"كوردستان مستقلة" اعلنها ياسيادة الرئيس
100 عام مر على الاتفاقية المشؤومة المسماة باتفاقية سايكس ــ بيكو، هذه الاتفاقية التي قطّعت أوصال الشرق إلى دول وكيانات سياسية، كانت هذه الاتفاقية عبارة عن اتفاق وتفاهم سري بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد انهيار الدولة العثمانية المسيطرة على هذه المنطقة في الحرب العالمية الأولى وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك، حصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.
في خضم هذا الاتفاق المشؤوم قطعت كوردستان الى اربعة اوصال ( سوريا، العراق، ايران، تركيا ) ووقعت بين فكّي كماشة، وتعرضت الى ابشع أنواع التهميش والتذويب العرقي والطائفي والعقائدي تحت ذرائع عدّة، وكانت هذه العملية هي من أقسى أنواع العمليات الاجرامية بحق الشعب الكوردي الكبير الذي يناضل منذ ذلك الوقت في سبيل التحرر والاستقلال وقدم من أجل هذه القضية مئات الالاف من الشهداء، ولم يخلُ جزء من تلك الأجزاء من محاولات مستميتة لاعادة تشكيل المنطقة بما يلائم وطموح الشعب الكوردي في الاستقلال والتحرر وتأسيس دولة ذات كيان أسوة بباقي دول العالم.
استطاع الجزء العراقي تحقيق مكاسب كبيرة في هذا الشأن ويعود إنشاء إقليم كوردستان العراق إلى معاهدة الحكم الذاتي في مارس 1970 عند الاتفاق بين المعارضة الكوردية والحكومة العراقية بعد سنوات من القتال العنيف. ” ولقد دمرت الحرب بين إيران والعراق خلال الثمانينات وحملة الإبادة الجماعية (الأنفال) من الجيش العراقي منطقة كوردستان العراق، وبعد انتفاضة الشعب العراقي عام 1991 ضد نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، اضطر الكثير من الكورد الفرار والنزوح من البلاد ليصبحوا لاجئين في المناطق الحدودية مع إيران وتركيا. وفي عام 1991 أنشئت في الشمال منطقة حظر الطيران بعد حرب الخليج الثانية، مما شكل ملاذاً آمنًا سهل عودة اللاجئين الكورد، كما واصل الكورد فيما بعد محاربة القوات الحكومية، ولقد غادرت القوات العراقية منطقة كوردستان في نهاية المطاف في تشرين الاول/ أكتوبر 1991، وغدت المنطقة مستقلة ذاتيًا بحكم الواقع، إلا أن أيا من الحزبين الكورديين الرئيسيين لم يعلنا الاستقلال في ذلك الوقت، وفي عام 2003 حدثت تغيرات سياسية لاحقة منها المصادقة على دستور جديد للعراق في عام 2005. وحدد الدستور العراقي الجديد منطقة كوردستان العراق ككيان اتحادي ضمن العراق، وجعل اللغة العربية واللغة الكوردية لغتان رسميتان مشتركتان في العراق،".
طوال الفترة الماضية كان اقليم كوردستان بمثابة صمام امان للعملية السياسية في العراق، وحاول جاهداً البقاء ضمن منظومة العراق على اساس اتحادي اختياري تشاركي، لكن الاطراف السياسية كانت ضعيفة جداً في تقديرها للواقع السياسي والمجتمعي وحاجة المواطن، وهذه الرؤية الواهنة وسوء التقدير سببا فوضى كبيرة أمنياً وسياسياً واقتصادياً جرّت العراق الى مواجهة تنظيمات ارهابية كالقاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية ( داعش ) وغيرها من مجاميع استطاعت احتلال اجزاء كبيرة من العراق وضربت اقتصاد العراق بعنف حتى انهكته واصبحت السلطة في بغداد عاجزة تماماً عن الأيفاء بواجباتها تجاه موظفيها بسبب الفساد المستشري بجسد مؤسسات الدولة وانخفاض اسعار النفط ومواجهة داعش.
