كوردستان والأمم المتحدة
عام 2016 كان إنجازا كبيرا للدبلوماسية الكوردستانية بكل المقاييس التي قادها السيد رئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني بنجاح كبير، اذ بالإضافة الى زياراته المتكررة للمؤتمرات والاجتماعات الدولية والثنائية فقد التقى في كوردستان (27) وفدا من وزراء الخارجية والدفاع والقادة العسكريين والسفراء والعديد من الهيئات والشخصيات الدولية وفي مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون الذي زار أربيل في 26/اذار/2016 الامر الذي يؤكد مدى أهمية إقليم كوردستان ودوره في القضايا والاحداث التي تمر بها المنطقة.
للتاريخ من الضروري ان اذكر ان حركة التحرر الوطني الكوردستاني لم تشهد طيلة عقود من الكفاح في سبيل الحرية مثل هكذا علاقات دبلوماسية متطورة ومتنامية، فقد كان لقاء ممثل من الدرجة الثالثة لوزارة خارجية هذه الدولة او تلك يعتبر مكسبا وانتصارا كبيرا.
اليوم ومع كل هذه العلاقات المتميزة والدور الكوردي البارز في مواجهة الارهاب العالمي، فان موقف المجتمع الدولي والأمم المتحدة لايزال دون المستوى المطلوب لا فقط في دعم واسناد شعب كوردستان في التصدي بنجاح للإرهاب العالمي وانما في الوقوف الى جانبه لنيل حقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه وتأسيس دولته المستقلة، هذا الموقف الذي لم يرتقِ ابدا الى مستوى قرارات الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية بهذا الصدد ومنها:
ـ الإعلان العالمي لحقوق الانسان في 10/كانون الأول/ 1948.
ـ القرار (673) في 16/كانون الأول/1952 الذي اعتبر حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطا ضروريا للتمتع بالحقوق الأساسية جميعها وانه يتوجب على كل عضو في الأمم المتحدة الحفاظ على تقرير المصير للأمم الأخرى واحترامه.
ـ العهد الدولي لمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة المرقم (1514) والذي لا يقل أهمية عن الإعلان العالمي لحقوق الانسان والصادر في 14/كانون الأول/1960، الذي أكد في المادة الثانية (لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها ولها بمقتضى هذا الحق ان تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى بحرية الى تحقيق انمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي).
اما المادة الثالثة منه فقد نصت على انه (لا يجوز ابدا ان يتخذ نقص الاستعداد في الميدان السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي او التعليمي ذريعة لتأخير الاستقلال).
ـ القرار (1803) بتأريخ 14/ كانون الأول/1962 نص على (حق الشعوب غير القابل للتصرف في السيادة على ثرواتها ومواردها الطبيعية) باعتباره من الحقوق المنبثقة عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.
ـ أيضا المادة الأولى من قرار الجمعية العامة المرقم 25/40 حول حق الشعوب في تقرير المصير طالبت جميع الدول ( ان تنفذ تنفيذا كاملا وامينا جميع قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بممارسة الحق في تقرير المصير والاستقلال للشعوب)، هذا بالإضافة الى المادة(55) من الفصل التاسع الخاص بالتعاون الدولي وما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الانسان ووثيقتي العهد الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والصادرتين عام 1966 ودخلت حيز التنفيذ في 3/ كانون الثاني/1976 تحت اسم لائحة الحقوق الدولية.
كل هذه القرارات ولايزال شعب إقليم كوردستان يعيش بين سندان العنصريين والطائفيين المتخلفين من جهة، ومطرقة الدول الإقليمية التي تواصل معاداتها لأي تطور يتعلق بحقوق الانسان في كوردستان خاصة المتعلقة منها بحق تقرير المصير.
الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مدعوان حقا لإثبات مصداقيتهما ومدى التزامهما بالقرارات الصادرة عنهما من خلال إقرار حق الشعب الكوردستاني في تقرير مصيره بنفسه، وبغيره فان النتائج السلبية لن تتوقف عند حد ان تخسر هذه المؤسسات الدولية الموقرة مصداقيتها وعدم فاعلية قراراتها، وانما ستكرس حالة الاضطهاد والقمع الدموي والدمار الشامل والحروب الإقليمية وتهديد السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، اذ لا جدال على ان خرائط سايكس بيكو كانت ولا تزال احد الأسباب الرئيسة لا فقط في حرمان شعب كوردستان من الحرية والحقوق المشروعة، وانما فيما نراه اليوم من احداث دامية تسود المنطقة برمتها، وقد آن الأوان ان تلتزم دول العالم والأمم المتحدة خاصة بقراراتها وفي مقدمتها لائحة الحقوق الدولية الموقعة من قبل (176) دولة عضوة في الأمم المتحدة.
لقد ان الأوان لكي يقدم أصدقاء شعب كوردستان على ادراج القضية الوطنية الكوردية في جدول اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقرار حقه في تقرير مصيره خدمة للعدالة والمبادئ الإنسانية ولإحلال السلام والطمأنينة في منطقة الشرق الأوسط.
[email protected]