الرهان الخاسر
لا يختلف اثنان على ان منطقة الشرق الاوسط تمر بحالة مخاض عسير وبصراع اقليمي ودولي عنيف على مناطق النفوذ نتيجة انفجار الصراع الداخلي ولأسباب عديدة لمكونات الخرائط الهرمة والفاشلة التي نشأت بعد الحرب العالمية الاولى والتي لم تأخذ بنظر الاعتبار ارادة هذه المكونات وتم تجميعها قسرا رغم اختلافاتها الدينية والطائفية والقومية والارث الثقافي داخل هذه الحدود المصطنعة.
الوضع المتميز هذا يشير بوضوح الى ان المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية، وانه لم يعد من الممكن تجاهل ارادة مكوناتها، وان هذه التغييرات الواضحة في المناطق الرخوة ستشمل عاجلا ام اجلا مناطق ودولا تبدو اليوم محصنة الى حد ما مع انها بحكم تكوينها الاثني والديني وانظمتها المغرقة في التخلف والديكتاتورية ابعد ما تكون عن الحصانة، وليس هناك أي دليل على امكانية انقاذ هذه الانظمة المتهالكة نتيجة علاقاتها الحالية بالقوى الدولية المؤثرة التي ترسم بهدوء و ببطء مقصود معالم الخارطة الجديدة للمنطقة وفق مصالحها الاستراتيجية وميزان القوى على الساحة الدولية والاقليمية وحتى الداخلية البحتة.
من هنا وبقدر تعلق الامر بحركة التحرر الوطني الكوردستاني فان أي مراهنة على العوامل الخارجية خارج نطاق الاعتماد على الذات والتمسك بالوحدة الوطنية قد تثمر في تحقيق مكاسب مؤقتة لهذه الجهة او تلك ولكنها في التحليل الاخير ستكون السبب في خسارة فرصة تأريخيه نادرة قد لا تتكرر لتحقيق الاهداف الاستراتيجية لشعب كوردستان وتورط بعض الكتل السياسية المعروفة سواء عن جهل او عن عمد في مشاريع خارج الاجماع الوطني تشكل تهديدا لا للأمن القومي والوحدة الوطنية فحسب، وانما للمشروع القومي الديموقراطي التحرري الكوردستاني، وهو امر مرفوض جملة وتفصيلا، أيا كانت المبررات والحجج التي يتذرعون بها، من قبل شعب كوردستان الذي يتطلع بعد عقود طويلة من النضال الوطني والكفاح المرير من اجل الحرية الى مستقبل افضل عنوانه الرئيس الحرية والاستقلال ووحدة وطنه المجزأ.
لقد ان الاوان بان يعيد البعض النظر في مواقفهم وحساباتهم وحتى في احقادهم الشخصية وتوجهاتهم الانعزالية المناطقية لتحقيق مكاسب مؤقتة على حساب تمزيق وحدة الصف الوطني.
الرهان الخاسر على العوامل الخارجية والتماهي مع المشاريع الاجنبية المعادية اصلا، في الوقت الذي يرنو فيه شعب كوردستان الى قرب تحقيق طموحاته الانسانية الديموقراطية المشروعة، لن يجديهم قطعا ولن يحصدوا منه غير لعنة شعب كوردستان ولعنة التأريخ فهل من يسمع؟
[email protected]*