التقسيم الحل الذي لابد منه!
من الواضح ان مشروع تقسيم العراق حتى وان كان وديا يثير من جانبٍ شجون كل الوطنين الشرفاء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما تشهده الساحة العراقية من شحن طائفي وعنصري وفساد مالي واداري وارباك متعمد لإفشال العملية السياسية، ومن جانب اخر يثير حفيظة كل المتاجرين الطائفيين والعنصريين وابواقهم الإعلامية المشبوهة سواء الذين يعيشون من السحت الحرام وعلى حساب آلآم ومعاناة ملايين العراقيين ودماء أبنائهم او المرتبطين منهم بأجندات إقليمية لا هَمّ لها الا تحقيق المزيد من الاطماع والمكاسب الاقتصادية والجيوسياسية دون اقل اهتمام بأرواح الضحايا العراقيين واعدادهم التي بلغت أرقاما فلكية منذ سقوط النظام الدكتاتوري، ناهيك عن مئات الألوف من المهاجرين وحوالى ثلاثة ملايين مواطن مهجر داخل العراق نتيجة الحرب والعنف الدموي والترحيل القسري لتغيير ديموغرافية هذه المنطقة او تلك.
الوقائع تثبت بما لا يقبل الشك على ان العراق مقسم عمليا، واية محاولة لفرض الوحدة القسرية والاتحاد الاجباري سيجر البلاد الى حرب أهلية ودمار شامل غير مسبوق للبقية الباقية من البنى التحتية، ولعل الوضع في سوريا وليبيا خير شاهد على الذي سيحدث.
مع ما سبق فسوق المزايدات بالشعارات والوحدة الكاذبة الهلامية حامي الوطيس ويزداد حدة وديماغوجية وتتبارى الأحزاب والكتل السياسية الكبيرة منها والصغيرة في التباكي على الوحدة الوطنية المزعومة بينما دماء ضحايا العنف والعنف المضاد تسيل في كل مكان والوطن غارق حتى اذنيه في دماء الضحايا العراقيين الأبرياء، فالعراقي عند هؤلاء ليس أكثر من مشروع للقتل والموت وقربان على مذبح اهوائهم ومصالحهم العفنة ومشاريعهم الطوباوية.
التقسيم الودي بإشراف المنظمات الدولية والدول الصديقة ذات العلاقة وبناء على معطيات التأريخ والجغرافيا الموثقة سيؤدي حتما الى تحقيق السلام والامن والطمأنينة داخل كل مكون ويحقن دماء مئات الألوف من شباب العراق الحالي المرشحين للذهاب الى محرقة الوحدة الوطنية المزعومة، هذا بالإضافة الى مشروعية واحقية مطالب كل مكون وان ممارستهم لحقوقهم الإنسانية والقومية الديموقراطية سيخلق الأجواء اللازمة والضرورية لإعادة بناء العلاقات على أسس من الاحترام المتبادل والحرص على المصالح المشتركة التي تهم الجميع.
التقسيم قادم لا محالة، فكل الدلائل الواقعية والمنطقية تشير الى ذلك وان كان سيمر بمراحل نتيجة التدخلات الدولية والإقليمية فالحقيقة تكمن في الواقع المعاش على الأرض والمتمثلة بانعدام الثقة والجسور الرابطة بين المكونات الرئيسة واستحالة تعايشها معا تحت ظلال البنادق والعقب الحديدية، وان انهيار الوضع الحالي الهش سيؤدي الى حروب طاحنة لا آخر لها وبالتالي فالخاسر الوحيد هو المكونات الأساسية للعراق، كما ان مثل هكذا حرب ستفتح أبواب جهنم وستشعل حروبا إقليمية مما لا يهدد فقط الامن والسلام في منطقة الشرق الأوسط وانما يهدد الامن والسلام العالميين وهو الخط الأحمر الذي لن تسمح به القوى الكبرى رغم ما بينها من خلافات من اجل حماية حدود مصطنعة رسمت قبل اقل من قرن دون أي احترام لإرادة شعوب وقوميات هذه الخريطة الشرق أوسطية الفاشلة.
[email protected]