استطاعت قوات البيشمركة تحرير اجزاء كبيرة من المناطق المحتلة وحررت مايقارب من 40 % من أراضي محافظة نينوى ومناطق اخرى قرب كركوك بمساندة من قوات التحالف الدولي والدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية، لكن السلطة الاتحادية في بغداد كانت تقف دائما ضد تطلعات الاقليم وعرقلة تطوره وحاولت زرع الشقاق بين احزابه بطرق شتى وأبت أن تدفع مستحقات الاقليم من الموازنة العامة وقطعت رواتب موظفيها ولم تتعاون بتاتاً مع حكومة الاقليم وضربت الشراكة عرض الحائط بمواقفها السلبية. الآن وبعد كل ماحصل وبعد انتهاء المائة عام من اتفاقية سايكس ـ بيكو وانتهاء الصفحة الأولى من تاريخ حافل بالدماء والموت والفساد والغرور الفارغ الذي أنهك أجيال واجيال والشعارات الزائفة التي لا تمت الى الواقع بصلة، والمسير الى خلف الخلف.
الآن وبنظرة بسيطة الى حاجة الشعوب والمكونات ورغبتها في ردم التاريخ الفاشل القديم كله يجب أن نرضخ لرؤية عادلة تضع الأمور في نصابها وتدعم فكرة التعايش المشترك بين الشعوب على أساس التحرر من عبودية المنطق الخاطيء الذي كنا نسير عليه فيما مضى من عقود.
الشعوب الحية لا تموت ولا يمكن أن تصهر في بوتقة واحدة، الثقافات مختلفة، الحاجات مختلفة، اللغات مختلفة، وفكرة الوطن الواحد اصبحت لا تلبي الحاجة ولا تمنحنا سوى المزيد من التخلف والموت ونحن ننشد الحياة.
وفي رسالته الموجهة التي ارسلها البارزاني يوم الاثنين 16/5/2016 بمناسبة انتهاء المائة عام من اتفاقية سايكس ـ بيكو قال " "لقد أدت هذه الاتفاقية بعد الحرب العالمية الأولى، إلى تفتيت المنطقة، من دون أخذ رغبة السكان والطبيعة الديموغرافية للمنطقة بنظر الاعتبار، وظلم شعوب المنطقة، وخاصة شعب كوردستان كثيراً".
وأضاف: "كانت نتيجة هذا الاتفاق مأساوية لشعب كوردستان في إطار الدولة العراقية بالمقام الأول، ففي الدولة التي شكلت على أساس الشراكة بين القوميتين الرئيسيتين، وهي الكوردية والعربية، تم تجاهل الشراكة، وتم إيقاع أكبر مأساة وظلم وإجحاف على شعب كوردستان، من قبل الحكومة والأنظمة العراقية المتلاحقة".
وحول هذه الشراكة أوضح "أن حصة شعب كوردستان من تلك الشراكة، كانت أنفلة اثني عشر ألفاً من الشباب الفيليين، وثمانية آلاف بارزاني، و182 ألف مواطن كوردي في كرميان والمناطق الأخرى، وقصف حلبجة بالكيمياوي، وتدمير 4 آلاف و500 قرية، والتعريب والحرب والتدمير والإبادة الجماعية".
وتابع رئيس إقليم كوردستان "بعد انتفاضة عام 1991، حاول شعب كوردستان فتح صفحة جديدة مع الحكومة العراقية، ولم يبادر بالانتقام، لكن الحكومة العراقية واصلت انتهاكاتها، وبعد عام 2003 وسقوط نظام البعث، بذل شعب كوردستان كل ما لديه من أجل بناء العراق على أساس الشراكة والديمقراطية والفيدرالية، وللعمل على تحسين الوضع في العراق وكتابة الدستور، لإرساء الشراكة والتوافق، لكن في الواقع لم يتم العمل بالدستور، وتهربت الحكومة العراقية من الالتزامات، وانتهكت الشراكة، وقطعت قوت شعب كوردستان".
ومضى بالقول: "يجب أن نعترف بالواقع الحالي، أن مفهوم المواطنة لم يتحقق ولم يعد للحدود والسيادة معنى، وأن اتفاقية سايكس بيكو انتهت، لذا يجب على الدول والمجتمع الدولي، بدلاً من الدفاع عن استمرار معاناة شعب العراق كمسؤولية تأريخية، أن تفكر في حل واقعي وحقيقي للعراق والمنطقة، وإلا فستستمر الحروب والتطرف والمآسي، والمخاطر على السلم والأمن الدوليين".
من الآن فصاعداً علينا أن نحث الخطا حتى تحقيق العدالة والتوازن عندها يعود الأستقرار وتعود عجلات الاعمار الى العمل، والجميع سيفوز في النهاية.
ويا سيادة رئيس الاقليم اعلنها استقلالاً بصوت مدوٍ عالٍ والشعوب الحرة كلها ستبارك هذا الاعلان ولترقد ارواح شهداء الحركة التحررية بسلام فالوقت مناسب جداً للاستقلال.