كوردستان في السياسة الامريكية الجديدة
العلاقات الكوردية الامريكية ليست وليدة اليوم فجذورها اصبحت عميقة كيف لا وكوردستان بداءات للعالم كقوة ودولة يمكن الاعتماد عليها، خاصة بالنسبة للغرب وأمريكا حيث تتوفر فيها السياسة الحكيمة والشعلة الديمقراطية التي يتمناها الغرب ويدافع عنها.
قبل وأثناء وبعد الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة والتي تمخضت عن فوز رجل الاعمال والملياردير دونالد ترامب بالفوز بالرئاسة الأميركية الجديدة. تلقت الحكومة الكوردية العديد من الدعوات وعلى ارفع المستويات من الحكومة الامريكية لمناقشة الاوضاع الراهنة للمنطقة وحرب البيشمركة ضد داعش وبقية القوى التكفيرية، كما ان تلك المناقشات لم تخلوا من طرح أسئلة جوهرية في صلب القضية الكوردية ومستقبل الدولة الكوردية والدعم الدولي لها.
لم تكن الزيارات التي قام بها بداءاً من فخامة الرئيس البارزاني ونزولاً الى اخر زيارة للقيادات السياسية والعسكرية الكوردية لامريكا من جانب واحد، اذ ان الحكومة الامريكية هي الاخرى ردت الزيارة وعززت التعاون العسكري واللوجستي والسياسي بزيارة كبار الشخصيات السياسية والعسكرية في ادارة حكومة الرئيس اوباما لكوردستان.
ربما جاء رد كابينة الرئيس اوباما للتعاون الحقيقي مع كوردستان وحكومتها متأخراً خاصة ونحن نعلم خضم الأحداث التي تمر بها المنطقة ودور كوردستان كحليف استراتيجي وعامل استقرار على المستوى المحلي والاقليمي. الا انه من الواضح من بداية الخطوات التي بداءات على ارض الواقع في نهاية كابينة السيد اوباما وبداية استلام الرئيس دونالد ترامب زمام الحكم وتولي الرئاسة تبشر ببداية موفقة ونهج يمكن ان نسميه ببداية كسر الجمود وإعلان الدعم والوقوف بكل قوة مع كوردستان شعباً وحكومة. اذ ان الادارة الامريكية أبرمت اهم اتفاق استراتيجية وعسكرية قريبة وبعيدة الامد، وبداءات العام الجديد بالاعلان عن افتتاح اكبر قنصلية أمريكية في العالم في كوردستان للتمهيد للمرحلة الجديدة في العلاقات المباشرة والتعامل المباشر ووضع الأوليات وتمهيد الطريق امام الاستقلال التام لكوردستان.
كثيرون من يتوجسون من زعامة دونالد ترامب للرئاسة الامريكية، بل ان جريدة الغارديان ذهبت للقول بانه (لا احد يعرف مالذي سيفعله ترامب بعد توليه الرئاسة). الا انني شخصياً وانا هنا مهتم بالعلاقات الامريكية_الكوردية ارى مستقبل العلاقات بين الحكومتين على احسن وجه وفِي تفاهم وتوطيد مستمر. كيف لا والإدارة الجديدة في امريكا بقيادة ملياردير ورجل اعمال ويرى في كوردستان من جهة دولة يافعة يجب الوقوف بجانبها وبنائها والتعاون معها في استغلال الثروات الطبيعية وبناء البنّا التحتية وازدهار الاقتصاد فيها بعد ان تكون دولة مستقلة تتخلص من التبعية من جهة ومن الحصار الاقتصادي الذي تفرضه حكومة بغداد عليها من جهة اخرى. هذا من جانب ومن جانب اخر، فان الغرب عامة وأمريكا خاصة تقف بكل حزم وقوة مع كوردستان لعدة أسباب ويمكن ان نذكر اهم ثلاثة أسباب:
1- الجانب العسكري: وقوف قوات البيشمركة بوجه الاٍرهاب ومحاربته نيابة عن العالم والتحالف الدولي وانتصاراته التي بدأت جلية وواضحة بعد ان تكافأت فرص القتال وحصول البيشمركة على الدعم اللوجستي والعسكري والأسلحة التي بها استطاع ان يدحر الاٍرهاب وينتصر عليه في كامل حدوده ويمد يد العون والمشاركة الفعلية مع الجيش العراقي لتحرير اخر معاقل الاٍرهاب في العراق وهي الموصل وتلعفر واللتان لم يبقى الا ايام حتى تعلن الدولة النصر وهزيمة الاٍرهاب.
2- الجانب البطولي: قدمت كوردستان في الحرب الاخيرة والتي خاضتها بالنيابة عن العالم والتحالف الدولي مئات الشهداء والجرحى من قوات البيشمركة، حيث ان ابطال البيشمركة صنعوا التاريخ بدمائهم الزكية ووقف معهم بكل قوة وحزم جميع أبناء كوردستان بلا لون ولا دين بموقف واحد ضد الاٍرهاب ومحاربة الاٍرهاب بكل أنواعه وصناعة المستقبل والحفاظ على الأمن والاستقرار بروح قتالية وعزم وصبر منقط النظير من قبل أبناء كوردستان في البيشمركة والاساييش.
3- الجانب الديمقراطي: الوجه الديمقراطي والتعددي لكوردستان، شعباً وحكومة وتنوعاً ورسالة سامية وواضحة في نشر الديمقراطية ونبذ العنف واحترام جميع مكونات كوردستان ليكونوا سواسية ضمن القانون والدستور الذي يحفظ كرامة الجميع دون عرقة او دينه او لونه. هناك العديد من النقاط الاخرى التي يمكن ان توخذ كورقة في معادلة الدعم الامريكي والاوروبي لكوردستان وقد اسلفت في ذكرها (كالبناء والموارد الطبيعية والشراكة والدور المحلي والاقليمي لكوردستان).
الادارة الغربية بشقيها الامريكي والاوروبي اصبحتا يران في كوردستان دولة لها مستقبل يمكن ان يعول عليها واتخاذها حليفاً للمستقبل، كيف لا وزيارات الوفود السياسية والعسكرية والدبلوماسية الغربية لكوردستان في العام المنصرم كانت اربع أضعاف اكبر دولة في الشرق الأوسط.
مستقبل السياسة والتعاون الكوردي_الامريكي ضمن كابينة الصقور الجديدة ستكون قفزة نوعية نحو مستقبل جديد وآفاق جديدة وعلاقات جديدة وعلى اعلى المستويات لبناء سرح من التفاهم والاتفاقيات الاستراتيجية لبسط الأمن والاستقرار وتفعيل دور كوردستان ليس فقط مع دول الجوار بل على المستوى الإقليمي والدولي. كما ان زيارة فخامة الرئيس البارزاني لمنتدى دافوس الأخير في سويسرا واللقاءات المكثفة مع كبار القادة والشخصيات الدولية هي رسالة واضحة للعالم بقبول كوردستان شريكاً وحليفاً لصناعة المستقبل.