• Monday, 23 December 2024
logo

داعش والمسؤولية الاجتماعية

داعش والمسؤولية الاجتماعية
بشار الكيكي
مما لا شك فيه أن الاثار المترتبة على غزو الفكر المتطرف للمجتمع بحاجة الى مراجعة ودراسة لأيجاد آلية مناسبة تساهم في محوها واعادة الأمور الى شكلها الطبيعي، وهنا نتسائل عن مسؤولية الحاضنة الأجتماعية التي ساهمت في دعم هذا التنظيم وهذا الفكر ووفرت لهما بيئة خصبة وملاذ آمن، وأحدثت عجزاً واضحاً في كيفية اخراج الاعتدال من مستنقع التطرف دون خسائر واثار تنعكس سلباً على المرافق الحياتية في المدى الطويل.


من الأسئلة البديهية التي تتبادر الى الأذهان في هذا الشأن هي كالتالي:
1- ماهي الآثار الاجتماعية الناتجة عن تصرفات وافعال وجرائم داعش، وهل أن تلك الجرائم يمكن اعتبارها جرائم طبيعية يحاسب عليها القانون فقط أم انه يجب التصدي لها فكرياً وتحميل البيئة الاجتماعية والحاضنة والعائلة المسؤولية المشتركة من منطلق اعادة الثقة واللحمة والوئام الى المجتمع بأسره؟ يعلم الجميع أن ماقامت به داعش من جرائم ليست جرائم عادية لأن الكثير منها ترقى الى الابادة الجماعية ( الجينوسايد ) وبالتأكيد ستبقى عالقة في الذاكرة الجمعية للمكونات التي تعرضت الى هذا النوع من الجرائم وهذه مشكلة حقيقية تعرقل عملية اعادة الاستقرار والتعايش المشترك، وعلينا الخوض في غمار المشكلة ومراجعة جذورها وتشخيص العلة كما يشخص الطبيب المرض لتحديد الدواء اللازم لها ومعالجتها بحكمة.
2-ماهي الآلية التي يجب اتباعها في التعامل مع عوائل المنتمين الى هذا التنظيم المتطرف؟
3-هل يجب علينا محاسبة المجتمع والعشيرة واقرباء الداعشي ايضاً وتحميلهم جزءً من المسؤولية أم علينا تهيئتهم للتصدي معنا لهذا الفكر وتأهيلهم لمحاربة التطرف بطريقة أو بأخرى؟
هذه التساؤلات تحتم علينا البحث في جوهر المشكلة لأيجاد حلول وسبل مناسبة تمحي آثار الفكر المتطرف لداعش في مجتمعنا، ونحن متأكدون بأن المسؤولية يجب أن تكون جماعية أي أن المنطق يفرض علينا التعامل مع هذه المشكلة بواقعية وحرفية لأن المشكلة كبيرة وآثارها واسعة وعلينا احتواءها بشكل أو بآخر بعيداً عن العاطفة، كما أن علينا مصارحة بعضنا البعض للوصول الى مكامن الخلل وايجاد مخرجات واقعية لها، ولا يمكن أبداً أن ننسى معاناة المتضررين الحقيقيين ومدى تقبلهم لهذا الموضوع والأتجاه العام هو محاسبة داعش واقربائهم من الذين أيدوا أو سكتوا أو ساهموا في ازدياد هذه الجرائم بهذا الشكل الموجود حالياً، وعلينا الاستعجال في وضع حد لهذا الخراب.
من المؤكد ان العناصر المسيئة عليها ان لاتبقى في الواجهة ويجب أن يكون هناك محاسبة قانونية اضافة الى المحاسبة الاجتماعية، وكما اسلفنا بأن جزءً من المسؤولية يقع على عاتق العائلة والمجتمع.


نستطيع هنا أن نحدد آلية الحلول بنقطتين هما:
1-المحاسبة القانونية والاجتماعية.
تسليم المنتمين لداعش الى العدالة لمحاسبة هؤلاء حسب درجة الجرم وكما تنص عليها القوانين الدولية في هذا الموضوع .
2- التوعية والتأهيل.
علينا ايجاد طرق لتأهيل المتورطين مع داعش من اقرباء الدرجة الاولى والثانية بحيث يتم توجيههم ببرامج توعوية وتثقيفية وخطاب ديني معتدل لمسح ذاكرتهم من الافكار السلبية الداعشية .
ان عملية التنمية الفكرية والمعرفية في مجتمعنا بطيئة جداً، ولا ترقى الى ماهو مطلوب للحاق بركب التطور العالمي، والمسؤولية في هذا التباطؤ تقع على عاتق مختلف المؤسسات وبالاخص المؤسسات التعليمية والدينية والمجتمعية التي كان من المفروض عليها ان تجد سبل افضل لنشر الثقافة السلمية وتطوير المجتمع بعيدا عن التطرف، ولهذا كله فان امامنا تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة وعلينا جميعا ان نكون مهيّئين للمساهمة في تغيير الواقع نحو مستقبل اكثر سلاماً واقل تطرفاً وأشد حرصاً على نشر الوئام والعدالة بين المكونات والافراد.
Top