• Monday, 23 December 2024
logo

القائد الضرورة

القائد الضرورة
صبحي ساله يي
خلال السنوات الثماني العجاف التي تسلط فيها نوري المالكي على الرقاب، عاش الجميع وسط أمواج الصراعات والدعوات العدوانية والمفخخات، وارتفعت فيها صيحات العنف والقمع والانتقام، وتسللت مفردات التهميش والتنكيل والعداء والثأر والتناحر الى نفوس العراقيين.
لو تأملنا ما حدث في العاشر من حزيران 2014 وما تلاه، وبدلاً من الإنتحار أو في الأقل تقديم الاستقالة والانزواء، ظهر المالكي مصراً على الإفراط في التخلف والغباء والاستغباء، ليبين للجميع فضائح عقله المزاجي، فوصف الفاجعة والأحداث المؤلمة بالمؤامرة، وأخذ يوزع التهم ويهدد بالانتقام من الذين كانوا خلفها، وهو على يقين مطلق بأنه وحده (فقط) ولأسباب عديدة يتحمل المسؤولية الكاملة.
بعد تمدد الدواعش تكشف للجميع أن جهات عديدة، حريصة على المصالح العامة، قد حذرت شخص المالكي من خطورة التنظيم الإرهابي المتواجد في أطراف الموصل، والذي كان يستعرض قواته بين فترة وأخرى، كما كان يأخذ الأتاوات والخاوات من الأغنياء والمقاولين وأصحاب المحال التجارية في داخل الموصل، وتوقعت تلك الجهات هول النتائج، وقدرت انعكاساتها الآنية والمستقبلية، وعبرت له بصراحة عن الخشية من خطاباته الاستفزازية ونشره الكراهية والعنف الطائفي، وصنعه للأزمات المتتالية، ولكنه تجاهل جميعها، وهو على يقين بأن التحذيرات حقيقية، وأراد استغلال مستجداتها لمآرب وأهداف خاصة، تتمحور حول الثأر والإنتقام الطائفي من السنة والقومي من الكورد والسياسي من الشيعة، من خلال إزاحة غير الموالين له على الساحة السياسية السنية لتسهيل الأمور أمام الجحوش السنة لقيادة الساحة السنية. وكذلك لتأليب الرأي العام العربي العراقي ضد الكورد وإتهامهم بتسهيل الأمر للدواعش لاحتلال الموصل، وإحداث شرخ في الجسد السياسي الكوردي، واستغلال القسم الذي ينسلخ من الجسد الكوردي كجحوش كوردية.
كما أراد تسخير المستجدات من أجل إعلان حالة الطوارىء في البلاد وبالتالي الحصول على الولاية الثالثة والرابعة والخامسة، واستغلال تلك الحالة لتصفية خصومه ومعارضيه السياسيين من الشيعة والسنة معاً.
ولكن حسابات البيدر لم تتطابق مع خياله المفرط في الجموح، وعندما أجريت الانتخابات وأعلن عن نتائجها، لم ينعم بالولاية الثالثة، فخرج من الباب ملوماً محسورا، وعاد من الشباك ليصبح نائباً لرئيس الجمهورية، وبعد تحقيق إستمر لأشهر طويلة من قبل لجنة برلمانية حول سقوط الموصل، تم تفسير الماء بالماء، وقيل إن المالكي هو المسؤول الأول الذي يتحمل وزر كل الاحداث والجرائم التي حدثت في الموصل وشنكال وسبايكر وبادوش والحويجة، ولكنه، خرج منها كخروج الشعرة من العجين. وبعد ذلك تم عزله من منصبه الشرفي الجديد.
المالكي، بثرواته وحقائبه المليئة بالملايين، وبأبواقه في الإعلام، ونوابه في البرلمان، يحاول إثبات وجوده في المشهد العراقي، ونراه يظهر ليبيع ويشتري، وليلعب ألعاباً علنية، وليستغل المناسبات السياسية والدينية، ليوغل في الاستخفاف بالشعب، عبر إصدار البيانات والتصريحات وإجراء اللقاءات، وليخلق الفوضى في البرلمان لاستغلالها لصالحه، وليدس أنفه فيما يعنيه وما لا يعنيه، ويظهر في الإعلام وهو يطرق الأبواب للملمة الذين أحسن إليهم في فترتي حكمه الأغبر، وليعقد معهم تحالفات تساعده على تحقيق النجاح في الانتخابات القادمة، تمهيدا لعودته إلى رئاسة الحكومة. كما يحاول أن يستغل الجهاد والمجاهدين ومسمى الحشد الشعبي في الشأن الانتخابي والسياسي. حقاً إنه يستحق لقب (القائد الضرورة) الذي استحق العزل، ويستحق المحاكمة العادلة.

Top