المشروع الكوردي ليس هروبا الى الامام...سربست بامرني
في هذا السياق تناول البعض المشروع الوطني الكوردي والاستفتاء المقرر اجرائه في إقليم كوردستان العراق باعتباره هروبا الى الامام ومحاولة من قبل القيادات الكوردية لتغطية الوضع السيء الذي يمر به نتيجة الازمة المالية الخانقة والصراع السياسي الداخلي بين الكتل والأحزاب الكوردستانية حول النظام السياسي في الاقليم.
ابتداءً المشروع الوطني الكوردي ليس وليد اليوم ولا هذا العقد ولا هذا القرن، ومن يقرأ التأريخ يعرف ان النضال الوطني التحرري الكوردي في صورته العصرية الحالية على الأقل بدأ مع بروز بوادر انهيار الإمبراطورية العثمانية ومن ثم سقوطها وتوزيع تركة الرجل المريض بين القوى العالمية المؤثرة يومها والتي لم تراعِ في رسم خارطة المنطقة إرادة شعوبها وانما خلقت دولا من تجميع العديد من المكونات المختلفة قوميا وثقافيا واطلقت عليها تسمية الدولة الفلانية ربما لنسف هذه الدول وقتما تشاء بتحريك النعرات العنصرية والطائفية والدينية لهذه المكونات غير المنسجمة مع بعضها البعض وهو ما نراه حاليا.
ثانيا المشروع الكوردي ليس مشروعا استعماريا استيطانيا تقوده وتقف ورائه أبشع صور العنصرية المقيتة التي مارست كل صنوف الجرائم اللاإنسانية بحق شعب كورستان في أجزاء وطنه كجرائم الإبادة الجماعية بالأسلحة الكيماوية والجرثومية المحرمة دوليا وجرائم الانفال والقتل على الهوية والتهجير والترحيل واجراء التغييرات الديموغرافية .....الخ وانما هو مشروع شعب مضطهد مجزأ الوطن كالشعب العربي بالإضافة الى حرمانه من حقه المشروع في الحرية وتقرير مصيره بنفسه.
ثالثا المشروع الكوردي هو التعبير المركز والامثل المتفق مع المشروع الديموقراطي الوليد في المنطقة، فلا ديموقراطية حقيقية مع الوحدة القسرية وإلغاء الاخر ولا ديموقراطية مع حرمان شعب من حقه في الحياة الحرة الكريمة ولا غد ديمقراطي مع هذا الحرمان.
رابعا الاستفتاء الذي هو من ابسط الحقوق والممارسات الديموقراطية يراد به عمليا الرجوع الى شعب الإقليم وتحديد موقفه ككل وليس موقف حزب او كتلة سياسية او منظمة، سواء كانت هذه الإرادة مع الاتحاد الاختياري او مع التقسيم الودي بالاتفاق مع بقية الشركاء في العراق الحالي وهي ممارسة ديموقراطية لا يحلم بها المتصيدون في الماء العكر ويتهمون الكورد بتمزيق الوحدة الوطنية العراقية، فالكورد لم يطالبوا بالانفصال ولم يتخذوا اية خطوات عملية بهذا الصدد، ولكن الطرف الذي يحاول الانفصال ويتخذ خطوات عملية بهذا الاتجاه هو الدولة الفيدرالية العراقية التي تواصل عن عمد وسبق إصرار ممارساتها الاستفزازية التي تجبر شعب كوردستان على الانفصال كالحصار الاقتصادي وحرمان الإقليم من حصته في الميزانية وعدم الاعتراف بالبيشمه ركه كقوات نظامية والمحاولات الفاشلة لعرقلة عمل حكومة الإقليم والمحاولات العبثية لتفتيت وحدة البيت الكوردي.
حكومة بغداد بممارساتها ومواقفها حتى الان على الاقل هي التي تسير وبسرعة نحو الانفصال وليس الكورد ولا مشروعهم الوطني الديموقراطي.
ان اتهام القيادة الكوردية بالهروب الى الامام من خلال الاستفتاء هرطقة تثير السخرية حقا، فالحراك الديموقراطي والصراع الحزبي السلمي في إقليم كوردستان دليل عافية وتطور وتقدم المشروع الكوردي وترسيخ لأحد اهم مقومات الديموقراطية وهو احترام الاخر، كما ان الازمة المالية ليست حكرا على كوردستان رغم وجود حوالي مليوني لاجئ، فأغلبية دول العالم خاصة دول المنطقة وفي مقدمتها العراق تعيشها بسبب هبوط أسعار النفط عالميا وجملة أخطاء في الممارسات المالية والاقتصادية ناهيك عن المحاولات المتعمدة سواء من قبل السلطة الاتحادية او من قبل القوى الإقليمية المتضررة من تقدم المشروع الديمقراطي الكوردي لوأد هذه التجربة وسد كل الطرق امام تطورها وتقدمها لما يشكل هذا التقدم من تهديد حقيقي على البقية الباقية من الأنظمة الدكتاتورية وعلى الممارسات العنصرية العفنة التي تجاوزها العالم المتحضر.
المشروع الوطني الديمقراطي الكوردي بخير ويسير بثبات نحو الامام لا لصالح شعب كوردستان فحسب وانما لصالح شعوب المنطقة وكل محبي الحرية والسلام والتقدم.
فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
[email protected]*