• Monday, 23 December 2024
logo

نينوى وغياب الرؤية لما بعد داعش

نينوى وغياب الرؤية لما بعد داعش
جـــلال شــيـخ عــلـي

رغم ان محافظة نينوى ( الموصل ) العراقية لاتزال اسيرة بيد تنظيم داعش الارهابي ولازال مئات الالاف من المدنيين في قبضته ، الا انه هناك قدر كبير من التفاؤل المشوب بالحذر الشديد لدى غالبية الموصلين الذين يؤمنون بقرب تحرير مدينتهم مستندين في ذلك الى المؤشرات الملموسة على ارض الواقع.
وبغض النظر عن صحة التأويلات الواردة لهذه المؤشرات فإن داعش في طور الاحتضار الذي يسبق الموت، على الاقل في تشكيله الحالي (العسكري) فلابد من ان تنتهي بعد ان اوشكت مهمتها على الانتهاء.
السؤال المطروح الآن هو كيف ستكون نينوى بعد "داعش"؟
هذا السؤال هو الأول الذي يشغل بال المتصدين للقرار في العراق كما ان هذا السؤال يقودنا الى ماهو اوسع من نينوى ونقصد به كيف ستكون مستقبل المناطق السنية ما بعد داعش؟؟؟
نعلم جميعا بأن الحكومة العراقية لم تنجح في كسب ودْ جميع اهل السنة إلى صفها سواء في حربها ضد داعش او كسب تأييدهم او تعاطفهم ، كما لم تفلح مؤتمرات مصالحة التي اقيمت - بعضها بين ممثلين عن الحكومة واطراف سنية وبعضها مؤتمرات بين السنة انفسهم- في بلورة اجابة واضحة عن الكيفية التي يمكن فيها إدارة البلاد وسبل القضاء على الطائفية فيها طيلة الفترة الماضية.
نعم الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 فشلت في حسم المعارضة والتمرد السني ، وعن هذا الامر لا نستطيع لوم الحكومة وحدها اذ أن التنافس او الصراع (السني – السني) ايضا كان عاملا مهما في هذا الفشل. لذا يتوجب على السنة انفسهم البحث عن ايجاد طرف يمثلهم بقوة و قادر على المشاركة في تحديد مستقبلهم داخل العراق لما بعد داعش.
في المقابل لا يبدو أن الأطراف الشيعية الممسكة بزمام الأمور في بغداد تمتلك إجابات عمّا يمكن أن يحصل فيما لو تم الانتهاء من تحرير جميع المناطق العراقية وهذا يتزامن مع الاختلاف الواضح في داخلها حول فكرة الفيدراليات ومصير المؤسسة العسكرية ومستقبل الحشد الشعبي...
يأتي هذا التراكم نتيجة التأجيل الذي كان تتعامل به القوى السياسية ما بعد 2003 وعدم حسم كل من التحديين الأمني والسياسي، وهذا ما سيضع العراق على شفا الهاوية خاصة بعد بروز تحدي العامل الاقتصادي جراء تراجع اسعار النفط وتكاليف الحرب والذي يمكن أن يحدد هو الآخر "خيارات ما بعد التحرير".
بالمحصلة فان الخلاص من داعش ليس هو النهاية ، وضع العراق الذي يواجه مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة لا يدفع بأكثر المتفائلين بان يتوقع أياما سهلة فحتى الإقرار بان خيار تقسيم العراق الى فدراليات (سنية وشيعية وكوردية) و هو الارجح قوة على غيره، يعني بداية لطريق يبدو معقدا نوعا ما الا انه ليس مستحيلا اذا خَلُصت النوايا بين المكونات...
وفي ظل كل تلك المعوقات التي يمكن التغلب عليها جميعا عن طريق توحيد صفوف الاطراف السياسية ، يبقى العائق الاكبر المسبب لكافة المشاكل التي حلت بالعراقيين والذي ينبغي محاربته بكل قوة ألا وهو فكر التعصب بشقيه التعصب القومي والتشدد الديني المتمثل بالفكر الداعشي ، اذ ينبغي محاربة هذا الفكر من خلال نبذ التعصب وتعلم القبول بالآخر و العمل على دفن المشروع الجهادي السلفي الذي يعتبر اخطر من كافة المعوقات سواء السياسية او الاقتصادية التي تمر بالعراق.

لذا بات ضروريا لأهل نينوى وضع رؤية واضحة لما بعد الانتهاء من تنظيم داعش الارهابي من خلال اعادة النظر في التوجهات الفكرية والعنصرية الراسخة لدى البعض منهم والعمل على اشاعة روح المحبة والتسامح بين المكونات والتوجه نحو عقد تحالفات سياسية قوية لاجل بناء المستقبل وضمان السلام للأجيال القادمة بدلا من توريثهم الحقد والحروب.
Top