سهرساڵ ميلاد الكون والطبيعة والجمال......نادر دوغاتي
مساء يوم الاربعاء ( الثلاثاء مساءً ) تتوقد الشموع والفتائل في كافة المزارات والمعابد المقدسة من قبل خادم المزار ( مجێۆر، فهقرا، أو دای كاباني )، وبشكل خاص في معبد لالش النوراني .
كل بيت أو عائلة إيزدية في هذا اليوم يستعد لإستقبال هذه المناسبة المباركة عند الإيزدية في العالم بكل غبطة وبهجة، حيث يقومون بسلق البيض بألوانٍ مزركشة وبأعداد كبيرة، بالاضافة الى إعداد الخبز، بالسمسم والدهن وصفار البيض(سهۆ ک)، وعمل الكعكات ( كاده و كلێچه )والحلويات ،وتقديم القرابين والذبائح، ويتم توزيع الخبز الحار مع البيض الملون واللبن الى الجيران وبشكل خاص الفقراء، و لراعي غنم القرية حصة من بيض (سهرساڵ) الملون من كل عائلة تملك الماشية والاغنام .
كذلك يجب على كل بيت أن يلصق على باب داره الخارجي باقة زهور نيسان الحمراء (شقائق النعمان) مع قشور البيض الملون .
في الصباح الباكر ومع شروق الشمس يتوجه الرجال وأبنائهم الى المزارات الدينية وزيارة القبور وثم تقديم التهاني لأصدقائهم وأقربائهم، كما يتوجه ألابناء الى أبائهم ويهنئونهم بهذه المناسبة، وبعدها تبدء لعبة المبارزة بالبيض الملون، ومن يغلب خصمه يأخذ بيضته المكسورة منه، وهنالك عدت لعبات للبيض وغالباً ألاطفال يفرحون عندما يحصلون على بيضة قوية تتمكن من كسر عدد أكبر من البيض الملون .
في هذه الاثناء تكون الأمهات قد اعددن وجبات غداء شعبية ودسمة، مثل (الباچة والكبة والدولمه)، بعد الانتهاء من تناول الغداء يتوجه الفلاحين الى مزارعهم، حاملين معهم الخبز والبيض الملون، ويأكلون البيض والخبز داخل مزارعم وينثرون قسماً منها في المزرعة لزيادة البركة في حقله،كما تتوجه النساء مع بناتهن الكبار الى المزارات الدينية، وزيارة الموتى والمقابر اخذين معهن وجبة غداء مع الخبز(سهۆک ) والبيض الملون وهناك يأكلون قسم من ألاكل ويوزعون القسم الاخر على عوائل الفقراء.
راعي الغنم له حصة من العيدانية حيث تتوجه الحلابة ( بێری)عصراً الى قطيع الغنم حيث يقترب الراعي في هذا اليوم من القرية، وتأخذ الحلابة معها البيض والخبز له، بألاضافة الى هدايا أخرى.
تكتمل فرحة ولذة هذه المناسبة عندما تجري مراسيمها في الوطن ( كوردستان )، حيث قناديل لالش النوراني تنشر نورها الساطع في كل مكان، وشقائق النعمان، والابواب المزركشة بالورود، وقشور البيض الملون، والفلاح الذي يأكل بياض البيض وينثر صفارها في الحقل ليعم الخير والبركة، وأخيراً الحلابة التي تقدم بيض العيد للراعي، ولعبة المبارزة بالبيض للصغار والكبار.
اما في المهجر فلهذه المناسبة (عيد سهرساڵ) طعم اخر، لاتوازي قط المراسيم الفطرية التي تقام في الوطن، فهنالك جالية كبيرة من ابناء الديانة الإيزدية من اجزاء كوردستان الأربعة وروسيا في جميع انحاء أوروبا وبشكل خاص في المانيا، ولهذه الجالية جمعيات ومنظمات متعددة وفي أغلب المدن الاوربية، وتقوم هذه الجمعيات باحياء حفلات غنائية وموسيقية ودبكات كوردية في قاعات الاحتفالات، حيث تأخذ كل عائلة مكاناً على طاولة وأمامهم البيض الملون والحلويات ...الخ، بعدها يتم تقديم بعض البرامج المسلية بهذه المناسبة .
كذلك هنالك مجاميع اخرى تحتفل في الطبيعة الطلقة بعيداً عن ضوضاء الصالات والموسيقى العالية، حيث يتوافدون الى ضفاف الانهر أو الحدائق العامة وعلى شكل مجاميع تأخذ معها البيض الملون وكافة لوازم العيد، وهناك يقومون بشوي اللحم وتناول ماطاب ولذ، ويلعبون لعبة مبارزة البيض...الخ
والعديد من العوائل في المهجر تلازم بيوتها في هذا اليوم السعيد، حيث يعدون طاولة الضيوف بالحلويات والکلێچه والبيض الملون، ويقضون اكثر وقتهم في هذا اليوم بالمكالمات الهاتفية لتهنئة الاصدقاء والاقارب .
نستنتج من هذه الاسطر المتواضعة حول عيد رأس السنة الإيزدية ( سهرساڵ)، بان هذه المناسبة التاريخية والمهمة عند الإيزدية لها علاقة فطرية مع الوطن الأم ( كوردستان )، وخميرتها لالش النوراني، ولايمكن إقامة مراسيم هذه المناسبة في المهجر بالشكل الذي يقام في الوطن .
وبهذه المناسبة العزيزة علينا جميعاً نتقدم بأجمل التهاني وأحلى التبريكات الى كافة الإيزديين في كوردستان والعالم، كما نتمنى الحرية والسلام لكافة الشعوب والبشرية جمعاء في كافة انحاء المعمورة، والى تحقيق المزيد من الانتصارات على جحوش داعش الإرهابيين، وتحرير أخواتنا وأخواننا من براثن الهمج الحفاة، وعودة كل النازحين الى ديارهم .
[email protected]