الوفد الكوردستاني الأخير
يبدو ان جولة جديدة من المباحثات بين اربيل وبغداد وفق ما تناقلته وكالات الانباء ستبدأ قريبا من خلال زيارة وفدين كوردستانيين، احدهما لمعالجة المشاكل العالقة بين العاصمتين والثاني حول طرح موضوع التقسيم الودي واستقلال كوردستان.
السؤال هو: هل من جديد في العلاقة بين الطرفين؟ وهل اقدمت الحكومة الاتحادية على اي خطوة من شأنها تعزيز الأمل بشراكة حقيقية؟ فكل الادلة تشير الى محاولة مراكز القرار في العاصمة بغداد العودة الى دكتاتورية الاغلبية البرلمانية والغاء مبدأ الشراكة والتوافق، وما الابعاد المتعمد للمسؤولين الكورد في الدولة (حوالي 30 منصبا بعضهم يدار بالوكالة) إلاّ دليل اخر يضاف الى الممارسات السابقة المعروفة لالغاء المشاركة الكوردستانية او تحجيمها على الاقل، ناهيك عن ملفات الميزانية والنفط والپێشمهرگة والحصار الاقتصادي وما يسمى تعسفا بالمناطق المتنازع عليها.
التجربة السابقة مع الدولة الاتحادية وجهود الوفود العديدة التي زارت بغداد دون جدوى، تؤكد على ان نتائج المباحثات المقررة إجراؤها لن تكون بافضل مما سبقها خاصة مع عدم التزام مراكز القرار في بغداد بالاتفاقيات التي يتم التوصل اليها ولا بتنفيذ المقررات الناجمة عنها مما يثير الشكوك حول النيات الحقيقية للسلطة الاتحادية وفيما اذا كانت تستغل ذلك لكسب الوقت والاستعداد لتحقيق اهداف عنصرية وطائفية وفرض نظام دكتاتوري شمولي استنادا الى مزاعم عن الاغلبية البرلمانية في بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف يستوجب ادارته على الاقل في هذه المرحلة من تأريخه الاخذ بمبدأ التوافق.
اغلب الظن ان الوفدين الكوردستانيين سيكونان اخر اتصال جدي بين اربيل وبغداد، وعلى مراكز القرار ان تستوعب هذه الحقيقة إن كان لديها اي حس وطني او شعور بالمسؤولية ورغبة صادقة في حل المشاكل مع كوردستان ووضع حد نهائي لاولئك الذين يوجهون البلد نحو هاوية الاحتراب الداخلي والحرب الاهلية.
القيادة الكوردستانية والشعب الكوردي بارسالهما الوفدَين الى بغداد يؤكدان لا لعرب العراق فقط وانما للأمة العربية بأن شعب كوردستان شعب السلام والتعاون والتآخي، وانه يقدم كل ما في وسعه لخير الشعبين ومصالحهما الاساسية، وان هذا الخير يكمن، إما في شراكة حقيقية قائمة على المساواة والعدالة والاحترام الكامل لحقوق وخصوصية شعب كوردستان والالتزام بالدستور ومبدأ التوافق ورفض الهيمنة والدكتاتورية والانفراد بالسلطة تحت اي مسمى، واما في التقسيم الودي واستقلال كوردستان، فالشعب الكوردي، كما كتبت مرارا، ليس مسؤولا عن اخطاء الاخرين ولا عن غباء القيادات التي تحلم باحياء الدكتاتورية واعادة احتلال كوردستان، فقد ولى ذلك الزمن الى غير رجعة، ويبقى التقسيم الودي هو الحل الاكثر انسانية وواقعية وتجسيدا للحقائق على الارض، فهل من يسمع!!؟