للخير بقية يا كوردستان...عبير جبار
أعلم أن المواقف العربية سابقاً تجاه ما تعرَّض له الكورد، هي مواقف مخجلة، ومنها اتفاقية الجزائر "سيئة الصيت"، التي أبرمت في عام 1975م، وظلم فيها الكورد كثيراً، لكن العالم بدأ يتغير، ويفتح صفحة جديدة بعيداً عن لغة الدم والثأر، صفحة ترد فيها الحقوق، وتكون العدالة الإنسانية والاجتماعية منهجاً لبناء مستقبل إنساني أفضل، يتم فيه تكريس أسس ومبادئ حسن الجوار "حتى سابع جار"، وكل ما يتبع ذلك من أبجديات عند إقامة علاقات بين دول مع بعضها بعضاً، سفير المملكة العربية السعودية لدى العراق ثامر السبهان قام بجولة مكوكية زار فيها كل مكونات الشعب العراقي بعد حالة التوتر التي سببها المالكي بين البلدين، وشملت جولته تلك زيارةً لإقليم كوردستان، والتي جاءت بعد الزيارة التي قام بها "السروك- أي الرئيس" مسعود البارزاني، رئيس إقليم كوردستان للمملكة، وأكاد أجزم بأن له اليد الطولى في عودة فتح السفارة السعودية ببغداد، وأيضاً خلال "فترة وجيزة" لا تتعدى الشهرين، تم تسريع وتيرة افتتاح قنصلية السعودية في أربيل، وهي العاصمة المستقبلية لكوردستان.
الملك سلمان في حزمه ضد أذناب الشر لم ينس أن الجوار له حق عليه، وخطوة افتتاح القنصلية هي بادرة خير، قطعت "شوطاً طويلاً"، ووفرت علي كثيراً من العمل، كنت أنوي القيام به لإعادة العلاقات العربية – الكوردية إلى الطريق الصحيح، وذلك لما للمملكة العربية السعودية من ثقل في العالم العربي والدولي، هذه الخطوة ستعود على السعودية وكوردستان "أولاً" بالخير والازدهار، لما لها من تبعات اقتصادية واستثمارية وثقافية، وسياحية أيضاً، فالقنصليات عادة ما توجد بهدف البحث عن سبل لتطوير العلاقات بين بلدين، ومن مهام هذه القنصلية أن تسهل على رجال الأعمال الراغبين في الاستثمار من البلدين، بحث سبل توفير الإمكانات المالية والمعدات التي يحتاج إليها الإقليم لينهض بصناعته وبنيته التحتية، التي أهملت من قبل حكومة العراق الفيدرالية ظلماً وعدواناً، أيضاً هي تفتح مجالاً لإقليم كوردستان لتكون لديه سوق في السعودية، يصدر إليها ما ينتجه الإقليم زراعياً، وحرفياً، وصناعياً، فتسحب بذلك السعودية البساط من تحت الدولة الإيرانية التي قامت بالاعتداء على السفارة السعودية في طهران، أيضاً تفتح مجالاً للتبادل الثقافي، خصوصاً أن هناك مخزوناً ثقافياً كبيراً لدى الكورد لم يصلنا منه إلا القليل، فأثرى ثقافتنا، على سبيل المثال لا الحصر ما أبدعه أحمد شوقي، وابن الأثير، وبديع الزمان النورسي، وبديع الزمان الجزري، وغيرهم في شتى المجالات، كما أن إقليم كوردستان يتميز بطبيعته الخلابة من شلالات وأماكن اصطياف تسر السائحين، ما يخوله لأن يكون "سويسرا الشرق" لو وجد العناية والاهتمام ورؤوس الأموال، ما من شأنه فتح باب النقل الجوي المباشر من السعودية إلى أربيل والعكس، أربيل التي كانت عاصمة السياحة العربية في عام 2014م، وستكون عاصمة السائح العربي دوماً متى ما تم الإسراع في دفع عجلة الاستثمار هناك، خصوصاً أن الإقليم بادر بإعطاء حزمة حوافز تشجيعية للمستثمر الأجنبي، والإقليم يملك عدة مصادر تساعده في توفير مخصصاته المالية "ميزانيته" دون اللجوء إلى الاستدانة أو التقشف أو البقاء تحت رحمة شروط الحكومة المركزية، المهمة الآن هي بحث ما يحتاج إليه الإقليم من منتجات تصدر إليه من المملكة، وما تحتاج إليه المملكة من منتجات الإقليم، كل ذلك في سبيل دعم الإقليم كي ينهض نهضة حقيقية، تساهم في بناء الدولة المستقلة، مازال للخير بقية يا كوردستان.