إقليم كوردستان والحماية الدولية
في غياب أي دور واضح ومؤثر للحكومة العراقية الاتحادية في الدفاع عن حدود الدولة وسيادتها القانونية وتنصلها من الالتزام بالدستور والاتفاقات السياسية المتعلقة بإقليم كوردستان، تواصل كل من تركيا وايران بحجة مكافحة الارهاب انتهاك حدود إقليم كوردستان باستمرار وتلحق اضرارا فادحة بالمواطنين المدنيين العزل وقد تسببت هذه الانتهاكات التي تساهم فيها القوة الجوية للبلدين والمدفعية بعيدة المدى حتى الان بإخلاء الشريط الحدودي من القرى والنواحي السكنية وادت الى تهجير الاف المواطنين وحرمانهم من العيش الكريم على أراضيهم ومزارعهم واجبارهم على تركها نحو المجهول، فالنتائج الاجتماعية والاقتصادية الكارثية لمثل هكذا تهجير قسري معروفة خاصة والاقليم يمر بأزمة مالية نتيجة موقف الدولة الاتحادية التي تواصل سياسة فرض الحصار الاقتصادي وحرمان الإقليم من حصته في الموازنة العامة وتجاهل الاعتداءات المتكررة من قبل بعض المليشيات المنفلتة التي تحاول تغيير الواقع السكاني في كل المناطق التي وصلتها حتى الان.
لما سبق ومع صمت الحكومة العراقية الاتحادية لما يتعرض له اقليم كوردستان من اعتداءات مستمرة وانتهاك فاضح لحدوده فان توفير الحماية الدولية يصبح امرا ضروريا لحماية شعب كوردستان من المخاطر الناجمة عن اتساع رقعة هذه الانتهاكات واستمراريتها سواء كانت هذه الحماية على شكل قوات دولية او مراقبين دوليين وفقا للقوانين والأعراف المتبعة في الأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي، هذه الحماية التي مارستها الأمم المتحدة في العديد من اصقاع وبلدان العالم والتي أيضا طالب بها الشعب الفلسطيني وايدته الجامعة العربية بقوة.
ان ما يجري تحت سمع وبصر دول العالم ضد إقليم كوردستان في الوقت الذي يخوض فيه شعبه حربا ضروسا دفاعا عن القيم الإنسانية النبيلة ضد همجية الإرهاب العالمي، ويشكل القوة الرئيسة المقاتلة والمؤثرة في هذه الحرب، يستوجب من مجلس الامن والمجتمع الدولي الاخذ بنظر الاعتبار موضوع توفير حماية دولية للإقليم خاصة وان الانتهاكات لسيادته وامن وحياة مواطنيه تأخذان طابعا تصاعديا يزداد حدة وعدوانية رغم السياسة المتزنة والحيادية السلمية التي تنتهجها حكومته مع دول الجوار، ومن المؤكد ان هذه الانتهاكات ستؤثر سلبا على المواجهة الباسلة لشعب كوردستان ضد قوى الإرهاب العالمي، الامر الذي سيدفع العالم المتحضر كله ثمن ذلك.
ان توفير الحماية الدولية لإقليم كوردستان وضمان السلام والاستقرار فيه يتفق تماما مع شرعية حقوق الانسان وجوهر ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي، وعلى العالم المتحضر ان يقول كلمته أخيرا من خلال توفير هذه الحماية قبل ان تتطور الأمور لما هو اسوأ بكثير.
[email protected]