• Monday, 23 December 2024
logo

"سايكس بيكو" تنتظرالموت الرحيم........عبير ال جبار

في الدول المتقدمةحين يدخل الإنسان في حالة موت سريري، أويعاني من مرض عضال،يتم إخبارذوي المريض بألافائدةمن بقائه حياً على الأجهزة، أوأن حالته في تدهور مستمر، ولافائدةمن العلاج،وأن ذلك سيعرِّضه إلى عذاب طويل، هذا ناهيك عن الأموال التي سيصرفونها لإبقائه متصلاً بتلك الأجهزة، وأنه من الأفضل في هذه الحالة فصلها عنه، ويطلق على هذه العملية في الطب اسم الموت الرحيم، لكون العالم الخارجي لايشعربه، ولاهوأيضاً يستطيع إخبارهم عن ألمه، وعذابه، وقد تم تشريع ذلك رحمةً لمَنْ يمرون بتلك الحالة من المرض، ولأن مريضاً آخر يحتاج إلى هذاالعلاج والرعاية ليعودإلى أهله معافى، وهنا تكمن مسؤولية الطبيب في تخفيف المعاناة البدنيةعن الجسم.
هذه الحالة تشبه حالة اتفاقية سايكسبيكو، التي عُقدت في العام ١٩١٦م، ويناهز عمرها الآن الـ ٩٨عاماً، وكان من نتائجها تقسيم كوردستان إلى أربعة أجزاء، حيث اعتقد كلٌّ من سايكس وبيكو،اللذين كانا يمثلان أهم نظامين عالميين حينها،أن أرض كوردستان ستقبل القسمةعلى أربع دول، وهي التي لاترضى إلابأبنائهاالكورد للحياة عليها.
لقدأدخلت السياسة الكوردستانية، ممثلةً في إقليم كوردستان، بشقيهاالدبلوماسي والعسكري، وقائدها الحكيم الـ "سروك"مسعودالبارزاني، وتضحيات البيشمركة الأبطال هذه الاتفاقية في حالة موت سريري، فمنذالعام ٢٠١٤ والإقليم في حرب مستمرة مع"داعش" رداً للعدوان، وحفاظاً على الأرض والعرض بعد أن تنصَّل، و"هرب"مايسمَّى بالجيش العراقي حين وجد نفسه أمام مقاتلي التنظيم، وهو أمر طبيعي،فليس هناك مَنْ يفدي أرضه بروحه، ويدافع عنها كالكورد، فهم أصحابُ الأرض الحقيقيون، الذين لم ولن يتركوها رغم المجازرالتي ارتُكبت ولا تزال في حقهم، أصحابها الذين لم يتخلُّواعنها، وصادقوا جبالها حين تآمرعليهم الجميع، ورغم شُحِّ السلاح لم نجد أحداً إلا البيشمركة يقف مقاتلاً هؤلاء نيابة عن العالم كله.
البيشمركة ببطولاتهم يمثلون ذاك الطبيب الذي قدَّم الأدلة الكافية بألا أمل من علاج ذاك المريض، فهم أثبتوا للعالم كافة بالأدلة القاطعة أن هذه الاتفاقية التي استمرت ما يقارب ٩٨عاماً، تمر في حالة موت سريري، ومصابة أيضاً بمرض عضال، لن تنفع معها أي حيلة من حيل الدبلوماسية، أو حُقن الشراكة الوطنية المطاطية، التي يلتزم بها طرف، بينما يتنصَّل منها آخرون، وأن إنعاشها بعهود ووعود أخرى، هو مجرد إهدارٍ للمال، واستنزافٍ لمزيد من الدماء، وجعل المنطقة تدخل في حالة توتر شديدة أكثرمما هي عليها الآن.
الجيش العراقي اعترف بهروبه، وأثبت للعالم بذلك أن هذه الأرض ليست أرضه، وإلا لكان دافع عنها، كما أثبت بعمله الجبان هذا لكل المؤرخين ومَنْ يعرفون حقيقة تقسيم كوردستان، أن هذه الأرض كانت وستبقى الأرض الخالدة للكورد، وأن دولتهم لم تنشأ نتيجة استغلال الكورد الظروف الإقليمية كما يدعي الشوفينيون، الذين يسمُّونها "إسرائيل الثانية"، والقصد من ذلك تخويف العرب من إخوانهم الكورد، رغم أنهم، أي الكورد، فتحوا بيوتهم وقلوبهم للنازحين العرب والكورد السوريين دون أي تفرقة رغم مايمربه إقليم كوردستان من ضائقة مالية.
إن كل انتصار يحققها البيشمركةعلى الأرض، وكل علم كوردي يرفعونه عليها، إنما يعلنون بذلك"رسمياً"وفاة اتفاقية سايكس بيكو سريرياً في إقليمهم، ريثما يعلنون موتها الرحيم بعد تحرير بقية أجزاء كوردستان.
Top