• Sunday, 22 December 2024
logo

الثوابت لا تتغير في كوردستان....صبحيي ساليي

الثوابت لا تتغير في كوردستان....صبحيي ساليي
في الواقع الكوردستاني الحالي الذي يصفه البعض بالمتأزم والصعب، ويتوقع البعض الآخر ان تؤدي تداعياته وتطوراته الى فتح ملفات أخرى تتداخل فيما بينها، عناصر موضوعية كفيلة بوقف الازمة والخروج منها، وتسهيل الصعاب والشروع بمرحلة جديدة تبدأ من تصحيح بعض المسارات التي خرجت عن سككها، نظراً لكون الكوردستانيين يمتلكون رؤى ومتبنيات متكاملة للنهوض، وادوات وتقنيات لمواجهة الازمة تبعا لحركة الواقع ومتطلباته، والقدرة على الانفتاح على الاولويات والتحديات ومغادرة التصعيد ومحاربة الفساد، وانتهاج الحوار والتفاوض والركون الحتمي الى منهج التسويات الوطنية والسياسية التي تضع المصلحة العامة للإقليم في أول سلم أولوياتها.
الكوردستانيون ورغم شعورهم بالغبن السياسي في المنطقة وعمق المآسي التي مروا بها، يتفهمون الظروف الاعتيادية والاستثنائية ويؤمنون بقدرتهم وقدرة قيادتهم على تجاوز المحن وهم أناس متزنون ومتفائلون يفهمون حركة التاريخ ومعطياته العلمية والفكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية، لايكابرون ولايعاندون ويرفضون الإستسلام لليأس، وبصلابتهم النضالية وضعوا المرتكزات المادية والتشريعية لكيان وطني واضح المعالم، ولايعانون من ضبابية الرؤية أوغياب الإرادة، وما يميزهم عن الآخرين هو انهم ظلوا متصالحين مع ذواتهم ومبادئهم رغم خلافاتهم وإختلافاتهم، وهم غير مدفوعين بعقد التسلط او الانتقام وضغائن الثأر ولم يتعسفوا في استخدام السلاح الذي حملوه مكرهين دفاعا عن الوجود والشرف والوطن، وقد جسدوا هذه القيم في مسيرتهم النضالية الطويلة.
هذا الشعب مر بفترات طويلة قاسية من العوز المادي بعد إنتفاضة آذار 1991 والتحرر من سيطرة البعث الفاشي، ولأن أبناءه كانوا مقتنعين مبدئياً بقيمة هذا الصبر وجدواه في رسم مستقبلهم، فقد صبروا وتحملوا وأداموا حياتهم بكرامة وإيمان وسعوا من أجل تحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة. وهم اليوم يبحثون عن حل لأزمتهم المالية التي جاءت نتيجة لأسباب معروفة، وعن الصفاء لأجواء سياسية إختلت بعد تصريحات غير واقعية من قبل بعض المسؤولين والسياسيين وأدت الى التشنّج في الآراء والمواقف وبالتالي الى ضعف العلاقة بينهم وبين مؤيديهم في الشارع الكوردستاني..
ممثلو الكوردستانيين يبحثون اليوم عن حلول واضحة وجذرية تنظم الحياة في الاقليم وتستجيب وتتفاعل مع مطالب وإرادة المواطنين، ويؤكدون على تفادي تأجيل الحلول، النقاط الواردة في البلاغ الصادر عن الاجتماع الذي عقد بين رئيس الاقليم وممثلي (22) حزباً سياسياً كوردستانياً تصلح لأن تكون خطة للحوار والتفاهم وبرنامج عمل وخارطة طريق تضمن الحركة الآمنة حتى فوق حقل من الالغام وصولا الى حلول تضمن مصالح الجميع. وخصوصا بما احتواه من اشارات وتأكيدات وما يمكن قراءته بين سطوره حول نتائج الاجتماع الذي تناول القضايا الحساسة في الإقليم ومنها الأزمة المالية وقضية المصالحة بين الأحزاب الكوردستانية وموضوع الاستفتاء على تقرير المصير. وكذلك أهمية اللجنة المشكلة، التي تضم شخصيات مؤثرة، والتي تم منحها صلاحيات واسعة للاتصال بكافة الأحزاب لمعرفة مواقفها تجاه القضايا المطروحة، وضمان مشاركتها في الاجتماع القادم وتحقيق التوافق بينها انطلاقا من أن لغة الحوار يجب ان تكون هي السائدة للتوصل إلى القواسم المشتركة لحل الأزمات والخلافات وتقديم تقريرها وتوصياتها في الاجتماع المقبل لرئيس الإقليم مع الأحزاب في السادس من شباط، وإعادة تفعيل برلمان الإقليم للقيام بواجباته، وخاصة ما يتعلق بإصدار القوانين الهامة والمساهمة بحل أزمات الإقليم، وتفعيل مفوضية الانتخابات في الإقليم للقيام بعملها في الإعداد للاستفتاء على مصير الإقليم الذي يتوقع ان يتم قبل نهاية العام الحالي.
على العموم يمكن القول بإنه مهما تغيرت المواقف في كوردستان، الثوابت لا تتغير لاسيما تلك التي تتجسد في التعبير عن التفاؤل بقرب توصل الأحزاب الكوردستانية إلى حلول لأزمات الإقليم المالية والسياسية والدستورية، ولايتغير الحديث عن ضرورة تنظيم الاستفتاء وعن تغيير نمط العلاقة بين الإقليم وبغداد بما يضمن تحقيق طموحاتنا المشروعة..
Top