• Monday, 23 December 2024
logo

وما أدراكم ما الجزيرة!!

وما أدراكم ما الجزيرة!!
صبحي ساله يي
لا أتعجب من مشاعر ومواقف قناة الجزيرة وبكائها ونواحها على قتلى الدواعش، وتضاعف متاجراتها بدماء الأبرياء عبرتحريك الظنون التي جميعها من الآثام، لأنها تريد أن ندفع الأثمان الباهضة تحت طائل حرية النشر والتعبير، وما فيها من تطاول وفنون وفتن، وتستمر هي في الدفاع عن مصائب ابتلينا بها منذ عقود، ولاأستغرب لو شاهدت الجزيرة وهى تغرق في عناوين وأخبار متضاربة وربما نسمعها وهى تدافع عن حق المرأة في تعدد الازواج.
قناة الجزيرة زعمت في خبر بعيد عن الحقيقة والمهنية الاعلامية، بأن قوات البيشمركه قتلت نازحاً عربياً خلال الحملة العسكرية الجارية لتحرير الموصل من تنظيم داعش. في حين، من شاهد مقطع الفيديو يعلم ان المقتول ليس نازحاً بل كان داعشياً مصاباً بجروح، وقد بذل عدد من مقاتلي البيشمركه قصاري جهدهم في محاولة لإلقاء القبض عليه، إلا انه رفض الإستسلام وحاول الإنتقام من قوات البيشمركه وظل يقاوم إلى ان تم قتله.
في بداية عمليات تحرير الموصل، أصبح إقليم كوردستان منطقة حدث يتجه نحوها مراسلو أجهزة الاعلام، أما المساحات التي نقل منها الحدث أو الخبر فكانت رحبة وواسعة، ومنذ اليوم الأول للعمليات حاولت قناة الجزيرة، بسبب عدم المهنية أو الخبث أو الحقد على كل ما هو كوردستاني أو التأييد للدواعش، أن تضع المنطقة على فوهة بركان يبدأ بقذف حممه بكل الإتجاهات دون تمييز، وتفعل ما فعلت، أثناء تحرير العراق من الطاغية صدام، حينما خلطت بين نقل الخبر والتحليل والرأي الخاص للمراسل، حيث تغلبت المذهبية والروح القومية على برامجها عبر الغلو في الكلام ونفخ الذات في الهواء وإطلاق العنان للمخيلة الثورية، ونقلت اخباراً على قدر بالغ من الخطورة أثرت في مستقبل المنطقة، وأصدرت أحكاماً مسبقة ممزوجة بروح الكراهية ودخلت البيوت وحاولت أسر المواطنين وهم في بيوتهم.
لا أريد ان أسرد في الحديث عن ممارسات تلك القناة ومبررات منعها من الوصول الى الخطوط الامامية لتغطية الاخبار، لأني على يقين بأن صورتها مكتملة لدى الكثيرين. ولكني أستذكر قرارإبعاد مستشارالجزيرة لشؤون العراق حامد حديد من إقليم كوردستان، في يوم إنطلاق عملية تحرير الموصل. بسبب عدم إلتزامه بالمعايير الإعلامية وإنحيازه المعلن لصالح تنظيم داعش الارهابي أثناء نقل الاخبار وتزويد قناته بمعلومات مظللة حول هزيمة قوات البيشمركه والقوات العراقية أمام إرهابيي داعش..
ذلك القرار الصائب الذي أعتمد، كان بمثابة رسالة واضحة الى جميع الصحفيين المحليين والقادمين الى كوردستان بضرورة عدم الجنوح للإثارة وعدم التخلي عن المعايير المهنية، وعدم تجاوز المحددات الاجتماعية والسياسية المتفق عليها محلياً واقليمياً وعالمياً، وتجنب صب الزيت على النار والإبتعاد عن تحريف الحقائق. إذ لو إستمر حامد حديد (المؤيد المباشر لداعش) والذي بات مكشوفاً للجميع بعد أن أثبتت الوقائع ضحالة أكاذيبه وسذاجتها، في عمله بكوردستان، لكان يحاول مصادرة دماء البيشمركه الذين كسروا شوكة الدواعش، وضحوا ببسالة، وعاهدوا الله وشعب كوردستان على النصر أو الشهادة، ولكان حديد يستمر في شيطنة عملية تحرير الموصل وأهدافها لصالح الدواعش ومحاولة عرقلة مسارها عبر ترويج الإشاعات والأكاذيب الكبيرة كعمليات القتل والذبح والجلد والسرقة والتفجير, ويروج للإسهام في إطالة أمد بقاء داعش في المنطقة وتعويق نجاحات المحررين. وخطوة الجزيرة الاخيرة تدخل ضمن ذات السياق...
الصحفي الذي ينافق في التغطية الإعلامية ويفتقد المهنية، يكشف عن وجهه القبيح أينما يكون بالمغالطات والتهويلات وليّ عنق النصوص والأخبار وبتر الحقائق وتضخيم الأخطاء والإخفاقات والتشويه والتحقير والتحريف والفبركة والخداع والتدليس والتزييف والتعتيم وشيطنة الخصوم، وعندما تسكت المؤسسة الإعلامية التي يعمل لديها تجاه تصرفاته، ولا توبخه ولاتضع حداً لتصرفاته، فإنها تشبهه في الإنحطاط وإفتقاد القيم. وهذا يعني أن قناة الجزيرة التي لطالما لعبت دور المحرض على الإرهاب والقتل وإزهاق الأرواح البريئة ونشر الفوضى في العراق وغيره، وإستمرت في غيها وخبثها وعجرفتها طوال سنوات عبر تقارير ملفقة ووثائق مزورة، ونشر خطابات وبيانات تدعم القتلة البعثيين والإرهابيين المأجورين، شجعت حـامد حديـد وغيره، وتشبهه وتشبه أمثاله من القابعين في أقاصي الظلام, الذين يقبحون الجميل ويزينون القبيح، ويمارسون العهر الإعلامي من أجل تعطير عفن جرائم أسيادهم التافهين الخاسئين ومنحهم صكوك الغفران, طمعاً بالدنانير وبالسلطة، وربما رغبة مميتة بطعم الجريمة، أو نفثاً لأحقادهم المسمومة.
أخيراً نقول: الشرفاء في بلدي يرغبون ويسهمون في طرد داعش، ويعلمون أن داعش والمروجون له، أنذال مجرمون بعيدون عن الأخلاق، مراهنون على الدم، متاجرون بالقيم، لذلك لايمكن تقبل إستضافتهم. وشخصياً أعتبرت خطوة طرد حامد حديد من الإقليم خطوة صحيحة، ولكنها كانت خطوة ناقصة، إذ كان من المفروض غلق مكتب الجزيرة أيضاً...
Top