• Monday, 23 December 2024
logo

هل يختلف العبادي عن الذين سبقوه؟

هل يختلف العبادي عن الذين سبقوه؟
صبحي ساله يي
بعد إسقاط صدام حسين ونظامه الشرس، مرت العلاقات بين أربيل وبغداد على أحسن ما يرام، حيث كان هناك تضامن وإنسجام وتفاهم بين السياسيين، واجتماعات دورية لتخطي العقد ومواجهة التحديات التي تواجه العملية السياسية وبناء الدولة، كما كان هناك مناقشات لجميع القضايا قبل اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات، ولكن عندما إشتد ساعد الشركاء في بغداد إنفرط عقد اللقاءات، وتحول الإنسجام الى خصام والتفاهم الى تنافر وإختلاف، وأراد بعضهم أن يوظفه علنياً لصالح أجندته ومشروعه الخاص، وتحولت الفضائيات والمنابر الإعلامية الى ساحات لتبادل الإتهامات وممارسة الضغوط. وفي الخفاء تم نشر ثقافة المعاداة لكل ما هو كوردي وكوردستاني، والتخطيط في العمق لتسيير الأمور بإتجاه الإطاحة بالآمال الكوردستانية، وتم تجاهل كل طلبات الإقليم الدستورية والقانونية، ومارسوا الضغوطات من أجل تضييق الخناق على الكورد وتركيعهم للإملاءات المزاجية والإنسياق مع مشاريعهم، بل وصل الى التلويح باستخدام الطائرات الحربية المتطورة ضدهم حال وصولها الى العراق، وبات رأس الكوردي مطلوباً في غالبية الحسابات السياسية.
إختلطت تجربة العمل السياسي بالفساد والفشل، وتم إفتقاد الرؤية لتجاوز التحديات والتركة الثقيلة وإنطباعات المرحلة الدكتاتورية البعثية، وفي تحديد المسارات والمنطلقات والأولويات والمسؤوليات الوطنية والأخلاقية، وساهمت التصريحات التصعيدية بالتدريج في تفاقم الخلافات بين بغداد وأربيل، ووصلت الى مرحلة التشنج والإصرار على الأخطاء الفضيعة، وتناسلت الأزمات وكانت لكل أزمة إرتباط بسابقتها وأسوأ منها، وظهر على الساحة أناس يتلاعبون على حبل المزايدات الرخيصة فأثاروا الفتن وإختلقوا المعضلات، وتجرع العراقيون كأس المرارة وتلقوا كيلاً من الضربات المؤلمة التي لايمكن نسيانها.
طبعاً هذا لا يعني أن الجميع (في بغداد) تحولوا الى أعداء وخصوم للكورد، لأن البعض من كبار المسؤولين كان يبلي بلاءً حسناً في الحفاظ على أواصر المودة والإحترام المتبادل. وإنسحب بعضهم من خلف الذي أشعل النيران، وكان سبباً مباشراً للفشل الحكومي وتصاعد أعمال العنف والإرهاب والحرب الأهلية الطائفية والتطهير العرقي والمجازر والإغتيالات والتفجيرات وإنتشار فرق الموت، والتعذيب والبطالة والتهجير وهدم البيوت والمباني وفقدان البنى التحتية وتهريب السجناء المجرمين وتبديد الثروات وتوقيع العقود الفاسدة والصفقات الوهمية، ووضعوه في عزلة غير مسبوقة.
بعد هذا الخراب والتمزيق، وتلك الظروف الصعبة المؤلمة، حان الوقت للكتل السياسية الفاعلة والشخصيات الوطنية لكي تتخلص من التردد والإرتباك، وتقول بصوت عال: ان العمل السياسي والحكومي والإداري والقانوني في البلاد خلال الـ ( 13 ) سنة الماضية كان مخيباً للآمال ومرتبطاً بالغدر والخديعة، لذلك يجب أن نفكر بجدية من أجل البحث عن الحلول المناسبة التي ستجلب التآخي والتعايش والإستقرار والأمان والرخاء.
الكوردستانيون، مازالوا حريصين على التعايش والتسامح مثلما كانوا دائماً، وما زالوا يفتحون أبواب الحوار لإستيعاب كل وجهات النظر والإتفاق، لأنهم على ثقة بأن الصداقات الوثيقة تصنع السياسات الناجحة، وبعد الزيارة الأخيرة لوفد كوردستان الى بغداد، ينتظرون تنقية الأجواء المشحونة بالتوتر وإنعدام الثقة ورفع المعاناة عن كاهلهم بالحوار والتشاور البناء ورسم رؤية مستقبلية واضحة تحدد معالم المستقبل، لكي يخرج الجميع منتصرين رابحين، والأيام والأسابيع المقبلة ستثبت إن كان السيد حيدر العبادي مختلفاً عن الذين سبقوه ويحترم تعهداته ويمتلك المصداقية التي تؤهله لقيادة البلد ويثبت حسن نواياه تجاه معالجة المشكلات بكل الطرق المتاحة وتنفيذ الوعود التي أطلقها، أم إنه سيكتفي بخطوات شكلية وإجراءات شكلية وتشكيل لجان رئيسية تتبعها لجان أخرى فرعية وتتبع تلك اللجان لجان هامشية!!
Top