• Monday, 23 December 2024
logo

ماذا بعد داعش..؟

ماذا بعد داعش..؟
داود شنگالي

كتبت قبل حوالي عامين مقالة تحت عنوان(الايزيدية وخياراتهم الثلاثة)، حيث ان الايزيدية كانوا ولازالوا وخاصة بعد الابادة الاخيرة لهم في شنگال مجبرين وخاصة في خضم انتشار المد الديني والطائفي وغياب سلطة الدولة والقانون امام خيارات ثلاثة وهي: اما العيش مع اقليم ومناطق السنة او العيش مع الشيعة او العيش مع كوردستان كجزء منها.
رغم ان الايزيدية تعرضوا للإبادة في شنگال بتاريخ 03-08-2014 الا ان المحزن في الامر اكثر من الابادة هو: ان المقابر الجماعية كانت للايزيدية والقضية لم تكن ولازالت ليست قضية مجتمع وديانة تعرضت للإبادة. بعد الثالث من اب اصبح السجال واضحاً والهوة اكبر بين الأحزاب والشخصيات والتي استغلت للاسف الابادة ابشع استغلال، حيث انهم وللاسف اقولها استغلوا القضية والابادة لمصالحهم للانتقام من بعضهم سواء كان سياسياً او حزبياً او شخصياً. كما ان العديد من المنظمات التي حملت لواء الانسانية وتحولت فيما بعد الى أطراف سياسية تتدخل في كل شيئ وتثير الشارع دون ان تراعي اي ظروف للناس ودون ان تقراء الوضع السياسي ودون ان تملك اي دبلوماسية في التعامل مع الوضع الرهان أوقع المجتمع وخاصة الشباب منهم في الكثير من المشاكل والمأزق.
ربما ما ذكرته لا يمت للمستقبل بصلة لكن الحقيقة المرة هي: ان المستقبل يبنى على خطط الماضي ودعامات الحاضر ليكون الغد مشرقاً لا مشوشاً كما هو وضعنا الان.
شخصياً اعرف وجهة نظر البارتي ديمقراطي كوردستان وهو لا يقبل ان ترجع شنگال الى حيث قبل الثالث من اب، فالحكومة الكوردية مصرة على ان تكون شنگال محافظة مستقلة ولن تكون تابعة للموصل التي قبل ابنائها ان يبيعوا أبناء شنگال في ازقتهم ولا تحت لواء المحافظة لتكون مرتبطة بقرارات تتخذها الموصل وتكون مجبرة على تنفيذها. فرغم صدور كتاب من مكتب السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بانه ستبقى شنگال والموصل ومناطق سهل نينوى كما كانت قبل إبادتها الا ان لا الأهالي ولا حكومة كوردستان تقبل بالسيناريو الذي تحاول حكومة بغداد فرضها على المنطقة.
بناء شنگال لا يكون بإرجاع الناس اليها وتحريرها من العدو فهناك عدة نقاط يجب على الحكومة ان تضعها أمامها:
1- تحرير شنگال كاملاً.
2- ترسيم حدود شنگال من جديد.
3- تحويل شنگال الى محافظة تابعة لكوردستان بحدودها الإدارية.
4- حصر السلاح بيد الدولة دون الميليشيات ومحاسبة كل من لا يلتزم بقانون الدولة.
5- الاستعجال في تقديم الخدمات اللازمة للعيش الكريم في المناطق المحررة.
6- محاكمة كل من تعدى على الايزيديين وكان شريكاً لداعش في الابادة
شخصياً لازلت ارى مستقبل الايزيدية غامضاً وكل شيئ يفرض عليهم ليس لان الحكومات لا تحترم الايزيدية كوجود ولهم خصوصيتهم، بل لان الايزيدية كانوا ولازالوا يفتقرون الى وحدة الكلمة والموقف ولا يملكون خارطة واضحة للمستقبل وتعاملاتهم مع السياسات تكاد تكون انية ووليدة اللحظة، فما يقره احدهم اليوم ينفيه الاخر في الغد وهذا ان دل على شيئ يدل على ان المصلحة الشخصية في الطبقات التي تدير المجتمع تغلب على مصلحة المجتمع والوطن ككل.
لا يخفى على احد ان جيران الايزيدية الذين كانوا يعيشون مع الايزيدية لقرون كان لهم يد في الابادة التي تعرض لها الايزيدية، لكن هذا لا يعني ان الجميع في ميزان الجريمة بل ان البعض حالهم حال الايزيدية هربوا مع الايزيدية يلوذون بأولادهم وأنفسهم خوفاً من عصابات داعش، وفي حال رجوع الأهالي وحتى قبلها على الحكومة والمنظمات ان تقوم ببرامج اجتماعية وتوعوية ومصالحة حقيقية بين من لم تتلطخ يده بدماء الايزيدية ومحاسبة كل من تلطخت يده بدماء وشرف الايزيدية. أضف الى ذلك بان الايزيدية خاصة في هذه المرحلة يحتاجون الى ضمانات حقيقية للعيش في كوردستان واعتقد ان المجتمع يجب ان يتوحد ويقرر حدوده مع كوردستان لان في المستقبل ان سنحت الفرصة لحاملي أفكار داعش لن يكون الحال أفضل للايزيدية ان بقوا بهذا الضعف والتشتت والوحدة وان قرروا الانعزال فستكون العزلة نهايتهم لان حينها لن يفزع لهم احد لانهم هم من يختارون العزلة ولم يفرضها عليهم احد.
اتخاذ القرارت المصيرية صعب وخاصة تلك التي تتعلق بالمجتمع ككل، عليه على الايزيدية ان يفكروا الف مرة قبل اتخاذ قرارهم وعليهم ان يفكروا بشكل جدي وعميق بالسياسات الدولية والقوى التي تدير الدفة وان لا يكونوا فريسة الاعلام والاستغلال العاطفي.
ان بقاء الايزيدية وخاصة الطبقة المثقفة بهذا الشكل الذي نراه اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الاعلام وآرائهم المتقلبة والغير عقلانية في ردم العلاقات بدلاً من تكوينها سيستغني عن الايزيدية جميع الأصدقاء رغم ان العالم اجمع كان متعاطفاً معنا في بداية الابادة ومستعد لتقديم يد العون والمساعدة الا ان الكثيرين سدوا أبوابهم. وبقاء البعض في استغلال عاطفة الناس وجرحهم ستكون نتائجه السلبية اكبر بكثير مما قد يتوقعه فالمجتمع والوطن دائماً كان اهم من الفرد.
Top