• Monday, 23 December 2024
logo

حالة جديدة تستدعي التفاهم والاتفاق

حالة جديدة تستدعي التفاهم والاتفاق
صبحي ساله يي
التناقضات الموجودة على الساحة السياسية الكوردستانية المشحونة بالمواقف والعواطف، أدت الى ظهور الانقسام والاختلاف تجاه بعض الاستحقاقات، تلك التناقضات، تأخذ أحياناً طابعاً عاطفياً، وأحياناً أخرى طابعاً عقلانياً، في الحالة الاولى تتبدد الطاقات، وتتفتت الجهود، وتضيع الفرص، وفي الحالة الثانية، إن ترافقت مع التحاور والاتفاق على المشتركات لتقديم الأمثل والأفضل، تمهد الطريق أمام أصحاب النيات الحسنة وجميع الذين يسعون الى التصالح والاصلاح والرقي والازدهار، وتكشف أن من تعود الوقوف على التل، والذي لا يجيد غير التطاول المقصود والمدبر والمدسوس والسب والشتيمة، إنتهازي ومعادٍ للجميع ينضم الى المنقسمين ليس لدعمهم أو حبا بهم بل سعياً لركوب الموجة وإحداث الشروخ.
منذ أشهر، لا يمر يوم إلا ونسمع أو نشاهد في وسائل الإعلام من يدعو الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى طرح مبادرة بخصوص التفاوض وإعادة العلاقات الى طبيعتها مع حركة التغيير، مستصرخين التاريخ والثقافة والمصير المشترك. ومع كل دعوة نلاحظ إستجابة بعض قياديي التغيير بالمزيد من التصريحات الإستفزازية والتصعيدية أو التهديدية. ولا نسمع أحداً يدعو التغيير الى المبادرة أو حتى مراجعة مواقفها..
في قسم من عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصوم، كان الاتحاد الوطني الكوردستاني أكثر الأحزاب عداءً للديمقراطي الكوردستاني. وكذلك الحال بالنسبة للديمقراطي تجاه الاتحاد، ولكن بعد توصلهما الى قناعة تامة بإستحالة مسح أحدهما للآخر، أو إمكانية طرده من الساحة السياسية، والتيقن من ضرورات التعاون بينهما لصالحهما، أولاً، ولصالح الكوردستانيين تالياً، نسيا أو تناسيا التخاصم والتقاتل، وصارا حليفين، ووقعا على وثيقة التحالف الاستراتيجي.
حركة التغيير حصلت على مقاعد، لم تتوقعها، في البرلمان، وعلى مواقع، بسبب إتفاقها مع الديمقراطي الكوردستاني، لم تحلم بها، في برلمان وحكومة الاقليم. وكان بإمكانها المساعدة والمساهمة في إقامة نظام للحكم الرشيد، ومكافحة الفساد والمفسدين، وجعل الديمقراطي الكوردستاني صديقا وشريكاً لها، وأن تكون سبباً لمزيد من الأمان والاستقرار في مناطق تواجدها، بدلاً من هذا الوضع المتوتر الذي شهدته تلك المناطق، خاصة بعد مهاجمة المقرات التابعة للديمقراطي الكوردستاني في محافظتي السليمانية وهلبجه وحرق أغلبها.
حركة التغيير، شاركت الديمقراطي الكوردستاني، ولكنها لم تجرب صداقته، بل جادلته وتحرشت به واتهمته بالفشل وبإثارة المشكلات والتسبب في تفاقم الأمور وتكفلت بمحاربته أينما وجد، وماتزال تسير على النهج ذاته، دون أن تعرف ان ذلك ربما سيؤدي الى إغراق الاقليم في بحر الفوضى والعنف. لا تراجع سياساتها استنادًا إلى النتائج، بدليل عدم قبولها لإلغاء اتفاقها مع الديمقراطي، وعدم لجم نوابها وسياسييها الذين كانوا بمثابة المدفعية والصواريخ الصوتية في الحرب الاعلامية التي شنتها على الديمقراطي الكوردستاني، والذين كانوا أسباباً لنشر الكراهية والحقد والبغضاء بين الكوردستانيين.
لو توقفت حركة التغيير عن التصورات الخاصة والهجوم غير المبرر على الديمقراطي الكوردستاني، وعن المغالطة في القرار المعزول المتناقض، سنلاحظ حتماً ردة فعل الديمقراطي الايجابية، وسنراه يمد يده لها، لأن الذي حدث بينهما ليس أكبر من الذي حدث بين الديمقراطي والاتحاد. وقد تنتقل حالة الخلاف من أعمدة الصحف والمدونات والتعليقات السياسية وبرامج الفضائيات، الى حالة وئام وتفاهم لوضع النقاط على الحروف وللتعاطي مع المستحقات، في وقت يمكن أن يوصف بأنه، أكثر الأوقات التي تستدعي التفاهم والاتفاق ..
Top