات المتحدة الامريكية طيلة السنوات الثمان الماضية وكلفها الكثير، وليس مبالغة القول ان العنوان الرئيس لهذه العودة يتمثل في الحرب ضد الإرهاب أينما وجد عسكريا وفكريا وأيضا تقليم اظافر الأسد الإيراني وتحجيمه، ان لم يكن الغاء تمدده الذي وصل الى العراق وسوريا ولبنان واليمن وأيضا الى أفغانستان وباكستان ويهدد دولا أخرى في المنطقة، ومن اجل ذلك صرح الرئيس الأمريكي ان كل الخيارات موجودة على الطاولة!
ما سبق يعني بالنسبة الى حكومة السيد العبادي انه لم يعد مسموحا مسك العصا من المنتصف ولا بالتمدد والسيطرة الإيرانية شبه المطلقة على مقاليد الأمور في العراق الذي يعتمد على الجهد الأمريكي والتحالف الدولي في محاربة الإرهاب وعليه فان على مراكز القرار في بغداد ان تحسم امرها، فالإدارة الامريكية الجديدة لن تقبل بأنصاف الحلول ولا ببقاء العراق في المنطقة الرمادية، وباختصار شديد فان على حكومة السيد العبادي اختيار واحد من اثنين فإما ايران واما الولايات المتحدة الامريكية والتحالف الدولي، ولكل واحد من الخيارين نتائجه.
صحيح ان الأمور في السياسة لا تعالج بمنطق "يا اسود يا ابيض" ولكن تطور الاحداث في المنطقة والاضرار الفادحة التي لحقت بأمريكا وحلفائها بما فيها استمرار خطر الإرهاب الدولي وإمكانية توسعه مع استمرار التمدد والتهديد الإيراني بالإضافة الى التواجد الروسي القوي يفرض تحديدا واضحا لمعسكر الحلفاء والاعداء.
خيار حكومة السيد العبادي سيحدد بالتأكيد معالم الدولة العراقية للسنوات القادمة، وبين ان يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وبين ان يبقى بلدا يتمتع بالحد الأدنى من السلام والاستقرار مرهون بالخيار الصعب للحكومة الحالية خاصة وان ايران لن تتنازل عما تعتبره جزء من وطنها التاريخي وان بغداد هي عاصمتها كما صرح بذلك مسؤولون إيرانيون وهو الواقع الذي ترفضه الولايات المتحدة الامريكية جملة وتفصيلا، ومن المؤكد ان الخطوات العملية لهذا الرفض ستبدأ بعد الانتهاء من معركة تحرير الموصل. ولا عزاء لمن لا يستطيع رؤية الوقائع على الأرض.


[email protected]
Top