حالها كحال سد الموصل...صبحي ساليي
الغالبية تتكلم عن هذه الحكومة السوء، ولا أحد يدافع عنها وعن تطلعاتها، وحتى العناصر المنتفعة منها تلازم السكوت، خصوصًا في ظل التراجع المريب لسعر النفط، ووصول الفساد الى الركبتين، ونزول الأطراف المشاركة فيها عند رغبات الذين أرادوا إفشالها قبل أن تولد.
هذه الحكومة، تعيش وضعاً لايختلف كثيراً عن وضع سد الموصل الذين يقال عنه، إنه سينهار، ويقال عنه أيضاً، إنه سيصمد بسبب حقنه بأطنان من الإسمنت، الحكومة تواجه المطالبات السلمية والاحتجاجات والتظاهرات القائمة بوتائر مختلفة ضد سياساتها في غالبية المدن، باحتواء تلك المطالبات بإجراءات إصلاحية بدائية وترقيعية وهامشية، وتحاول إضعاف همة الداعين لإصلاحها بالمراهنة على كسب الوقت وإتعابهم، وكسر شوكتهم من خلال عدم حمايتهم أو عدم التحرك عند تعرضهم للإهانة والخطف والتعذيب والتغييب، أما مشكلاتها وعلاقاتها المتوترة مع دول الجوار (عدا ايران، وسوريا التي لاحكومة فيها، وفيها حكومات متعددة) ومع الكورد والعرب السنة، فإنها تسير كل يوم من سيىء الى أسوأ.
هذه الايام نسمع دعوات الى تشكيل حكومة تكنوقراط، مثلما نسمع بمقترح بناء جدار خرساني خلف سد الموصل، وهذا الجدار المقترح، وحكومة التكنوقراط المقترحة لايختلفان في إستحالة صدهما لمليارات الامتار المكعبة من المياه ولأمثالها من المشكلات والازمات السياسية والاقتصادية والادارية.
سد الموصل يعاني من الاهمال السياسي والفساد الاداري والمالي، والحكومة حائرة ومتخبطة، لذلك تعد ولاتستطيع أن تفي بوعودها، وتتهرب من حل مشكلاتها العالقة مع الاقليم وإلتزاماتها الدستورية بأعذار واهية وغير مقبولة، خوفا من مراكز القوى المنتشرة فيها، وحولها، وترضية لرغبات شوفينية حاقدة تريد تهميش الكورد.
هذه الحكومة وسد الموصل مبنيان على صخور كلسية تتآكل مع الايام، الحكومة، تعمل وفق أجندات معادية للفيدرالية والديمقراطية، رغم أنها على يقين أنها أمام مسؤوليات مضاعفة، وعوائق كثيرة، ومخاوف كبيرة، وتعلم إنه لو استمر الحال على ما هو عليه ولم يعالج ستكون النتائج وخيمة وكارثية، وتعلم أن ما يعانيه المواطن من الاحباط قد يؤدي الى الثورة والمطالبة برحيلها، ولكن، رغم ذلك لا تبحث عن حل سياسي يساعد على الخلاص من الفساد وتحقيق الحرية والكرامة، بل تريد الوصول إلى هدوء بينها وبين الآخرين لكي تقوم بتوظيف هذا الهدوء ضد الكورد، ولكن, هل يمكن للكورد أن يسكتوا على الدوام ويصمتوا تجاه ممارساتها تجاههم وتجاه حقوقهم باسم الدين والدستور والديمقراطية ووحدة البلاد ضمن عملية سياسية أثبتت الأيام فشلها، كفشل بناء سد الموصل، وإنهم (أي الكورد) بالأساس يرفضون الاذعان والخضوع لشروط تعجيزية ؟؟
خلاصة القول، هذه الحكومة (حتى الآن) تتصرف بشكل مؤذٍ على النحو الذي يؤدي إلى إجهاض العملية السياسية في البلاد، سواء من ناحية الضغوط تجاه الاصدقاء أم من ناحية التصعيد والاملاءات تجاه غيرهم، أو محاولة فرض الكلمة على الارض والمراهنة على تغيير موازين القوى في العراق والمنطقة وكسب الوقت ولوكان ذلك على حساب الاضطرابات والفوضى، لذلك لا توجد دلائل على توجهها نحو الاستقرار ويبدو أنها ستغادر الساحة المزدحمة بالمشكلات والعقد، كحال سد الموصل الذي يبدو وحسب تقارير الخبراء إنه سينهار.