• Monday, 23 December 2024
logo

حول مبادرة رئاسة إقليم كوردستان

حول مبادرة رئاسة إقليم كوردستان
سربست بامرني*
تكاد ازمة البرلمان المفتعلة بعد مرور عام عليها ان تتحول الى ازمة وطنية تهدد مكاسب شعبنا ومصالحه وأهدافه الاستراتيجية بسبب إصرار بعض الأطراف السياسية على ضرورة إعادة الأوضاع الى ما كانت عليه قبل تفجير الازمة مما يعني العودة الى المربع الأول، مربع انعدام الثقة والتشتت والمحاولات العقيمة للتفرد بالسلطة وصناعة القرار مما يتعارض تماما مع المشروع الديموقراطي في كوردستان وينم عن الفشل في إيجاد الحلول البديلة القادرة على إعادة تفعيل السلطة التشريعية المتوقفة منذ ما يقارب السنة.
السؤال الذي يراود ذهن كل مواطن هو: إذا كانت القوى السياسية الرئيسة غير قادرة على التوصل للاتفاق فيما بينها حول آلية عمل جديدة تضمن تمثيلا عادلا للقوى الفائزة في الانتخابات حسب مقاعدها فما المانع من اللجوء لانتخابات مبكرة تأتي ببرلمان جديد تشكل فيه الأغلبية حكومة الإقليم وتلجأ الأقلية الى تشكيل جبهة المعارضة وحكومة الظل كما هو الحال في اغلب التجارب البرلمانية المعروفة؟
يبدو ان القوى التي وقفت ولاتزال وراء الازمة البرلمانية لا تملك القدر الكافي من الثقة بالنفس لخوض معترك انتخابات جديدة، فقد خسرت الكثير من مصداقيتها وشعبيتها بافتعال هذه الازمة البرلمانية خاصة وإقليم كوردستان يمر بفترة عصيبة سواء من ناحية التهديد الإرهابي الخارجي الخطير او من ناحية الوضع الاقتصادي الهش وانهيار أسعار النفط العالمي وما تلى ذلك من شحة في الإيرادات المالية وتوقف اغلب المشاريع الاقتصادية بالإضافة الى وجود ما يقارب المليونين لاجئ ومهجر من داخل العراق وخارجه.
لقد كان الأولى بهذه القوى السياسية ان تأخذ ما سبق بنظر الاعتبار خاصة وإقليم كوردستان يدشن أولى خطواته في تأسيس المشروع الديموقراطي الذي يحتاج الى عقود من الزمن واجيال عديدة تتربى على احترام الاخر واحترام القانون والشرعية الدستورية، وهو التطور الذي مرت به كل الديموقراطيات المعروفة في عالمنا اليوم ولم يحدث ان تحول أي مجتمع بين ليلة وضحاها الى الديموقراطية، والذين يعتقدون ان اقليم كوردستان هو بريطانيا العظمى دولة الماجناكارتا 1215م او الاتحاد السويسري 1300م او فرنسا ثورة تموز 1789م عليهم حقا مراجعة حساباتهم الفكرية والتنظيرية والتنظيمية!
ان معالجة قضايا كالفساد المستشري واستقلالية القضاء وضمان حياة حرة كريمة للمواطن وتقديم الخدمات الصحية والتربوية وغيرها كثير هي مطاليب مشروعة وعادلة وواجبة التنفيذ والتحقيق ولكنها في الظرف الحالي تأتي بالتأكيد بعد انجاز رد العدوان الخارجي الإرهابي ومخاطر جدية أخرى تهدد وجود الكيان الوطني بكل شرائحه ومكوناته الدينية والقومية والطبقية والحزبية ومن قبل جهات تعرفها القوى السياسية الكوردية جيدا، اعتبارا من مواقف الدولة الاتحادية العدائية وانتهاء بالتدخلات الإقليمية الخطيرة.
صحيح ان الاختلاف في الاجتهاد ووجهات النظر امر طبيعي ودليل على صحة وحيوية المجتمع السياسي، ولكن الصحيح أيضا ان التناقضات بين صفوف الشعب قابلة للحل عن طريق الحوار والتفاوض والمجادلة بالتي هي احسن، وكان من المفروض ولايزال ان تؤخذ مبادرة رئاسة الإقليم بمزيد من الجدية وبمشاريع وطنية وحلول واقعية توحد البيت الكوردستاني وتستعد لإجراء الاستفتاء والاستفادة القصوى من الظروف التي تمر بها المنطقة عموما لضمان مستقبل افضل لشعب كوردستان الذي قطعاً لن يرحم اي جهة تعرقل لأي سبب كان تحقيقه لطموحاته القومية الديموقراطية المشروعة.
لقد ان الأوان ان تجتمع القوى الوطنية الكوردستانية على كلمة سواء لصالح حركة التحرر الوطني الكوردستاني ومن اجل مستقبل مشرق للجميع قبل ان يجمعهم أعداء الكورد وكوردستان في السجون والمعتقلات والمقابر الجماعية، ولا عزاء لمن لا يحب صعود الجبال كي يعيش ابد الدهر بين الحفر.

[email protected]*
Top