• Monday, 23 December 2024
logo

سبعون عاما من النضال الدؤوب، والبارتي مايزال ملتزما بالثوابت القومية والوطنية

سبعون عاما من النضال الدؤوب، والبارتي مايزال ملتزما بالثوابت القومية والوطنية
جواد كاظم ملكشاهي

بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها في ايلول من عام 1945 التي تعد من اكثر الحروب دموية في تاريخ البشرية لما تركته من ملايين القتلى والمصابين من المدنيين والعسكريين والدمار الذي لحق باكثر من 30 بلدا التي شارك فيها اكثر من 100 مليون شخص بشكل مباشر، تسارعت الاحداث في منطقة الشرق الاوسط التي كانت مسرحا للتوسع واطماع ألمانيا النازية من جهة والهيمنة البريطانية على معظم دول المنطقة خاصة العراق لأمتلاكه مصادر الطاقة من جهة اخرى، وجراء الصراع بين المانيا ودول المحور التي كانت تقودها بريطانيا، عانى الشعب العراقي بجميع مكوناته من تداعيات تلك الحرب من فقدان المؤن والمواد الغذائية والحاجيات الضرورية.
وفي تلك المدة قاد الثائر والقائد الكوردي الكبير(قاضي محمد) ثورة شعبية ضد النظام الايراني الحاكم آنذاك وتمكن من تحرير معظم المدن والمناطق الكوردية واعلان جمهورية كوردستان في مهاباد بدعم من الاتحاد السوفيتي السابق، لكن عمر الجمهورية لم يدم أكثر من 11 شهرا بسبب التناقضات في مصالح القوى الكبرى في المنطقة، اذ تمكن الجيش الايراني من القضاء على الجمهورية واعتقال معظم قادتها ومن ثم اعدامهم في ميدان (جوار جرا) وعلى رأسهم مؤسسها القاضي محمد.
نتيجة لتلك الانتكاسة الكبيرة، تعرض الشعب الكوردي في المنطقة برمتها لخيبة امل واحباط كبيرين، ولكن ارادته وعزيمته لم تنكسر وسعى بشتى السبل لكي ينهض من جديد ويبدأ مرحلة جديدة من النضال السياسي والكفاح المسلح ضد الانظمة التي تقاسمت ارض كوردستان كواقع حال بعد الحرب العالمية الثانية، لذلك اضحى وجود تنظيم سياسي لقيادة الجماهير وتعبئتها ضرورة ملحة لأنهاء الاضطهاد القومي والخلاص من الاستبداد والعبودية.
في تلك المرحلة العصيبة كان البارزاني الخالد ورفاقه الذين شاركوا حتى الساعات الاخيرة في الدفاع عن جمهورية كوردستان يسعون من اجل تنظيم الجماهير وقيادتها باتجاه انهاء حالة اليأس والاحباط الناتجة عن انهيار جمهورية كوردستان في مهاباد.
لذلك قرروا تشكيل حزب سياسي قومي لمجابهة تحديات تلك المرحلة والاستمرار في النضال السياسي الى جانب الكفاح المسلح مستفيدين من تجارب الشعوب الاخرى في المنطقة والعالم بما ينسجم مع واقع كوردستان.
برغم الصعوبات والتحديات الكبيرة التي واجهها البارزاني الخالد من دول المنطقة وبعض رؤساء العشائر من الاقطاعيين والانتهازيين الذين كانوا يرون في تأسيس الحزب خطرا على مصالحهم الشخصية والفئوية، الا ان ذلك لم يشكل عقبة امام الثقة العالية بالنفس التي كان يمتاز بها البارزاني وايمانه بقدرات وطاقات الشعب الكوردي للنضال من اجل نيل حقوقه القومية والانسانية.
ففي 16 من آب من عام 1946 تشكل تنظيم سياسي كوردي تحت عنوان (الحزب الديمقراطي الكوردي) وظل يعمل تحت تلك المظلة الى ان تم تغيير اسم الحزب في المؤتمر الثالث الذي عقد في مدينة كركوك في 26 كانون الثاني من عام 1953 الى (الحزب الديمقراطي الكوردستاني).
في السنوات الاولى من تأسيسه، تمكن الحزب من بسط نفوذه عن طريق خلاياه التنظيمية في جميع مناطق كوردستان، فضلا على المحافظات العربية الاخرى في مناطق وسط وجنوبي العراق التي كان يتواجد الكورد فيها وخاصة العاصمة بغداد.
اليوم وبعد مرور سبعة عقود على تأسيس الحزب ونضاله الدؤوب تمكن الحزب الى جانب القوى الكوردستانية الاخرى من تحقيق مكاسب كبيرة بدءاً باعتراف الحكومة العراقية بعد ثورة 14 تموز بقيادة الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم بالشعب الكوردي كقومية ثانية الى جانب الشعب العربي ومن ثم ارغام حكومة احمد حسن البكر على توقيع اتفاقية اذار من عام 1970 التي كانت مكسبا كبيرا لشعبنا عبر تاريخه النضالي الشاق ومن ثم اعتماد النظام الفدرالي كصيغة للعلاقات مع الحكومة المركزية وذلك بعد انتصار انتفاضة شعب كوردستان في عام 1990 وتشكيل اول برلمان وحكومة اقليمية.
بعد مضي سبعين عاما على النضال والتضحيات الجسام، مايزال الحزب يشكل رقما صعبا في توازن القوى على المستويين المحلي والاقليمي ولايزال ملتزما بثوابته القومية والوطنية التي تشكل من اجلها وله دور متميز في ادارة الملفات والصراعات السياسية على الساحتين العراقية والشرق اوسطية.
ولأهمية دوره وثقله السياسي والجماهيري في العراق والمنطقة يتعرض الحزب وقيادته المتمثلة بفخامة الرئيس مسعود بارزاني الى تحديات وضغوطات كبيرة بغية تحجيمه وارغامه على التخلي عن تلك الثوابت القومية والوطنية التي مايزال متسمكا بها، ولكن الحزب اثبت وبحسب الوقائع على الارض انه لم ولن يساوم عليها برغم جميع الضغوطات السياسية والاقتصادية والامنية من جهات محلية واقليمية، واليوم يقف الحزب في الخنادق الامامية للدفاع عن المكتسبات ويسعى جاهدا لوضع اللبنة الاولى لدولة كوردية مستقلة عبر الوسائل السلمية والديمقراطية بدعم واسناد جماهيري منقطع النظير ويسير بخطى حثيثة وعزيمة لاتلين نحو الاهداف والطموحات الكبرى التي قدم شعبنا من اجلها تضحيات جساماً وتعرض من اجلها الى ابشع جرائم القتل والابادة الجماعية على يد النظام البعثي الشوفيني المجرم من الانفالات واستخدام الاسلحة الكيماوية والجرثومية المحرمة دوليا.
وفي اجواء الحرية والديمقراطية التي نعيشها اليوم، لايسعنا الا ان نقف اجلالا لقائد حركتنا التحررية البارزاني الخالد والشهيد ادريس بارزاني وجميع شهداء شعبنا من قوات البيشمركة البطلة والمدنيين من الاطفال والنساء والشيوخ الذين كانت المقابر الجماعية شاهدا حيا على عمليات الابادة الجماعية التي تعرضوا لها من اجل الوطن والعيش بحرية وكرامة.
Top