حماية التعايش الاخوي السلمي
في الاجواء الملبدة بغيوم الطائفية والعنصرية الكريهة والمشاكل المتوقعة بعد انتهاء حرب تحرير الموصل، وخلال اقل من اسبوع اكد السيد رئيس الاقليم بان تغيير الواقع السكاني والتفرقة القومية والدينية لم تكن ولن تكون ضمن سياسة اقليم كوردستان، وان استضافة الاف النازحين من قبل مواطني كوردستان دليل على ان الشارع الكوردي والمجتمع الكوردستاني عموما يرفض التفرقة والتمييز القومي والديني، كما اكد السيد رئيس الحكومة على ضرورة حماية التعايش الاخوي السلمي ورفض العنف بكل اشكاله وحماية السلام المجتمعي، وان رفض الاخر لا يتفق ولا يلائم المجتمع الكوردستاني.
المواقف اعلاه ليست بجديدة على الحركة التحررية الوطنية الكوردستانية التي يمثل الاقليم برئاسته وحكومته ومعظم احزابه وكتله السياسية ان لم يكن جميعها جزء حيويا منها، وانما تعود بجذورها الى انطلاقة هذه الحركة قبل اكثر من سبعة عقود، والتي كان احد اهم شعاراتها هو التاخي الوطني وكونه حجر الاساس لتحقيق الطموحات المشروعة للعراقيين والكورد على حد سواء، وتربت اجيال من المناضلين بفكر التعايش والتاخي وقبول الاخر وعلى (على صخرة التاخي العربي الكوردي تتحطم مؤامرات الاستعمار).
التعايش الاخوي السلمي وقبول الاخر والتأكيد على دولة المواطنة واحترام حقوق مكونات الشعب الديموقراطية، كانت وستبقى السبيل الامثل لحل مشاكل العراق المتعدد الطوائف والاعراق، هذه المباديء التي مارستها الحركة الوطنية الكوردستانية عمليا بجميع اشكالها وتكويناتها طيلة تاريخها المشرف في النضال من اجل الديموقراطية في العراق وضمان الحقوق الوطنية الثابته لشعب كوردستان.
المتصيدين في الماء العكر من الطائفيين والعنصريين الحاقدين الذين وصلوا الى بعض مراكز القرار في غفلة من الزمن الرديء، لا يعرفون هذا التأريخ المجيد لحركة التحرر الوطني الكوردستاني، فهم بلا تأريخ وتتعالى هنا وهناك اصواتهم المشبوهة لتشويه الحقائق وتكريس اجواء القطيعة والتشرذم ويتناسون على سبيل المثال لا الحصر ان الانظمة المقبورة هي التي شنت حملات تغيير الواقع السكاني الاجرامية في منطقة كركوك، وهي التي مزقت المحافظة وربط اجزاء منها بمحافظات مستحدثة، وان الكورد والقوات الامنية المرتبطة بحكومة الاقليم هي التي انقذت كركوك من الهجوم الاخير لعصابات الجريمة المنظمة، ومن الطبيعي بل ومن واجب هذه القوات والمواطنين غلق الابواب امام اي محاولات اخرى تستهدف النظام العام وامن المواطنين وسلامتهم واتخاذ الاجراءات اللازمة لاجتثاث الخلايا السرطانية النائمة، هذه الاجراءات التي حاول البعض تشويهها وتصويرها وكأنها محاولة من الكورد وحكومة الاقليم لتغيير الواقع السكاني في المنطقة متناسين ان الاقليم حكومة وشعبا يحتضن اكثر من مليوني لاجيء ومهجر رغم الضائقة الاقتصادية التي يمر بها.
لقد جن جنون الطائفيين والعنصريين ومعهم المتصيدين في الماء العكر بسبب التقارب والتعاون المثمر بين بغداد واربيل الذي يدشن مرحلة جديدة في العلاقات الوطنية، واذا كان من المؤكد بانه ستكون هناك الكثير من المصاعب والتحديات والعراقيل لإفشال هذا التوجه الوطني فإنه من المؤكد ايضا ان حماية التعايش الاخوي السلمي يشكل الاساس القوي لكل تقدم ونجاح لاحق ويجب مواصلة التمسك به والغاء ثقافة العنف والغاء الاخر.
[email protected]