العراق والوحدة المزعومة....سربست بامرني
ان أي اعادة لعراق موحد ارضا وشعبا غير ممكنة عمليا، فقد تركت السنوات العجاف الماضية وفشل الدولة الدينية والعملية السياسية المزعومة جروحا عميقة في الجسد العراقي وحتى داخل الاسرة العراقية التي كانت ايام زمان ابعد ما تكون عن الفكر الطائفي الهدام، والحديث عن مصالحة وطنية واتفاق يجمع كل الاطراف حول برنامج وطني للإصلاح كان ولايزال حبرا على ورق وحديث خرافة حقا مع تزايد حالة العداء القومي والطائفي وتفاقم الانقسام المجتمعي وعدم جدية السلطة في اتخاذ أي خطوة من شانها تعزيز الثقة بالمستقبل من خلال مصالحة وطنية حقيقية واصلاح جذري للعملية السياسية المشوهة، ولذا يبدو واضحا ان كل مكون من المكونات الرئيسة يسعى لتحقيق اهدافه بعيدا تماما عن اهداف ومشاريع المكونات الاخرى، وعلى الاغلب مدعوما من قبل قوى اقليمية ودولية تجد في هذا الصراع طريقا لتحقيق اهدافها.
لما سبق يبقى اتفاق هذه المكونات حول التقسيم الودي هو افضل الحلول الواقعية الممكنة حقنا للدماء ومنعا للمزيد من الدمار والتخريب. ومن هنا يأتي الموقف الوطني الكوردي اكثر واقعية وجدية لتجنب الكارثة الوشيكة واكثر حرصا على مستقبل العلاقة بين الاطراف العراقية، واذا كان السنة والشيعة واغلبيتهم من قومية واحدة لا يستطيعون العيش معا فلماذا يجب اجبار الشعب الكوردي على القبول بالوحدة المزعومة غير المجدية والفاشلة بكل المقاييس ولماذا يتهم الكورد بتقويض الوحدة الوطنية العراقية مع ان الطرفين الاساسين السنة العرب والشيعة العرب في صراع دموي في اغلب مناطق الاحتكاك ومفاصل الدولة والسلطة وليس هنا أي ضوء في نهاية النفق الطائفي المظلم؟.
الشعب الكوردي غير ملزم باي شكل من الاشكال في ان يكون جزءاً من هذا الصراع العبثي المتعارض مع مصالحه القومية والانسانية ويقف على مسافة واحدة من الطرفين السني والشيعي، واذا كان هناك من افرط ويفرط في الوحدة الوطنية فهو قطعا ليس الطرف الكوردي الذي ونتيجة لهذا الصراع الخرافي يجد من حقه حماية مصالحه الوطنية الاستراتيجية، ولذلك فالاستفتاء المقرر اجراؤه حول تقرير مصيره بنفسه عدا عن كونه حقا مشروعا فهو جرس انذار اخير لبقية مكونات العراق الاساسية، فإما وحدة اختيارية قائمة على العدالة والمساواة واحترام حقوق كل طرف وبناء دولة ديموقراطية علمانية بعيدا عن الطائفية والمحاصصة وفرض سلطة مكون واحد، واما التقسيم وفق احكام العدالة والقوانين الدولية في هذا المجال.
من المؤكد ان شعب اقليم كوردستان لن يقبل بهذه الفوضى الشاملة والحصار الاقتصادي وحرمانه من حصته في الميزانية الفيدرالية ناهيك عن الحملة الظالمة لكل ما يخص الكورد واحزابهم وقياداتهم واتهامهم بشتى النعوت والمحاولات المشبوهة الجارية لتهجير الكورد من العاصمة بغداد ومن العديد من المناطق المشتركة والمتنازع عليها مما يعني شيئا واحدا لا غير هو ان اعادة احياء العراق الموحد والوحدة الوطنية المزعومة اصبحت صعبة جدا مالم تكن مستحيلة وهو ما تؤكده الوقائع على الارض، فهل من يسمع؟