• Sunday, 22 December 2024
logo

شناشيل الشبح الكوردي مرّ من هنا!....عدنان حسين

شناشيل الشبح الكوردي مرّ من هنا!....عدنان حسين
يبدو أنه صارت مهمة مقدسة لدى البعض في بغداد وغيرها من المدن، أن يلعن الكورد وقادتهم كلما سعل شيخ في العمارة، أو أصيب طفل بالنكاف في إحدى مدارس مدينة الثورة ببغداد، أو إذا ما انخفض منسوب شط الهندية أو شط الحلة فلا تعود مياهه تصل إلى المزارع والبساتين الممتدة على ضفتيهما.
الكورد وقياداتهم، كما يرى هذا البعض، هم مصدر كل الشرور المتخمة بها حياتنا .. لم يكن نظام صدام الدكتاتوري هو هذا المصدر، ولا النظام المحاصصاتي الفاسد الحالي هو المصدر.. الكورد وقياداتهم ولا أحد غيرهم سبب كل بلوى تنزل فينا ومحنة تحيق بنا. عند زاوية كل زقاق من أزقتنا المفروشة بالأزبال والنفايات، وخلف كل عمود كهرباء لا يتدفق فيه التيار إلا ساعة واحدة أو أقل كل أربع ساعات، وعند كل وكيل حصة تموينية لا يوزع إلا حصة شهر واحد لا تصلح للاستهلاك البشري كل ثلاثة أشهر، يكمن متآمر كوردي، هو السبب في هذا الجحيم الذي يشوينا شيّاً في الصيف وفي الشتاء.
آخر المؤامرات الكوردية، كما يكتشف هذا البعض، "الخندق العظيم" الذي يشقّه الكورد الآن على طول حدود بعض مناطق الإقليم مع المناطق التي إحتلها داعش (ذلك الإحتلال كان هو الآخر مؤامرة كوردية، ولا دخل لقيادات نوري المالكي العسكرية والأمنية به، فهي قاتلت قتال الأبطال حتى آخر رصاصة وآخر قطرة دم!).
قبل سنوات عندما بدأت السلطات في إقليم كوردستان بتطبيق إجراءات أمنية بخصوص الداخلين إلى الإقليم من الوسط والجنوب، بينها تزكية مُعرّف أو كفيل، للحؤول دون دخول عناصر الإرهاب إلى الإقليم بعدما تكرر حدوث تفجيرات إرهابية والقبض على عناصر إرهابية، ضجّ أصحاب نظرية المؤامرة الكردية بأن الإجراء مؤامرة كوردية لفصل الإقليم عن العراق ولإعلان الدولة الكوردية المستقلة. وإذ نجحت التجربة في حماية الإقليم من الإرهاب، أخذت بها محافظات الوسط والجنوب، فلم يعد بالإمكان الآن دخول محافظة كربلاء أو النجف أو البصرة أو الناصرية وسواها من دون وجود معرّف أو كفيل. وما من شكّ في أن ما تتمتع به هذه المحافظات حالياً من أمن واستقرار يرجع الكثير من الفضل فيه إلى هذا الإجراء، أو "المؤامرة الكوردية" كما كان يُنظر إليها.
أكثر من هذا أن فكرة الخندق الكوردي لدفع شرّ داعش ليست إبنة اليوم، فبعد احتلال داعش ثلث مساحة البلاد ابتداء من الموصل ووصولاً إلى مشارف العاصمة بغداد في حزيران 2014 ، أعلنت قوات البيشمركة أنها تعتزم حفر خندق خارج مدينة أربيل لوقف هجمات داعش باتجاه المدينة لاحتلالها، وقد صادفت تلك الفكرة هوى لدى محافظ بغداد علي التميمي الذي أعلن في منتصف تموز من ذلك العام ان محافظة بغداد "طلبت من قيادة عمليات بغداد تنفيذ حفر خندق حول مناطق الأطراف في العاصمة منعًا لأي تدخل سافر لعناصر تنظيم داعش وحماية أهاليها من أي تدخل إرهابي متوقع أسوةً بالخندق الذي نفذته محافظة أربيل لتأمين أسوارها"... يومها لم يتحدث أحد عن مؤامرة شيعية – صدرية (السيد التميمي من التيار الصدري) مثلاً لفصل العاصمة.
مؤكد أن هذا الكلام لن يغيّر في موقف أصحاب المهمة "المقدسة" الذين يطاردهم الشبح الكوردي الذي هم خالقوه، حتى إلى مخادعهم الزوجية.

المصدر: المدى
Top