المباح... بین الفساد والاصلاح...صبحيي ساليي
والإصلاح يعني التعدیل والتحسين والعمل علی عقلنة الحياة العامة بالإعتماد على مقاييس إيجابية محددة، ولا يمكن تسمية أي عملية تغيير بالإصلاح إلا إذا ضمنت تجاوز الأخطاء والإخفاقات والإنتقال بالمجتمع الى مرحلة متقدمة وحديثة تواكب العصر ومتغيراته وتراعى المتطلبات والاحتياجات المادية والمعنوية التي تتطابق مع القيم الانسانية والحضارية المرتبطة بالإنتماء والولاء للشعب والوطن، وبالذات إذا أحدثت تغييراً فعلياً ونقلة نوعية في حیاة المواطنين وإراداتهم، وأنهت الإنقسامات والشروخات ودحرت أفكار التجزئة والتشرذم، وعززت الوعي الرافض للصراعات والمواجهات التي تؤثر سلباً على القدرة في مواجهة التحديات.
الإصلاح في الإقليم بمعناه الشامل يجب أن ينحى منحى التدرج والشفافية ويركز على المضمون وينفتح على الشعب لإبداء رأيه تجاه السياسات والخطوات التي تجسد روح المواطنة وتشيع العدل والمساواة بين الناس، وفي الوقت ذاته يتوجب على (الإصلاح) أن يستأصل الفوارق المستندة على أسس الانتماءات السياسية والمناطقية الضيقة، والإصلاح الذی نبتغیه والذی نریده أن یحقق لنا النقلة النوعية، فإنه سيتسبب حتماً في خسارة البعض، وهذه المعادلة ستفرز بین المناصرین والمعارضین له وفق المصالح البائنة والمتناقضة، وبالذات عندما یتجه (الإصلاح) نحو تطبيق العدالة ورصد المخالفات وتعقیب الفساد، والإثراء المشبوه أو غیر المشروع، لذلك لایمكن توقع إستقبال العملیة الإصلاحیة التي دعا اليها السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كوردستان، من قبل الجميع بالترحیب والتصفيق، وأخطر أنواع المعترضین الذين سيواجهونها وسیحاولون زعزعة الثقة بها، والذین یمكن أن یعقدوا الامور ویماطلوا ویناوروا فی تنفیذ التوصيات والمقترحات والقوانين والقرارات الاصلاحية سیمثلون دائما بعض الشخصیات الثرية، وكذلك، المتمسكة بمواقع مهمة فی الحكومة والقریبة من الكتل السياسية المتنفذة والتي أدمنت الباطل وإعتادت الخبث سبيلا لجني الثروات والوقوف على أغصان التشبث بتلابيب الفساد، وخاصة وأنها على دراية بالأسالیب الشاذة والمخالفة للقوانين في ممارسة الفساد، من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه الرموز تعلم أن مواقعها ومغانمها وهيمنتها وامتيازاتها ستصبح في مهب الریح، لذلك فإن هؤلاء سیتصدون للعملیة الإصلاحیه برمتها، وربما سيصابون بالهستريا ويتهورون ويشذون عن الأعراف القانونية والاجتماعية والإنسانية وسیحاولون خرق كل الحدود الأخلاقية، كما سيتمادون في غيهم لیحافظوا على مصالحهم الشخصية، وسیلجأون الی تسجيل وقائع وأحداث مختلفة ومتناقضة حول أسباب الإصلاح ومبرراته والنتائج التي تترتب عليه، وربما الى شن حرب التهكم والسخرية من القائمين به وتسفیهه من خلال خداع الناس البسطاء والوسائل الاعلامیة التي تسوق الضغائن و الكراهيات والأحقاد، وسيحاولون زج ذیولهم الاعلامیة والمتواطئين معهم في معارك جانبیة وجديدة، ومتاجرات ومزایدات سیاسية بعيدة عن المصالح الوطنية والقومیة والانسانیة، وربما سينحدرون الى مستنقع إثارة المواضيع المثيرة للفتنة.
وفي الجانب الاخر، فإن القوى المخلصة والتی تعیش هموم الشعب، وتدرك حاجة الاقليم الماسة والفورية الى الاصلاح، والواثقة من قدراتها وشجاعتها وصواب ممارساتها، يجب أن تعلم أن الفرص تمر مر السحاب، وعليها سرعة استثمارها قبل ضياعها، ووضع النقاط على الحروف، وفك القیود عن المعاصم لتتجاوز الماضي وعقده، وللتخلص من أثقال الحاضر وإرهاصاته، والتحرك بجدیة من اجل إصلاح االأخطاء وإجراء العمليات الجراحية اللازمة لمعالجة الإخفاقات وتجفيف منابع الفساد، وتشخص الحاجات الأولویة وإستنباط الحلول الجذرية، والسير نحو المستقبل بثقة من خلال دعم ومساندة توجهات الرئیس بارزانی والاسهام فی الاصلاح واعادة تنظيم كل الأمور على أسس صحيحة وواقعية وشفافة.