• Monday, 23 December 2024
logo

الموصل وكونفيدرالية العراق

 	 الموصل وكونفيدرالية العراق
فائق عادل يزيدي*

لا يخفى على احد حالة التشرذم السياسي التي يشهدها العراق منذ 2003، بعد حرب تحريره من النظام البعثي المباد، فالمحاصصة السياسية هي التي سادت نظام الحكم في البلاد، ووفق الدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي في 2005.

التشرذم السياسي بدأ مبكرا مع انطلاق العملية السياسية في العراق الجديد، واعتماد مبدأ المحاصصة السياسية في ادارة البلاد، فالمكون السني قاطع العملية السياسية، وترك المجال لتهميشه لاحقا، اما المكون الشيعي فسعى للاستئثار بالسلطة وبناء العراق على اسس تتناغم ومطالبه بالدرجة الاولى مع تهميش المكونات الاخرى، وفشل في بناء علاقة سليمة بين المركز واقليم كوردستان، وبين المركز والمكون السني، اما الكورد فحاولوا قبل واثناء تحرير العراق، العمل على بناء عراق جديد يكفل حقوقهم وفق دستور اتحادي، وهو ما لم يتحقق بالشكل الذي يرغبونه، وذلك لتضارب هذه المطالب مع السعي الشيعي المذكور آنفا للاستئثار بالسلطة.

لقد كانت الحكومات المتعاقبة في العراق منذ 2003، برئاسة المكون الشيعي باعتبار انهم اغلبية، وفي الانتخابات كانت اصوات الناخبين هي التي تمنح الكتل السياسية الشيعية حق تشكيل الحكومة، فجاءت حكومة اياد علاوي، والتي عمقت الخلاف مع المكون السني، حتى بلغ ذروته بشن العملية العسكرية ضد ارهابيي تنظيم القاعدة في الفلوجة والتي اعتبر السنة انها تستهدفهم، ثم جاءت حكومة ابراهيم الجعفري التي عمقت الخلافات مع اقليم كوردستان، حتى وصل الامر الى طلب الكورد استبدال الجعفري، ثم جاءت حكومتي نوري المالكي وسنواتها الثمان، والتي كانت بمثابة الكارثة التي حلت بالعراق.

في عهد المالكي ضاع اكثر من ثلثي اراضي العراق، واحتلها تنظيم داعش الارهابي، وتعمقت الازمة واتسعت الفجوة بين المركز واقليم كوردستان لتبلغ ذروتها بقطع الحكومة الاتحادية، لموازنة اقليم كوردستان.

حكومة حيدر العبادي وهي الاخيرة والقائمة لحد الآن، لم تستطع فعل شئ للتقليل من التشرذم والتوتر السياسي في العراق، على الرغم من مرور اكثر من عامين على تشكيلها، وذلك لجملة اسباب ابرزها محاولة اكثر من جهة سياسية افشال الحكومة، ولتأتي الحرب ضد تنظيم داعش، وتشل الحكومة بشكل كبير لدرجة ان الحكومة فقدت 8 من وزرائها بين مستقيل ومقال من قبل مجلس النواب، ولاتزال ووزاراتهم تدار بالوكالة.

اليوم بعد 13 عاما على اسقاط النظام البعثي وتحرير العراق، يقف هذا البلد على حافة الانهيار، فالدولة بمفهومها السياسي الاتحادي الذي نص عليه الدستور في مادته الاولى، على وشك السقوط، في الشمال اقليم كوردستان، وهو دولة غير معلنة تمتلك جميع مقومات الدولة، اما في بغداد والجنوب، فهناك دولة قائمة يطغى على تركيبتها السكانية لون واحد، وتسعى الى اعادة المركزية بشكل او آخر الى النظام السياسي، اما المحافظات الست في الوسط والغرب، فهي تعيش في حالة خارج التاريخ، ولم تعد جزءا من العراق الاتحادي الذي نص عليه الدستور، وهذا بطبيعة الحال كان نتيجة اخطاء ارتكبتها الاحزاب السياسية السنية منذ عام 2003.

هذه الفوضى الجيوبولوتيكية التي يعيشها العراق، طبيعي انها نتاج ممارسة خاطئة للسياسة وتطبيق الدستور على مدى السنوات الماضية، واثبات ان النظام الاتحادي الفيدرالي لم ولن يجدي نفعا مع العراق، لذلك لابد من البحث عن نظام سياسي آخر يمكن من خلاله المحافظة على وحدة العراق وكيانه السياسي.

طبيعة وشكل النظام السياسي المقبل، سيتحدد وفق عوامل عدة ابرزها معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش، واعادة الاوضاع لما كانت عليه من سلطة للدولة على المحافظات السنية، الا ان مفهوم سلطة الدولة هذه المرة يجب ان يتبدل.

يمكن للشركاء في العراق بعد معركة تحرير الموصل الذهاب الى نظام كونفيدرالي بين ثلاث دول واحدة كوردية واخرى عربية شيعية وثالثة عربية سنية، بما يحقق مصالح جميع المكونات ويضمن لكل دولة العيش بحرية وسلام، وهذا ما يتطلب تغييرا في الفكر السياسي والفهم لطبيعة وماهية مفهوم الدولة لدى ساسة واحزاب العراق، فزمن العراق المركزي ولى وزمن العراق الفيدرالي ايضا يشارف على الانتهاء وللحفاظ على العراق فإن البحث عن نظام سياسي جديد بديل للمركزية والفيدرالية هو الحل الانجع للابقاء على العراق من الانهيار والتفكك.

*كاتب كوردي
Top